في تعديلات "النواب" على نظامهم الداخلي

رغم ايجابية اغلب التعديلات التي ادخلها مجلس النواب على نظامه الداخلي، واقرها رسميا يوم أمس، فإن هذه التعديلات لم ترتق لمستوى معالجة العديد من السلبيات والمشاكل التي تواجه العمل النيابي داخليا، ولا تمكن ضمن هذا السقف والسياق من تجاوز أبرز التحديات في ادارة المطبخ النيابي، ولا في تحسين صورته أمام الرأي العام، وهو الهدف المفترض من وراء تعديل هذا النظام.اضافة اعلان
ثمة العديد من البنود والمواد في النظام الداخلي طالها التعديل والتطوير، وبعضها لم تطله التعديلات، لكن يمكن الاجتهاد والقول بأن الواضح أن قصة تطوير النظام الداخلي وتسليحه بانياب لمعالجة بعض المشاكل المستعصية والمزمنة في الاداء النيابي، بما يطور هذا الاداء لم يقبضها عدد وازن من النواب جديا، لتكون دافعا لتقديم تعديلات قوية تحد من السلبيات والمعيقات البارزة.
هنا، يمكن التحدث بوضوح عن أن من أبرز السلبيات في الأداء النيابي هو استعصاء ظاهرة التغيب عن الجلسات والتسرب من تحت القبة خلال الكثير من الجلسات، وهي ظاهرة لم تثر حنق الرأي العام فقط بل حتى رئاسة المجلس والعديد من النواب، وهي مشكلة ليست مقتصرة على المجلس النيابي الحالي بل تكاد تكون ظاهرة عابرة للمجالس. وهي تعكس تقصيرا وعدم التزام من قبل العديد من النواب بدورهم التشريعي والرقابي، ولطالما اثارت الرأي العام سلبا تجاه مؤسسة البرلمان.
في هذا السياق، اعتقد ان المقاربات التي خرج بها النواب بتعديلهم للنظام الداخلي باتجاه الحد من ظاهرة التغيب عن الجلسات ليست رادعة ولا منتجة، ولن يكون لها كبير دور بالحد من المشكلة واجبار النواب على الالتزام بدورهم والحضور للجلسات. تعديلات النظام فوضت رئاسة المجلس بالخصم من مكافات النواب الشهرية عن الجلسات المتغيب عينها بدون عذر.
وتضمنت العقوبات للعضو المتغيب دون عذر، ايضا تفويض المكتب الدائم حرمانه من المشاركة بالوفود والمشاركات الخارجية خلال تلك الدورة أو التي تليها اذا تغيب عن جلسات المجلس أو اجتماعات اللجان ثلاث مرات متتالية او عشر مرات متفرقة خلال الدورة العادية.
قد تكون المشكلة الرئيسية في هذه العقوبات، اضافة الى انها تبدو غير رادعة للنائب غير الملتزم بدوره وحضوره، هي في انها بقيت فضفاضة، وتركت لتقدير المكتب التنفيذي للمجلس، ما يفتح الباب لعدم تنفيذها لحسابات انتخابية او من باب المجاملة، و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت".
هذا من جهة، ومن جهة اخرى فثمة تعديلات ايجابية لكنها تركت ايضا لتقدير المكتب التنفيذي دون الزامه بذلك، من قبيل منح الحق للمكتب التنفيذي العمل على تشكيل اللجان النيابية ولجان الصداقة وفق مبدأ التمثيل النسبي للكتل، بما يصب بتعزيز العمل الكتلوي ويشجع على الائتلافات والكتل اساسا للعمل النيابي، وهذا امر ايجابي بلا شك.
تعديل آخر مهم وايجابي، هو برفع عدد النواب الذين يحق لهم طلب جلسة مناقشة عامة، بحيث رفع العدد من 10 نواب الى 15 % من عدد اعضاء المجلس، او ان يتقدم بطلب الجلسة كتلة نيابية او ائتلاف نيابي، وهو ما يدعم العمل الكتلوي ويشجعه ويرفع من شروط الجدية لطرح القضايا العامة.
ويرتبط بالتعديل السابق تعديل آخر مهم ايضا، وهو المتعلق اساسا بمذكرات حجب الثقة عن الحكومة او وزير فيها، فبعد ان كان النظام قبل التعديل يتيح لعشرين نائبا او للجان المختصة أو للكتل والائتلافات النيابية برفع مذكرات نيابية، بما فيها طلب طرح الثقة، اشترط النظام المعدل توقيع 15 % من اعضاء المجلس على المذكرة لتصبح واجبة الاحالة من قبل المكتب التنفيذي لها للطريق القانوني المطلوب.