في ‘‘الغربة‘‘.. عائلات تحمل طقوس العيد معها وتنثره في منازلها

تستعد الأمهات لإظهار منازلهن بأفضل حلة وتجهيز مستلزمات الضيافة والإستقبال - (ارشيفية)
تستعد الأمهات لإظهار منازلهن بأفضل حلة وتجهيز مستلزمات الضيافة والإستقبال - (ارشيفية)

منى أبو صبح

عمان- يبدو أن سؤال طفلها لها العام الماضي "ماما ليش ما في عندنا عيد"، أشعر الأم خولة بخيبة أمل كبيرة، وغصة بالقلب، خصوصا أنه كان قد رأى أولاد عمه عبر "السكايب" يحتفلون ويمرحون ويتبادلون الزيارات ويرسلون صورا بجانب مجسمات "خراف العيد" والحلويات والهدايا.اضافة اعلان
ومن هنا، حرصت خولة التي تعيش هي وزوجها وأبناؤها في أميركا منذ 6 سنوات؛ على إضفاء أجواء العيد لمنزلها هذا العام، ليشعر كل أفراد العائلة وكأنهم في وطنهم؛ إذ بدأت تجهيزاتها منذ أيام قليلة، بالبحث عن الزينة المضيئة وتعليقها في ركن استقبال الضيوف، بمشاركة الطفلين وليد وجاد.
واستخدمت كذلك الزينة وأدوات الضيافة، كما نجحت بإعداد "المعمول والكعك" بمذاق شهي، وصنعت "الكوكيز" على شكل خراف صغيرة، مما أسعد قلوب أطفالها الصغار.
أما عائلة أبو سفيان المغتربة أيضا، فحافظت على طقوس العيد، من خلال استعداداتها قبيل أيام لشراء الملابس والأحذية الجديدة، وتخصيص ركن في المنزل لزينة العيد والحلويات والقهوة للمهنئين بمناسبة العيد.
يقول أبو سفيان المقيم في ألمانيا "اتفقت مع أصدقائي أن نتبادل الزيارات في العيد، حتى تترسخ بنفوس أبنائنا هذه الطقوس الجميلة، كما خططنا لاصطحابهم لأماكن الترفيه والألعاب.. إضافة إلى تقديم "العيدية" لهم كما نشأنا وتربينا".
والاحتفال بالعيد بين الأهل والأحباب مختلف بالنسبة "للمغتربين"، خصوصا في البلاد الأجنبية، ويشعر الوالدان بالحزن أو "تأنيب الضمير" جراء عدم ابتهاج أبنائهما بأجواء العيد كأقرانهما في أرض الوطن.
غير أن العديد من العائلات التفتت لهذا الأمر خلال السنوات الماضية، مما دفعها لإضفاء أجواء العيد وطقوسه في البيوت، رغم مرارة الغربة والبعد عن الأقارب والأصدقاء.
الخمسيني أبو علاء، (مغترب منذ 10 سنوات)، يؤكد أن انشغالات الحياة والغربة لم تمنعه هو وأصدقاؤه من أداء الطقوس والعبادات، فيصحو باكرا في أول أيام العيد ليؤدي صلاة العيد، ثم تبدأ المعايدات بين الجيران والأصدقاء.
أما المغتربة أم وائل، فتسعى لإضفاء طقوس العيد كافة في بيتها وأمام أبنائها وكأنها في "موطنها"، سواء بشراء الملابس ومستلزمات العيد، أم بالزينة، وإعداد الكعك والحلوى، كما تخصص أوقاتا لتبدأ بتنفيذ مشغولات يدوية خاصة بالعيد "والخراف" بمشاركة أبنائها.
تقول أم وائل "أشعر بهذه التحضيرات وبالبهجة والفرح، وكذلك صغاري، فنصنع الخراف بمعدات بسيطة من القطن والكرتون والغراء والأزرار، ثم نقوم بترتيبها داخل السلة أو صندوق مفتوح".
كما تقوم بتجهيز مجموعة من الهدايا للأطفال الصغار، وإلصاق مجسمات الخراف عليها، مما يرسخ في نفوسهم فكرة العطاء وإسعاد الآخرين أيضا.
واستعدت أم سلطان قبيل أشهر لهذه المناسبة الجميلة، بأن أوصت إحدى صديقاتها بشراء معدات ومستلزمات الضيافة الخاصة بالأعياد خلال زيارتها للأردن. ولم تغب عن ذاكرة المغترب أبو فراس أجواء التجمعات العائلية الصباحية في العيد، فقد دعا أصدقاءه قبيل أيام من حلول عيد الأضحى المبارك، لمشاركته وأسرته في تناول وجبة الإفطار المكونة من "الفتة، والكبدة، والنخاعات، والطحل"، كما اعتاد أن يرى هذا "المشهد" في مطبخ والدته، حسب قوله.
الخبير الاجتماعي، الدكتور حسين الخزاعي، يشير إلى أن المسلمين يحتلفون بالأعياد والمناسبات الدينية أينما تواجدوا وفي أي بقاع العالم، وبالرغم من غربتهم وبعدهم عن الوطن، إلا أن المناسبات الدينية تجمعهم ويشددون على الاحتفال بها بشتى الطرق.
ويقول "ومن وسائل الاحتفال، التلاقي والتزاور وتمضية أجواء ممتعة برفقة الأصدقاء والجيران، أو من خلال الالتقاء في الجمعيات والمراكز المنشرة في دول العالم كافة، فيتم التعارف بين مختلف الجنسيات".
ويلفت إلى أن المغتربين دائما يشعرون بقيمة العيد أكثر من غيرهم لأنهم ذاقوا مرارة الغربة، واشتاقوا كثيرا لمثل تلك الأيام وتمضيتها بين الأهل والأحباب في البلاد، فهم يقدرون قيمة هذه اللحظات.
ويشير إلى أن العيد فرصة للتصالح وإنهاء الخلافات بين الأسر والعائلات والأقارب، كذلك نشر الفرح بين الناس، كما أن العديد من الأسر تحرص على الالتزام بكل طقوس العيد وأجوائه المميزة حتى في غربتهم.
ويؤكد أهمية هذه الأجواء في نفوس الأبناء، خصوصا العائلات المغتربة منذ سنوات، فهي طقوس وعادات عربية أصيلة يجب الحفاظ عليها ونقلها للأجيال المقبلة.
وتكثر الزيارات العائلية في أول أيام عيد الأضحى المبارك، ويسبق حلوله استعداد الأمهات لإظهار منازلهن بأفضل حلة، سواء بتنظيفه وتزيينه، إلى جانب تجهيز مستلزمات الضيافة والاستقبال.