في بازار الشتاء الثالث.. إبداعات ومشغولات لافتة من رحم اللجوء (فيديو)

تغريد السعايدة

عمان- “لا تيأس، الشتاء، ترحال، جاءت أمي”.. لوحات حملت الكثير من المعاني والقصص التي خطتها أيادي رسامين وأطفال على قماش خيام اللجوء، لتحكي عن قصص ساكنيها، وفيها تصميم كبير على “حق الحياة والإبداع والتعبير”، كل ذلك في بازار الشتاء "مع اللاجئين" الثالث.اضافة اعلان
في كل مرة يتم تنظيم بازار خاص للاجئين، يبحث الزوار في خبايا المعارض عن هوية الشخوص الذين جاؤوا حاملين الوطن داخل قلوبهم، يناظرون الحضور يتحدثون بلهجتهم عن قصصهم، يعبرون عنها بالفنون والإبداع.
وفي بازار الشتاء الثالث #مع-اللاجئين، والذي نظمته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، بالتعاون مع جاليريا مول، واستمر مدة ثلاثة أيام؛ توافد الزوار من أجل اقتناء الكثير من المعروضات، التي قدمها لاجئون من جنسيات عدة ومقيمة على الأراضي الأردنية، ليكون هذا البازار نوعاً من الدعمين المعنوي والمادي لهم، وإظهار إبداعاتهم.
ما يزيد على 40 منصة تسويقية في البازار، بمشاركة نساء يُقدر عددهن بحوالي 400 سيدة “لاجئة” مثلتهن سيدتان، والمشرفة على تدريبهن نسرين شديفات من منظمة “ox fam”؛ إذ قمن بـ”إعادة تدوير قماش خيم اللجوء” وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة.
تلك الخيم التي تحولت إلى حقائب، يحمل فيها اللاجئون قصصاً وحكايا طُرزت في ثناياها أوجاع إنسانية، لتتحول الخيمة إلى نقطة قوة وتصميم بأن الحياة تستحق الأفضل، وتقول “نحن اللاجئين الأقوى في الحب والعطاء والإنتاج ونفتخر بإنتاجات ممزوجة بالأمل”.
شديفات، قالت لـ”الغد” إنه تم تدريب مجموعة كبيرة من السيدات ضمن مشروع “للحياة” عبر استغلال قماش الخيم، كونه من خامة متينة وقوية، ومن الأجدى أن يتم إعادة تصنيعه؛ حيث تم تدريبهن على الخياطة من خلال توفير كل ما يلزم لذلك، ليكون الإنتاج كبيرا ومناسبا للعرض في البازارات والأسواق، وله الكثير من الزبائن.
هؤلاء السيدات قدمن الأمل لغيرهن من النساء، وأصبحن منتجات يدعمن عائلاتهن “مادياً ومعنوياً” في الوقت ذاته، ويجدن فرص عمل جديدة في مخيم الزعتري الذي يعشن به، من خلال إيجاد حراك تنموي ومهني حرفي، جعل من إعادة التدوير لديهن فرصة “لإعادة الحياة”.
البازار، ضم ولأول مرة عددا أكبر من الجنسيات العربية من اللاجئين المتواجدين في الأردن؛ حيث شارك منتجون من العراق، اليمن، السودان، فلسطين، ومن سورية، عدا عن نسبة من الأردنيين؛ حيث كان من ضمنهم من يشارك للمرة الأولى، وآخرون اعتادوا على المشاركة المتكررة في البازارات السابقة، ووجدوا فرصة التسويق والتعريف بالمنتجات من خلال التشبيك مع الآخرين، وفرصة للكسب، كون الريع يذهب مباشرةً للمشاركين بدون الحاجة لدفع تكاليف العرض أو أي رسوم أخرى، وهي إحدى سُبل المفوضية لدعم اللاجئين في الأردن.
وعلى زاوية المهرجان، وقفت اللاجئة اليمنية منذ أربع سنوات أمل موفق وبرفقتها طفلتها؛ حيث أشارت إلى أنها المرة الأولى التي تتواجد فيها في “بازار”، ولكنها تتمنى أن تجد فرصتها في تسويق حرفتها “الرسم أو النقش بالحناء” وأن تتحول إلى مصدر رزق، كونها مهنة متعارف عليها في الأردن.
