في المنخفضات.. الألق يعود لـ"لمات" العائلة والاستمتاع بأجواء الثلج

مشاهد من الثلوج خلال اليومين الماضيين - (تصوير: أمير خليفة)
مشاهد من الثلوج خلال اليومين الماضيين - (تصوير: أمير خليفة)
منى أبوحمور عمان - منذ بدء الإعلان عن المنخفضات الجوية، تحديدا الثلجية، بدأت كثير من العائلات تتجهز لها من جميع النواحي، سواء بتأمين المستلزمات الأساسية أو التجهيز لجلسات أسرية يملؤها الدفء، والنشاطات المشتركة لتمضية الوقت بفرح داخل زوايا المنزل في أيام الشتاء الباردة. من جديد، تعيد ثلجة "يناير"، الألق والحميمية للمات أسرية كانت تطغى عليها مشاغل الحياة والروتين اليومي المليء بالمسؤوليات، إذ جاءت أربعينية الشتاء بمنخفضاتها المتتالية، لتكسر الجمود، وتضفي المزيد من أجواء الألفة. المنخفضات القطبية الباردة التي تختتم أربعينية الشتاء وما يرافقها من أجواء تتخللها الثلوج، تعيد الجمعات العائلية والسهرات المنزلية، حينما يجتمع أفراد العائلة في غرفة واحدة حول المدفأة يتقاسمون الطعام ويشربون الشاي الدافئ، ويتابعون برامج مشتركة، وفي اليوم التالي ينزلون معا للعب بالثلج والتقاط الصور التذكارية. ليالي الشتاء والثلج، رغم برودتها ودرجات الحرارة التي تنخفض عن الصفر أحيانا، تكون فرصة لاجتماع الأفراد معا، بعيدا عن ضغوطات العمل. وثلجة "يناير" من جديد، تعيد اللمات العائلية وتعاليل الجيران، فكانت الثلوج المتراكمة والإغلاقات فرصة لتبادل الزيارت. أبو عادل يقضي ليالي الثلج برفقة جيرانه الذين يعتبرهم أصدقاءه، يعيدون ذكريات الطفولة معا، لافتا إلى أنهم كانوا في كل منخفض ثلجي يقضون أيام العطل، يتشاركون الطعام مع عائلاتهم والسهرات وأوقات التسلية، وتمر عطلة الثلج بشكل مختلف. "ما أجمل الشتاء ولياليه"، هكذا عبرت أم مراد عن محبتها لفصل الشتاء، فما إن يحين موعد أذان المغرب حتى يجتمع أفراد العائلة جميعا، يجلسون على سفرة العشاء ويكون لديهم الوقت الكافي للجلوس معا بعيدا عن ضغوطات العمل والالتزامات الاجتماعية. في حين أن أكثر ما يحبه ويفضله خالد السيد في الشتاء والثلج هو اللمة العائلية، فالشتاء رغم ظروفه الجوية القاسية، إلا أنه يبعث الدفء في النفس، حيث اعتاد هو وإخوته وأبناء عمومته التجمع يوميا للعب الشدة وتبادل النكات والطرائف واستذكار المواقف الطريفة التي مرت بكل شخص منهم خلال الفترات الماضية. "رائحة الترمس والفول وشوربة العدس في المنزل والالتفاف حول المدفأة، كلها تفاصيل لا يمكن أن تكون إلا في الشتاء"، تقول حياة الحديدي، لافتة إلى أن التوقيت الشتوي بليله الطويل يجبر الجميع على العودة باكرا إلى البيت، وبالتالي قضاء أكبر وقت ممكن مع العائلة والأسرة، وهو ما يفتقده الكثيرون في الفصول الأخرى التي تعج بالمناسبات والالتزامات وساعات العمل الطويلة. وتلفت الحديدي إلى أنها تحرص وزوجها على قضاء أكبر وقت ممكن مع أطفالهما وأسرتهما الممتدة، طوال فصل الشتاء، لتعويض الانشغالات الدائمة، والقيام بنشاطات مشتركة تجدد الشغف. التقارب الأسري لا يقتصر على العائلات الصغيرة، بل يشمل الأسر الممتدة، حيث يحرص أبو علاء على قضاء يوم الجمعة مع والديه برفقة أفراد عائلته، يتناولون الغداء ويقضون ساعات النهار