في الحرب التجارية بين إسرائيل والسلطة الطرفان يخسران

2
2

هآرتس

بقلم: هجار شيزاف

اضافة اعلان

16/2/2020

ايهاب، وهو تاجر فلسطيني للخضار والفواكه في غور الاردن وصاحب بسطة في شارع 90، كان شاهدا قبل بضعة ايام على مشهد مختلف. سيارة في صندوقها الخلفي موز يجلب الانتباه بشكل خاص، تجمع حولها تجار للفواكه من المنطقة وحاولوا شراء الـ 10 كغم من الموز، التي مؤخرا كان يمكن ايجادها في كل مكان، لكن في الوقت الحالي تحول الى سلعة نادرة وثمينة.
حبات الموز ما تزال متصلة بالقطف، ولم يتم وضعها في صناديق خاصة مكتوب عليها بالعبرية، مثلما هي العادة. وقد تم بيعها للتجار بمبلغ 7 شيكلات للكيلو. في السابق كان سعر كيلو الموز 1.5 شيكل. وقد تم تهريبه من اسرائيل الى الضفة الغربية في سيارة مع لوحة ترخيص اسرائيلية، الامر الذي سهل عبورها في الحاجز بين غور الينابيع وغور الاردن بدون فحص، قال ايهاب.
الموز تحول الى سلعة ثمينة في الضفة بسبب قرار وزير الدفاع نفتالي بينيت في نهاية الشهر الماضي منع استيراد المزروعات من الضفة الغربية. هذا القرار أدى الى رد مشابه من قبل السلطة الفلسطينية التي منعت استيراد الفواكه والخضراوات من اسرائيل، فواكه كثيرة يتم بيعها في الضفة هي مستوردة من اسرائيل، ووقف الاستيراد أدى الى ارتفاع الاسعار، ايضا اسرائيل تعاني من وقف العلاقة الزراعية مع السلطة. وحسب اقوال مدير عام منظمة منتجي الفواكه في اسرائيل، يارون بلحسن، في فرع الموز الاسرائيلي يصدرون الى الضفة الغربية وقطاع غزة 500 – 1000 طن في الاسبوع.
الحرب التجارية التي بدأت قبل بضعة اشهر عندما قرر رئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، وقف استيراد العجول من اسرائيل الى مناطق السلطة، كجزء من محاولة تقليص تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الاسرائيلي. وحسب معطيات منسق اعمال الحكومة في المناطق، فقد تم قبل هذا القرار استيراد بالمتوسط 10 آلاف رأس عجل شهريا، 60 % من استهلاك اللحوم في الضفة وغزة. واسرائيل ردت بفرض عقوبات على السلطة، منها سحب تصاريح الدخول لتجار ورجال اعمال فلسطينيين ومنع ادخال الابقار التي تم استيرادها من اماكن اخرى.
في اعقاب الضغط توصل الطرفان الى اتفاق لاستئناف استيراد العجول من اسرائيل، وفي المقابل بدأت السلطة بالاشراف على عدد من العجول التي تدخل الى الضفة، وقامت بتنظيم آلية تصاريح استيراد للمستوردين. وحسب معطيات مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق فانه في الشهر الذي جاء بعد انتهاء الازمة تم استيراد نحو 13 ألف رأس عجل من اسرائيل. جمعية مربي العجول في اسرائيل لم تكن راضية عن ذلك وطلبت الغاء طريقة التصاريح التي حسب ادعائها تعطي افضلية لمقربي السلطة. وحسب اقوال مصدر مطلع فان هذا الادعاء لم يتم اثباته. بينيت استجاب للطلب واعلن عن منع دخول البضائع من الضفة الى اسرائيل في محاولة للضغط على السلطة من اجل التوقف عن استخدام آلية التصاريح.
ونتيجة للحرب التجارية، شرح بلحسن، انه تم اغراق السوق الاسرائيلية بالموز، حيث سعره انخفض من 4 شواقل الى 2.5 شيكل للكيلو. وهذه خسارة كبيرة للفرع. وحسب معطيات وزارة الزراعة الاسرائيلية فإن سعر الموز للمستهلك انخفض في الاسبوع الماضي بـ 4 % عما كان في الاسبوع الذي سبقه. في نهاية الاسبوع الماضي شددت اسرائيل قيودها واعلنت بأنها ستمنع الفلسطينيين من نقل المنتوجات الزراعية في جسر اللنبي، وهو الحدود بين الضفة والاردن وبوابة الخروج الوحيدة من المناطق الى العالم.
المتضررون الاساسيون من هذا القرار هم المزارعون الفلسطينيون. وحسب معطيات وزارة الزراعة الفلسطينية فإنه في العام 2018 بلغ التصدير الزراعي من الضفة الى اسرائيل 88 مليون دولار، 68 % من التصدير الزراعي من الضفة. في غور الاردن، احد المناطق في الضفة التي فيها الزراعة هي فرع رئيسي، فان تأثير الحرب التجارية اصبح ملموسا، حيث أن اسعار الخضراوات انخفضت بسبب اغراق السوق الفلسطينية بالسلع.