وكانت عبيدة مجذوب حضرت إلى الأردن قبل خمس سنوات، لتبدأ البحث عن فرصتها في الحياة من خلال عملها، فانتسبت مع مجموعة من السيدات من الأردن، ليقمن بعمل حرفي إبداعي في مجال التطريز من خلال عمل بسيط ومتواضع، إلى أن أصبح مشروعاً كبيراً يعود عليهن بمردود مادي مناسب، ويقدمن أجود المنتجات التي يبحثن عن تسويقها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر البازارات والمعارض التي يتم تنظيمها لدعم اللاجئين في كل محافظات المملكة.
جعفر السعدي، من العراق، لأول مرة يشارك في بازار مخصص لتسويق منتجات للاجئين في الأردن؛ حيث تعاون مع زوجته في عرض منتجات مشغل الخياطة الخاص بهما في إربد؛ حيث تعرفا على البازار من خلال الصفحات الخاص بالمفوضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكان ذلك فرصة لهم للتعريف بمنتجاتهما ومحاولة لكسب أسواق جديدة والتشبيك مع آخرين.
كما وقفت فتاتان تتحدثان باللهجة العراقية للشرح عن المنتجات لتسويقها لدى السيدات؛ إذ بينت مريم الحداد، أنها المرة الثالثة التي تشارك في بازار اللاجئين وتعمل على التعريف بمشروعها الذي تستفيد منه مجموعة كبيرة من اللاجئات من العراق، في مجال الملابس والإكسسوارات.
وتعتقد مريم أن مثل هذه الفعاليات من شأنها أن تسهم في فتح أبواب تسويق مختلفة ومتعددة للاجئين الذين قد يجد بعضهم صعوبة في الأسواق العادية، عدا عن أن تلك البازارات لها مردود مادي مناسب.
عبد الحليم القصير، لاجئ من الزعتري، عرض لوحات فنية ضمن فعاليات البازار. ويقول “هذه الأعمال هي لعدد من الفنانين والأطفال في المخيم قاموا بإعادة تأهيل قماش الخيمة ورسموا عليه الكثير من القصص التي تُظهر حجم الألم والمعاناة التي تجرعوها في الحرب، وفي الوقت ذاته تعكس الأمل والتطلع لمستقبل أفضل”.
المعرض ضم لوحات “الوجوه” وفي كل لوحة قصة؛ أطفال احتضنوا الأم في لحظة قصف قاتلة، فيما وجوه أخرى تحبس الدموع، ويسعى الفنانون من خلال بعض اللوحات للمحافظة على الإرث السوري الكبير.
ويردف القصير بالقول “الإبداع موجود والابتكار لم يغب عن سكان المخيم الذين أجبرتهم حياة الحرب على التواجد ضمن ظروف حياتية صعبة أفرزت الكثير من الإبداع لدى أجيال متتابعة عاشت بين خيمة و(كرفانات) ولكنها لم تقتل الإبداع بداخلها”.
نائب ممثل مفوضية اللاجئين في الأردن كارولين أنيس، قالت خلال افتتاحها البازار، إنها خلال زيارة سابقة لها لأحد البازارت الخاصة باللاجئين تعلمت منهم القوة والقدرة على الإبداع مهما كانت الظروف في ظل وجود ما يقارب 750 ألف لاجئ في الأردن من مختلف الجنسيات، من ضمنهم 650 ألف سوري.
وشكرت أنيس جميع الجهات في الأردن التي أسهمت في دعم البازار الذي يشارك فيه 40 جهة، ما بين أفراد أو مجموعات، وتمنت النجاح للبازار الذي يسهم في دعم اللاجئين وأن يكونوا أشخاصا فاعلين ومنتجين وتسويق منتجاتهم والترخيص لأعمالهم.

;feature=youtu.be