في حضرة "الغد"

ترؤس تحرير صحيفة بحجم "الغد" هو، بكل تأكيد، تحد كبير، فقراراتنا ستكون على المحك، وفي مرمى تقييم الناس للصحيفة التي دخلت بيوت الأردنيين على مدار 14 عاما، ومنحوها ثقتهم بما اشتملت عليه من خطاب إعلامي احترم عقولهم، وانحاز إلى همومهم.اضافة اعلان
من هذه الزاوية بالذات يبدو التحدي الأكبر، وهو كيف نبني على ما تم إنجازه، وكيف نمشي على خطى قيادات "الغد" السابقة التي منحت الصحيفة صبغتها وصدقيتها وتقبلها لدى الجمهور. وأيضا، ما هي خططنا من أجل مواكبة روح العصر وتحدي التكنولوجيا، والذي ينبغي أن تكون له خطط مدروسة يتم من خلالها استلهام ما ذهبت إليه مؤسسات إعلامية عالمية عريقة في هذا الشأن.
يبدو التطوير في المحتوى هدفا لا مناص منه، خصوصا أن عملية التلقي اختلفت كثيرا خلال العقد الأخير، وهو ما يفرض على الصحيفة تطوير خطابها وآلياتها لإيصال المادة الصحفية إلى المستهدف، على اعتبار أن "المادة الصحفية" اليوم تتخذ أشكالا عديدة لا يمكن حصرها، بعدما كانت لسنوات مجرد مادة مكتوبة أو صورة أو مقطع تلفزيوني.
بظني، أن هذا الأمر تستطيع صحيفة "الغد" إنجازه، وهي التي أحدثت، منذ ولادتها في العام 2004، نقلة نوعية في عالم الصحافة المحلية، عبر تقديم محتوى يعكس التحديات الحقيقية أمام التنمية في الأردن، وهموم المواطن وتطلعاته، كما تميز طرحها بالشمولية والتنوع والموضوعية والحيادية، إلا فيما يمس أمن واستقرار المملكة، فلا حياد في ذلك، حيث كانت وستبقى، عنوانا للدفاع عن الأردن.
يحسب للصحيفة أنها واصلت دائما سياسة التفرد عبر تبنيها منهجا يدفع بالشباب نحو المراكز القيادية فيها، وأيضا حفاظها في مطبخ التحرير على التوازن بين أصحاب الخبرة وروح الشباب، ما يعني أن الخبرة ستظل تنتقل باستمرار عن طريق التلقي المباشر، مطعمة بروح شبابية مع ما تكتنزه هذه الروح من خبرات العصر الحديث الذي تهيمن عليه التكنولوجيا ومفهوم الإعلام الحديث المتشعب.
في هذه الأجواء والتحديات، يأتي قرار ناشر "الغد" محمد خالد عليان، بتسميتي رئيسا لتحرير الصحيفة التي راكمت إرثا مهما على مدار سنوات صدورها، وهي كما قلت، مهمة ليست يسيرة، ولكن الإيمان بالعمل المشترك مع جميع الزملاء، وبرسالة الصحيفة التي أرستها، يفتح الباب أمام التطلع لإنجازات مستقبلية مهمة على صعيد المهنة، لننتقل بالصحيفة نحو كتابة عقد مع القارئ، ننحاز فيه من جديد إلى كل ما يعبر عن قيمنا، وإلى المواطن الذي أنهكته سنوات عجاف من وضع اقتصادي داخلي أثر على معيشته، ومن وضع إقليمي متفجر سيطر فيه الدم والدمار على كل ما حولنا، وضغط نفسيا ومعيشيا على المواطن الأردني.
"الغد" اليوم تحظى بثقة القارئ، وهي ثقة غالية استحقتها بجهود عشرات الزملاء الذين منحوها وقتهم وجهدهم وإخلاصهم. هذا هو الإرث الذي سنتمسك به على الدوام، ولن نفرط بشيء منه، فالرسالة التي جبلت عليها المؤسسة منذ ولادتها حملت، ولم تزل، هوية الصحيفة التي تختصرها عبارة "حق المعرفة"، ونحن متأكدون من أننا قادرون على الدفاع عن هذه الهوية وتجذيرها.