مهند، وهو مزارع وتاجر في قرية بردلة وأب لسبعة أولاد، يصدر 80 % من انتاجه للسوق الاسرائيلية. "قبل قرار بينيت كنت ابيع صندوق الخيار بـ 60 شيكلا، أما الآن فأنا أبيعه بـ 25 شيكلا"، قال. مهند الذي يزرع الباذنجان والكوسا والخيار، يزرعها حسب اتفاقات مع تجار من اسرائيل، لذلك فان حقله متوافق تماما مع احتياجات السوق الاسرائيلية. وحسب قوله من الأجدى زراعة هذه المواد في الضفة لأنها تحتاج الى أيد عاملة كثيرة، ومتوسط الاجور في الضفة أقل بكثير مما هو في اسرائيل.
المزارعون الفلسطينيون ونظراؤهم في اسرائيل يحاولون محاربة هذه القيود بواسطة تهريب المنتوجات على جانبي الحاجز في منطقة بيسان. وحسب اقوال مهند، في يوم الثلاثاء الماضي صودرت ثلاث شاحنات نقلت الخضراوات من الضفة الى اسرائيل، والخسارة كانت 40 ألف شيكل.
على أحد مداخل بردلة كان هناك 8 فلسطينيين من المنطقة يعبئون الخيار والكوسا والبطاطا في صناديق عليها كتابة بالعبرية. منير، المزارع والتاجر الذي اشرف على العمل، قال بأنه شعر بالخسارة الاقتصادية من الاسبوع الذي اعقب اغلاق المعابر. "هذا هو الوقت الافضل للمزارعين في المنطقة"، قال، "من الآن وحتى شهر حزيران نحن نقطف ونزرع مرة اخرى. ولكنني لا أنوي زراعة الكوسا الآن، لأنني ببساطة لا أعرف ماذا سأفعل به".
النقص واضح ايضا على بسطة فواكه ايهاب. الفواكه يشتريها من سوق الجملة في نابلس. والآن يوجد لديه عدد من صناديق الحمضيات، التي حسب قوله كانت توجد في الثلاجة مدة اسبوع. بعد ذلك قيل له في السوق بأنه لن يكون له المزيد من الحمضيات اذا لم يتغير الوضع. في السابق كان سعر كيلو الليمون 2 شيكل، أما الآن وصل السعر الى 6 – 7 شواكل. وقد قال ايهاب إنه باستثناء الحمضيات يوجد لديه عدة صناديق للتوت التي هي من انتاج غزة. "بصفتي تاجر للفواكه اقول بأنه لا يوجد لنا أي بديل عن السوق الاسرائيلية"، قال. وعندما سئل عن الحرب التجارية اضاف بأن "الطرفين يتضرران، لكن في حين أن الاسرائيليين يمكنهم بسهولة الاستيراد من اماكن اخرى، فنحن في هذه الاثناء لا توجد لنا سوق بديلة. كان يجب ايجاد سوق كهذه قبل اتخاذ هذه الاجراءات".
مدير عام شركة "تسيمح بنانوت" التي توجد في غور الاردن، موشيه نافون، قال إنه في الموسم الحالي تسوق الشركة بشكل عام خُمس الانتاج في الضفة الغربية وغزة. وحسب قوله في كل سنة الشركة تصدر نحو 10 آلاف طن موز الى المناطق. وقال إنه خلافا لفواكه اخرى، الموز لا يمكن الاحتفاظ به لفترة طويلة بعد انضاجه، ولا يمكن ابقاءه على الاشجار، عندما يصل الى النضج الجزئي بدون أن يتضرر. لذلك، الضرر في هذا الفرع فوري بشكل أكبر. "في هذه الاثناء نحن نحتفظ بالفواكه على الاشجار ونرميها بعد ذلك"، قال نافون، "ما يوجد في بيت التعبئة وما لا يمكننا اخراجه الى المناطق يتم اتلافه أو يتم بيعه بثمن بخس في الاسواق. من المؤلم رمي الفواكه، لكن ايضا بيعها في اسواق الجملة سيحطم الاسعار".
وقد جاء من مكتب وزير الدفاع "في اعقاب المقاطعة المستمرة التي فرضتها السلطة الفلسطينية على مربي العجول في اسرائيل والتي اضرت بشكل كبير بمئات المزارع، قرر وزير الدفاع منع استيراد المنتوجات الزراعية من السلطة لاسرائيل. وايضا فرض عقوبات اخرى. ادعاءاتكم غريبة على اقل تقدير، لأن المزارعين الاسرائيليين هم الذين توجهوا لوزير الدفاع من اجل التدخل في المسألة. وحتى أنهم أيدوا بشكل علني القرار. يجب على السلطة الفلسطينية انهاء المقاطعة أحادية الجانب لصالح الطرفين. وعندما سيرفع الفلسطينيون المقاطعة فإن التجارة بين السلطة واسرائيل ستعود الى السير بصورة سليمة".