في الطريق إلى الهاوية يتوقفون في غزة

هآرتس

تسفي بارئيل  13/6/2018

النظرية التي تقول إن تسهيلات إنسانية ستؤدي إلى وقف الإرهاب هي "هذيان ووهم"، هكذا شرح وزير الأمن أفيغدور ليبرمان معارضته للتسهيلات في الحصار على قطاع غزة. ليبرمان محق. فالتسهيلات هي مقابل بسيط جدا، ليس بامكانه اقناع سكان محتلين بالتوقف عن نضالهم الوطني من أجل التحرر. التسهيلات تشبه تخفيف الحبل حول رقبة المشنوق، على الاكثر من شأنها أن تسبب له التوقف عن التشنج. لأنها أكثر من أن تخدم السكان هي ستعطي لإسرائيل صورة الدولة المحتلة الانسانية، التي تمنح رعاياها كمية اكثر بقليل من الغذاء والدواء، وربما حتى القليل من مواد البناء التي يمكن عن طريقها اعادة اعمار بيوتهم المدمرة.

اضافة اعلان

في غزة ليست التسهيلات هي المطلوبة، بل تطوير اقتصادي حقيقي. ولكن نقاش "الكابينيت"  السياسي الامني الذي جرى هذا الاسبوع في المخبأ الخاص به تحت الارض، أوضح بشكل جيد أنه اذا كان هناك خلافات بين متخذي القرارات فهي تتعلق بمسائل تكتيكية مثل المقابل للجثث والأسرى الذي يجب على إسرائيل طلبه، وليس حلول استراتيجية لما يسمى "مشكلة غزة". ليبرمان بتبريراته الهاذية لمعارضة التسهيلات يتجاهل أن الحصار الوحشي المفروض على غزة منذ 11 سنة لم يؤد إلى وقف الارهاب، وحتى العملية اللامعة للجرف الصامد التي تمخضت عن فترة طويلة من الهدوء النسبي، تبين أنها "وهم وهذيان".

اذا قبلنا نظرية ليبرمان التي تقول إن الاقتصاد لا يشكل مكونا ذو علاقة بمحاربة الارهاب، والتسهيلات هي دفع مقابل جثث وأسرى، لماذا في الضفة اثبتت المعادلة الاقتصادية نجاعتها النسبية؟ هل ازاء الغزيين توقف سكان الضفة عن الايمان بالحل العنيف لأنهم يكسبون أكثر، يتعلمون اكثر، يتمتعون بحرية حركة اكثر؟ اذا كانت الاجابة على هذا السؤال بالايجاب فإن الامر يناقض تماما نظرية ليبرمان المشوهة. وربما الفرق يكمن في النظرية الإسرائيلية التي تقول قيادتين في جزئي فلسطين؟

اقتصاد مزدهر في الضفة أو في قطاع غزة ليس البديل عن التحرر الوطني، لكن يمكنه تخفيف المظاهر العنيفة للمواجهة. اقتصاد سليم يقوي بالفعل موقف القيادة الفلسطينية، لكن منذ موت العملية السياسية فإن مسألة قوة القيادة في الحالتين ليست مهمة في نظر إسرائيل؛ لهذا الشأن فإن حماس ومحمود عباس هما نفس الشيء، كلاهما ليس شريكا في الحوار، كلاهما بالنسبة لها هما ارهابيان يريدون تدمير دولة إسرائيل.

من هنا ليست الفجوة الايديولوجية بين القيادتين تخلق الفرق من ناحية إسرائيل. الفرق هو أنه في الضفة حسابات الربح والخسارة بالنسبة للسكان تؤدي إلى الهدوء. في حين في غزة ليس للسكان أي معيار للمقارنة. في غزة ليس لديهم ما يخسرونه، وموت شريف على الجدار يعتبر افضل من الحياة البائسة عديمة الجدوى. ي

مكن التخمين أنه اذا قررت إسرائيل فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الضفة، على الاقل جزء من الجمهور، وربما معظمه، سيستخدم الضغط على قيادته. في غزة لا يوجد لإسرائيل أي شريك أو رافعة مدنية. هذه مجموعة سكانية تم اضعافها بواسطة القصف والقتل الجماعي وبضائقة اقتصادية فظيعة وبدون أفق اقتصادي يشجعها على الضغط على قيادتها.

في نظر إسرائيل فإن التطوير الاقتصادي في غزة هو جائزة للارهاب، تعزيز مكانة حماس وتنازل لا يوجد في جانبه مقابل ملموس. إلا أن هذه النظرية تناقض التطلع الإسرائيلي إلى أنه سيكون في غزة جهة مسؤولة يمكنها السيطرة على التنظيمات الاخرى ومنع اقتحامات الجدار وتطبيق وقف اطلاق النار. لهذه الغاية فإنه بحاجة إلى رافعة اقتصادية حقيقية وليس إلى تسهيلات أو هبات. وحيث أن إسرائيل ما زالت عالقة في التفكير القديم الذي ولد في الانتفاضة الثانية أو في العام 2006، حيث في التقويم السنوي الاستراتيجي يشار إلى يوم النكبة ويوم النكسة كتهديدات نهائية، فإن أي زعيم، عسكري أو سياسي، لن يخاطر بالتفكير للمدى البعيد.