في الزلازل وأخبارها

خالد دلال لعل الزلازل وأخبارها، إن جاز التعبير، هي السائدة هذه الفترة، ليس على مستوى المختصين فحسب، بل على ألسنة عموم البشر، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، التي شهدت زلزالا مدمرا ضرب فجر السادس من هذا الشهر مناطق واسعة جنوب تركيا وشمال سورية بقوة 7.8 على مقياس ريختر، ليصل عدد ضحاياه إلى ما يقرب 50 ألفا حتى اليوم، والرقم مرشح للزيادة. التحليلات والتأويلات العلمية لما حدث وقد يحدث ارتدادات كثيرة، لكن ما لفت انتباهي، وأنا أتابع مجرى الأحداث وما تسجله الأرض من انتفاضات زلزالية هنا وهناك، كان أبرزها مؤخرا الزلزال الذي ضرب بقوة 7.2 على مقياس ريختر أجزاء من الصين وطاجيكستان، هو فيديو قديم تحدث فيه المفكر والكاتب المصري، مصطفى محمود، رحمه الله، عن الحكمة الإلهية من حدوث الزلازل، التي يرى فيها مصدر خير على المدى البعيد، رغم إقراره بشرورها، وقت الحدوث وعلى المدى القصير، من ابتلاءات وضحايا ومصائب في الأرواح والممتلكات. فبحسب محمود، فإن حدوث الزلازل هو عامل أساسي لتحريك كنوز الأرض وخاماتها من الجوف إلى الطبقات العليا، ما يسهل على البشر الحصول على المعادن ومصادر الطاقة، ولو بعد حين، خصوصا مع ازدياد أعداد سكان المعمورة، الذين تخطوا حاجز 8 مليارات نسمة، وازدياد حاجتهم الملحة بالتالي لمصادر الطاقة. كما يرى المفكر المصري أن انتفاض الزلازل، والبراكين بطبيعة الحال، هو بمثابة التنفيس الطبيعي للأرض وللطاقة الجبارة الكامنة فيها، ولولا ذلك لما استطاعت المضي في دورتها، ولكن مصيرها المحتوم الانفجار ودمار الكوكب، وهو ما سيدفع ثمنه سكان الأرض جميعا، ولن يستثنى أحد. ووفقا لمحمود، فإن حدوث الزلازل هو بمثابة البوصلة التي توازن حركة الجبال، وهي الأساس في تماسك قشرة الأرض وحركتها في تناغم دقيق لا يعلم سره إلا الباري عز وجل، من خلق الأرض ومن عليها ودبر الأمر بجلاله إلى يوم الساعة. والأكثر حكمة فيما قاله المفكر المصري، أن حدوث الزلازل لا يأتي إلا بتوقيت رباني محدد هدفه إدامة الحياة على الأرض، إذا ما استثنينا أهوال يوم القيامة في حديثنا هذا، لا انقراضها كما يرى أصحاب النظرة المحدودة للأشياء من حولهم، حتى وإن كانوا مدججين بالعلم والمعرفة بظواهر الطبيعة، ذلك أن العلم الذي يخلو من الحكمة والتأمل لا ينفع صاحبه. جميل حقا أن ينظر المرء إلى ما يراه الكثيرون شرا مطلقا على أن في باطنه خيرا، ذلك أن الله، عز وجل، خلق الكون ووضع له قوانين ونواميس هدفها تذليل الكوكب لعمارة الإنسان له وليس خرابه. للزلازل شرور وتداعيات كارثية كثيرة، ولا خلاف على ذلك، لكن فوائدها للإنسانية على المدى البعيد أعظم لا يدركها إلا من نظر للأمور من باب الإيمان الحقيقي وحسن الظن بالله والتسليم لمشيئته. فالأمور في الكون تجري بقدر الله تعالى، وستقع وفق ما قدرها هو لا غيره، عز وجل، تجسيدا لقوله: “وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا”. وفي ذلك آيات لأولي الألباب. المقال السابق للكاتب  فنلندا نموذجااضافة اعلان