برفقتهم. اجتماع الأسرة ضرورة لاستمرار التواصل "الشخصي"، وبالتالي توثيق العلاقات، بحسب خبير علم الاجتماع الأسري مفيد سرحان، لافتا إلى أن اللقاء الأسري دليل الاهتمام والحرص والتقدير لقيمة الأسرة ودورها في المجتمع، وتأكيد لحاجة أعضائها لهذا "الحضن الدافئ". مشاغل الحياة وتعقيداتها والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها كثير من الأسر، جعلت اللقاءات في فترات متباعدة ولأوقات قصيرة تغيب عنها "عفوية التعامل" و"دفء المشاعر". وقد تقتصر في معظمها على تناول وجبة الطعام ثم يتفرق الجميع الى غرفهم أو في أحسن الأحوال الجلوس معا منشغلين بهواتفهم النقالة ويخيم الصمت على الأسرة، وفق سرحان. هنالك أيام ومناسبات ومواسم يمكن للأسرة استثمارها تكون انطلاقة جديدة، تعوض فيها جزءا مما فاتها من أيام العمل الرسمية والأعياد، وفصل الشتاء بأجوائه الباردة وتساقط الثلوج تزيد فيه فترة المكوث في المنزل، بحسب سرحان. ويشير سرحان إلى أن طبيعة الطقس الذي يميل إلى البرودة غالبا، وتساقط الأمطار والثلوج، تعيد البهجة والسرور حتى للأشخاص الذين اعتادوا السهر خارج المنزل مع الأصدقاء، فإنهم يتواجدون لفترة أكثر في منازلهم. "الشتاء فرصة كبيرة لالتقاء الأسرة لفترة أطول واستثمار هذا اللقاء في تعميق الحوار وتبادل الآراء والنقاشات التي تزيد من أواصر الالفة والمحبة وتبادل المشاعر"، كما يقول سرحان. إلى ذلك، فإن الجلسات الأسرية تعلم الأبناء الحوار الناجح وتعمق ارتباطهم بالأسرة وتساعد الآباء على متابعة سلوكات الأبناء وتقويمها. ويميل بعض الأشخاص إلى تفضيل فصل الشتاء على الصيف بشكل كبير، وهو ما قد يرجع إلى مجموعة من الأسباب والعوامل المختلفة، بحسب الدراسة التي نشرها موقع "Quora"؛ إذ يغلب طابع الهدوء والسكينة على الشوارع أثناء فصل الشتاء، نتيجة تفضيل الكثير من الأشخاص البقاء في المنازل، هربًا من الطقس البارد، والأمطار في بعض الأحيان، وهو ما يؤدي إلى منح الشعور بتباطؤ وتيرة الحياة، وبالتالي قلة التوتر والإحساس بالاسترخاء. كما أشارت إلى أنه نظرًا للتغيرات والتقلبات الجوية التي كثيرًا ما تحدث خلال أيام فصل الشتاء، والتي تشمل انخفاض درجات الحرارة بشدة، وهطول الأمطار، مع البرق والرعد في بعض الأحيان، فإن جميع أفراد الأسرة يمكثون في المنازل في أغلب الأوقات، ويقضون فترات طويلة معًا، ما يزيد الشعور بالروابط الأسرية. ويتفق في ذلك اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة، لافتا إلى أن طابع الدفء والحميمية الذي يصبغه فصل الشتاء على الأجواء العائلية يزيد من الترابط الأسري ومشاعر الاطمئنان. ويشير مطارنة إلى أن قضاء أفراد الأسر لفترات طويلة مع بعضهم بعضا وتبادل أطراف الحديث ومشاركتهم أوقات الطعام والراحة، وهي أمور كانت قد تلاشت مؤخرا بسبب مشاغل الحياة، يعيد الحنين إلى أيام الطفولة في نفوس البعض ويقوي المشاعر العائلية والروابط الأسرية ويقرب المسافات بين أفراد العائلة الواحدة. ويلفت إلى أن العطلة الشتوية كـ"عطلة الثلج"، تمنح الشعور بالاستقرار الأسري والطمأنينة، كما أنها تعطي الشعور بالراحة ويعود الجميع على أعمالهم مقبلين وفرحين بعد عطلة عائلية.

اقرأ المزيد:

اضافة اعلان