في السلطة الخامسة

أنوي اليوم إشهار المصطلح، على غرار ما قام به المؤرخ الاسكتلندي توماس كارلايل، العام 1841، في كتابه "الأبطال وعبادة البطل"، والذي أشار فيه إلى وجود الأحزاب أو الطبقات الثلاث التي حكمت البلاد في ذلك الوقت، وهم: رجال الدين، والنبلاء، والعوام. وأضاف أنّ الصحفيين هم "الحزب الرابع" في الدولة؛ أي أنهم "سلطة رابعة"، وهم بذلك يكونون الحالة الأهم تأثيرا بين الأحزاب الأخرى!اضافة اعلان
وأتحدث عن "سلطة خامسة" جديدة، وهي ما يتكون الآن على الشبكة العنكبوتية بوعي أصبح يمتدّ بين كل السلطات المعروفة. ففي الواقع، لو كان "فيسبوك" دولة، لكان ثالث أكبر دولة في العالم؛ لتجاوز عدد سكانه المليار شخص! وقد أصبح الموقع وجها مستحدثا لملايين المستخدمين في الأردن، بتصاعد لافت في أعداد هؤلاء المستخدمين؛ إذ يشغله أكثر من مليوني شخص (ثلث عدد سكان الأردن من قوى النُّخب العاملة والشبابية، ومن الإناث بزيادة 30 % على الرجال).
وإن كانت الطبقات في الأردن، تتمثل بالنخب البرجوازية، ثم نخب الاقتصاد والخدمات، وبعدها نخب الثقافة والصحافة كسلطة رابعة، فإن انتقال الطبقة الأخيرة إلى الشبكة العنكبوتية؛ أي انتقالها إلى مراكز قوى الجموع المُستحدثة والمُتشكّلة بحريّة في الفضاء الإلكتروني، هو تفسيري لبزوغ مفهوم "السلطة الخامسة"؛ فهي هنا تصبح قوّة متفوّقة، باعتبارها قوى حركة، وقوى رقابة في الوقت ذاته.
ويتميّز عالم الإنترنت بالظواهر الآتية: توزّع في السلطة والفصل بينها، وبأنه فضاء بلا مركز، ويُشكل حالة أكثر حرية وإمتاعا لمرتاديه. وذلك في مقابل مستويات عالية من الكبت التي ما تزال تأتي من خارجه. فباختصار، ما دام جهاز الحاسوب يُمثّل حقيقة ملموسة لآخرين، وبالنظر إلى تعدد أدواته ومنصّاته وسرعة الانتشار فيه، فإن النبوءة المنطقية، إذن، هي أن الصحافة في هذا السيناريو تعد "سلطة رابعة"، وأيضا "سلطة خامسة"، طالما تقاطعت مع جموع الملايين، إضافة الى كونها حالة تعبير وديمقراطية "متحوّلة" في الفضاءات الجديدة!
ومن الجدير بالذكر أن جمعيّة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأردن (إنتاج) قد قامت بلقاء مندوبة رفيعة المستوى عن شركة "فيسبوك"، جاءت إلى الأردن لحضور مؤتمر ربيع تكنولوجيا المعلومات العربي، وللتعرّف بعدد أكبر من المستخدمين في القطاع العام وفي القطاع التمثيلي الرسمي العالي، حيث ناقشت معهم فرص فتح مكتب إقليمي لها في الأردن، والاستثمار في الشباب وفي التجارة الإلكترونية.

*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات