في "رمضان".. أطفال يتشربون معاني العطاء والتسامح وحب المساعدة

Untitled-1
Untitled-1

ربى الرياحي

عمان- يستثمر الآباء شهر رمضان الفضيل لزرع صفات وسلوكيات إيجابية بنفوس الأبناء، من تسامح وإخاء ومحبة ورحمة ومشاركة. ولأن الطفل بيئة خصبة، فإن مهمة الأهل استغلالها، وذلك بغرس أفضل البذور وأكثرها نفعا.اضافة اعلان
وفي الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل، تشرب الكثير من الصغار معاني وقيما وسلوكيات انعكست عليهم إيجابيا، مثل التعاون وأهمية العمل التطوعي، والتسامح والعطاء وتحمل المسؤولية، ونيل رضا الوالدين، وصفات أخرى عديدة سترافقهم على الدوام.
الطفل أيهم ماجد (9 سنوات) يختبر تجربة مميزة هذا العام، وهو سعيد بأجواء الحب والتسامح التي تأتي في شهر رمضان المبارك؛ إذ استمتع بالمشاركة في تلك الموائد التي يقيمها جده للفقراء في كل عام.
حبه لعمل الخير واستشعاره لأهمية التعاطف مع المحتاج والتقرب منه سببان يجعلانه المرافق الأول والدائم لجده، ويقول أيهم إن أكثر اللحظات التي تسعده وتشعره بأنه مسؤول هي تلك التي يتشارك فيها بتوزيع ملابس العيد على الأطفال الأيتام واللعب معهم.
ويبين أن رمضان شهر التراحم والمحبة تعلم من خلاله كيف يكون راضيا بما لديه منضبطا يعرف جيدا كيف ينظم وقته ويكون محبا للخير.
عمر سامي طفل آخر كان رمضان مختلفا لديه هذا العام، والسبب أنه داوم على مرافقة والده إلى المسجد وتمكن من حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، كما أن هذا العام أتاح له فرصة الالتقاء بأقاربه من خلال الجمعات العائلية التي حضرها بخلاف السنوات السابقة.
تجربته مع رمضان جعلته يشعر بقيمة التواصل المباشر وذلك التزاور الذي زاد من الألفة والحب بينهم، لافتا إلى أن إحساسه بالمسؤولية كان السبب وراء حرصه على المساهمة في تنظيف الحي الذي يسكنه مع مجموعة من الأطفال وتوزيع الماء على المارة أثناء الأذان.
فرحة جديدة يختبرها الطفل زيد ابن السبعة أعوام لكونها المرة الأولى التي يصوم فيها اليوم كاملا متجاوزا بذلك مرحلة التدريب. صيامه شهر رمضان هذا العام علمه الصبر على العطش والجوع وجعله أكثر سعادة؛ إذ إن شعوره بالأطفال المحرومين نمى في داخله الرغبة في تقديم المساعدة لمن يحتاجها وزاد من إصراره على المشاركة في الأعمال التطوعية، تحديدا تلك التي تنظمها المدرسة.
ويكمل أن رمضان يعلم المحبة والتسامح، وهو حرص طوال هذا الشهر على أن يتبادل مع من حوله الاحترام ويكون متسامحا مع أصدقائه.
لمار خالد (13 عاما) هي أيضا أصبحت أكثر تسامحا وحبا خاصة في شهر الخير والرحمة؛ إذ ساعدها كثيرا على التغلب على تصرفات سلبية كانت تزعجها، وأعطاها فرصة لأن تكون شخصية مسؤولة تتحمل جزءا من الأعمال المنزلية.
وتلفت إلى أن مشاركتها لوالدتها في تحضير أطباق الأكل وأكواب العصير والعمل على تنظيفها لاحقا، خطوة مكنتها من أن تكون متعاونة مع الكبير والصغير، مبتعدة بذلك عن الكسل والخمول والاتكالية. وتبين أن رمضان عرفها على أصدقاء جدد وأوجد لديها روح المبادرة وجعلها تمتثل لأوامر والدتها أكثر من قبل.
إيجابيات كثيرة تحرص أم سائد على تعزيزها في أبنائها الثلاثة في شهر رمضان والالتزام بها بعد انقضائه. تقول "إن الأطفال يتأثرون جدا بما يشاهدونه ويسمعونه"، لهذا السبب ترى أن مهمتها كأم ومربية تكمن في التركيز على فعل الخير أمامهم وتعويدهم على مساندة الضعيف ومساعدة المحتاج ولو كان ذلك بأقل القليل.
كما أنها تهتم بتدريبهم على المشاركة في سقي أشجار الحديقة، وبعض المهام المنزلية، مشيرة إلى أن تنافسهم على التعامل بحب مع محيطهم يبرز جليا في مواقف كثيرة كتبادل طعام الإفطار مع الجيران ومساعدة كبير السن على عبور الشارع وزيارة المريض.
وتؤكد أن رمضان كان السبب في تغيير أبنائها نحو الأفضل، والمساهمة بدرجة كبيرة في جعلهم أكثر هدوءا وقناعة وإيجابية تعودوا في هذا الشهر أن يقابلوا الإساءة بالحسنة وأن يكونوا متعاونين مع الجميع.
ويرى الاستشاري التربوي د. عايش نوايسة، أن الصيام يعد مدرسة تربوية لتهذيب الأخلاق والسمو بالنفس عن رغباتها؛ إذ يعيش الطفل في جو إيماني فيه تربية للإرادة القوية، وتدريب على الصبر، ومراقبة الذات ومحاسبتها.
وفي الصوم يشعر الطفل بالمساواة بين الجميع، فالشروط واحدة على الغني والفقير، وتعزز هذه المساواة من السلوك المستقبلي للطفل، ويجد حالة وجدانية تنعكس على شخصيته في مواجهة تحديات الحياة المستقبلية، ويتعلم الجود والكرم والسخاء؛ من خلال إخراج الصدقات، وقضاء حاجات الناس، والقيام بالأعمال الصالحة، والعبادات؛ كالصلاة، وقراءة القرآن، وغير ذلك.
ويتعلم الطفل المحافظة على وقته، واستغلاله أفضل استغلال، من خلال القيام بأعمال مفيدة، وأداء الطاعات.
والشهر الكريم يربي الطفل كذلك على التحلي بالأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الأخلاق الذميمة؛ كالغضب، ويجعله يتحلى بالصبر على أداء الطاعات وتعزيز سلوك التسامح لديه.