في انتظار العيد.. حراك وتفاعل اجتماعي إنساني يولد البهجة بالنفوس

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- لطالما ارتبط عيد الأضحى بتفاصيل الفرح والبهجة والسرور، للكبار والصغار، لما لهذه المناسبة من آثار اجتماعية وروحانية وانسانية، وانعكاسات ايجابية، خاصة في ظل تبعات جائحة كورونا الممتدة لهذا الحين.اضافة اعلان
وفي انتظار العيد يكون هناك كثير من البهجة التي قد تتجاوز فرحة العيد نفسه، ما بين تحضيرات عائلية في البيوت، ليشارك في تلك التحضيرات الصغار جنبا إلى جنب مع عائلاتهم، التي تحرص جميعها على توفير معظم سبل السعادة والفرح للأبناء، كل حسب وضعه المادي.
ولكن تبقى الفرحة حاضرة في هذا اليوم "روحانيا"، كون يوم عرفة يحمل قيمة دينية وفضله كبير عند الله تعالى، وكذلك يوم صيام تعيش فيه الأسر تفاصيل جميلة، لتبدو الأجواء في مختلف المناطق عامرة بالفرح والإيجابية.
أخصائي علم النفس الدكتور موسى مطارنة يبين أن العيد يحمل ثقافة مجتمعية ترتبط بالسرور والتكافل الاجتماعي، يرافق ذلك فرحة الأطفال والأمهات والأخوة وصلة الأرحام في تجمع عائلي بالبيت الكبير.
هذه الفرحة التي ينتظرها الكبار والأطفال في طقوسها وثقافتها من لقاء الأحبة ودفء الأسرة وفرح الاولاد في الملابس واللعب، أما عيد الأضحى فله ميزة خاصة بوجود يوم عرفة ومراقبة مسار الحجاج في هذا اليوم، عدا عن التحضير لـ "الأضحية" التي تجمع الأهل على وجبة الغداء، وهذا برمته عبارة عن حراك وتفاعل اجتماعي انساني له تأثير خاص في النفس ويولد البهجة.
وفي هذه الأيام، التي ينتظر فيها الأفراد أيام العيد، يرى مطارنة أن الشعور بالفرح والروحانية يدفع الناس لثيمة التسامح والتغاضي عن الأخطاء والزلات حفاظاً على الود والعلاقات الاجتماعية، كما تتصافى القلوب، وهذه ثقافة اجتماعية اعتاد عليها الناس على مدار السنين، ويحرص افراد العائلة القاطنون بعيداً عن أهاليهم إلى أن يكونوا متواجدين بينهم منذ ما قبل حلول العيد.
كل ذلك يسهم في زيادة التفاعل الاجتماعي وحالة من الراحة النفسية والتخلص من الضغط النفسي والتوتر، وتبادل "العيدية" بين الارحام قبل العيد من شأنها كذلك أن تولد مشاعر جميلة، خاصة في ظل ما تعانيه الكثير من العائلات في ظل "كورونا".
"علينا أن نفرح من أجل أطفالنا وأن نبث الفرح من أجل كبارنا وعلينا ان نكون إيجابين من أجل المحزونين وان يكون هناك مساندة نفسية ودعم للآخرين"، يقول مطارنة، وهذا ما تجسده العادات والتقاليد في هذه الايام، حيث اعتاد الناس على التواجد عند أهل المتوفى في يوم العيد من أجل دعمه ومساندته نفسيا واشعاره بالدفء والالتفاف حوله، وهذه من الأمور التي تزيل الحزن والألم عن النفس، وتمسح الألم من القلوب.
ولما يتميز به العيد من فرحة لدى الأطفال، وبخاصة في فترة ما قبل العيد، كما في هذا اليوم، يؤكد مطارنة أهمية أن يتعمد الأهل بث السرور، وأن يعيش الأطفال تلك التفاصيل في يوم عرفة، خاصة بعد فترة عصيبة عاشوها على مدار العام الماضي، حتى وإن كانت إجراءات الحظر أقل تشدداً، إلا أن كثيرا من الأهل كانوا يخشون الخروج بأطفالهم إلى الأماكن العامة، وما الأعياد إلا رسالة إنسانية للفرح والحب والترفيه عن النفس.
استاذ الفقه والدراسات الاسلامية الدكتور منذر زيتون بيّن أن يوم عرفة هو خير ايام السنة، يتنافس فيه المسلمون بالدعاء وعمل الخير ونشر المحبة والسلام فيما بينهم، وهو حالة من المشاعر الروحانية والاجتماعية التي تبدو واضحة في مختلف المجتمعات الإسلامية، على الرغم من عدم وجود حجاج من خارج السعودية للعام الثاني على التوالي بسبب جائحة كورونا، غير أن الأعياد لا تخلو من تلك المشاعر والتواصل مع الله سبحانه وتعالى بالدعاء والأعمال المحببة لله، كالدعاء والصلاة والصيام والصدقة وصلة الرحم وغيرها مما يستطيع المسلم القيام به في هذه الأيام.
ولكونها أيام فرح وسعادة وبهجة برغم كل ما قد يمر به الإنسان، فإن زيتون يرى أن من ايجابيات هذا الأمر المحافظة على صلة الرحم، من خلال التواصل فيما بينهم وتبادل المعايدات، والحرص على إزالة المشاحنات فيما بينهم، ليدخل العيد على قلوب مؤمنة متصافية، والجميع بحاجة إلى هذا الاطمئنان والشعور الذي يمنح العيد وهذا اليوم المبارك فرحة مضاعفة. ويشير زيتون إلى أن الإنسان يجب أن يصلح ما بينه وبين العباد، وأولى الناس بذلك هم الوالدان ثم الأرحام، ولا يجوز ان يبقى اثنان على قطيعة أو خصام لأنهم سيحرمون من المغفرة والأجر.
ويُعد يوم عرفة كذلك من الايام التي فضلها الله تعالى بفضل كبير، وأن العمل الصالح فيها الأحب الى الله، وفي الحديث الشريف "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب الى الله من أيام العشر"، لذا فهذا يوم تلتقي فيه فرحة العيد مع انتظار الأجر والثواب من الله عز وجل.