في زوايا القلب.. بدايات تبقى عالقة لا تمحى بمرور السنوات

8
8
ربى الرياحي عمان- في قلب كل شخص حكايات وذكريات ومواقف تظل حاضرة تنبض بالحنين رغم مرور الزمن. البدايات من كل شيء هي مشاعر حقيقية تختزل في ذاكرة القلب، فلا أحد ينسى أول من أمسك بيده إلى المدرسة، أول شخص منحه مشاعر الصداقة، أول من آلمه وخذله، وأيضا لا ينسى أول خيبة وأول طعنة ظهر. نحن لا ننسى من جبر خاطرنا يوما ومن طبطب على كتفنا، لن ننسى أول صديق، أول معلم، أول نجاح وأول سقوط. المشاعر التي أفرحت فؤادك أو أدمته لن ينسى من كان سببها، جميع من كانوا الأوائل في كل شعور سيبقون حاضرين للأبد في القلب والروح والذاكرة. الثلاثينية فرح خالد تهتم كثيرا بتوثيق البدايات في كل شعور تعيشه، وتحرص على أن تظل ذكرى تعود إليها في أي وقت تريد. هي تدرك جيدا أن المشاعر الأولى من كل قصة تمر بها تحفر في القلب والروح ولا يمكن نسيانها رغم مرور السنين. فرح، ولأنها غارقة في حب التفاصيل، تحاول دائما تدوين اللحظات المميزة التي تحتاج لأن تستذكرها بما فيها من أحاسيس سواء كانت سيئة أو جميلة، وذلك من خلال كتابتها في بعض أسطر مختصرة في دفتر صغير خاص بها، وأيضا تلجأ للصور والفيديوهات لتوثيق أكثر المشاعر دفئا وقربا وسعادة. أما عن اللحظة التي لا يمكنها نسيانها أبدا، حسب قولها، فهي ولادة ابنها الأول، مبينة أنها لحظة خاصة جدا حتى وإن تكررت فلن يتكرر الشعور المرافق لها بالقوة واللهفة نفسهما. ولادة ابنها الأول، من وجهة نظرها، كانت بداية لمشاعر صادقة لن تمنحها إياها سوى الأمومة، فهي مع كل ابتسامة لابنها وكل كلمة وكل خطوة يخطوها تعيش فرحة جديدة ستبقى تذكرها للأبد. وتتفق معها العشرينية تقى جهاد، تقول إن البدايات، حتى وإن انتهت وأصبحت ذكرى، يبقى الإحساس الأول منها حاضرا وبقوة في الذاكرة. البدايات، وخاصة المفرحة منها، حسب رأيها، تمنح صاحبها إحساسا مختلفا بالسعادة وتجعله وفيا لها دائما. موضحة أنها لا تنسى لحظة تعيينها في عملها الذي كان سببا في تغيير حياتها وشخصيتها أيضا. وتجد أن المكان الذي تعمل فيه كان له فضل كبير بعد الله في صقل خبرتها الحياتية وتعريفها على نماذج كثيرة من الناس. تقول “أذكر تماما شعور الفرحة الذي اجتاحني عند سماع خبر التعيين، كانت لحظة مليئة بالشغف والحياة والانطلاق في تلك اللحظة تحديدا أحسست بأنها تمتلك الكون وأن الحياة فاتحة ذراعيها لكل الأحلام التي تنوي تحقيقها”. تقى، مثل كثيرين، ترى في البدايات حياة أخرى عصية على النسيان يغلفها الحنين والوفاء ومهما مرت السنوات يبقى لها وقعها وإحساسها المميز الذي لا يمحى ولا يزول. إلى ذلك، ترى هيا السعيد أن البدايات منها المفرح ومنها الحزين وأن الشعور السيئ والقاسي يخلد في الذاكرة كما الشعور الجميل وربما أكثر، فهي وعن تجربة تؤكد أن الخيبات والصدمات وطعنات الغدر قد يبقى أثرها للأبد، تقول “عشت تجربة صعبة مع أكثر صديقة مقربة كانت بالنسبة لي”. رهانها على وفائها وصدقها، كما تقول، لم يكن أبدا في مكانه، لكن هذا الدرس علمها الكثير بعد ذلك. هي ولأنها تؤمن بالصداقة إلى الأقصى وثقت كثيرا ولم تشك يومها في نية صديقتها تجاهها وغيرتها منها، بل على العكس كانت مطمئنة لها ترى فيها السند والملاذ. مبينة أن صدمتها الأولى بصديقتها جعلتها تخشى الاقتراب من الناس والتشكيك دائما في حقيقة مشاعرهم تجاهها. هيا، ورغم ما تعرضت له من غدر، لم تنقم على البدايات السيئة يوما تلك التي اختبرت فيها الألم والوجع ولم تحاول حتى وأدها لكونها تجد فيها دروسا مهمة ترجع إليها كلما استدعى الأمر لتأخذ منها ما يضيء لها أيامها المقبلة ويساعدها على تجاوز المواقف المؤلمة. الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، يرى أن المرة الأولى من كل شيء لا تنسى وتبقى عالقة في القلب والروح والذاكرة، لأن لها وقعا خاصا في نفس صاحبها. والبدايات كثيرة جدا، كما يلفت مطارنة، فالحياة كلها عبارة عن مراحل ومواقف وحكايات لها بداية ونهاية وهي قوية الحضور تختزل الكثير من المشاعر الحقيقية الصادقة وتبني لدى الشخص لاحقا قناعات ومفاهيم أخرى، وذلك بناء على التجارب التي يمر بها ولأي درجة كانت جميلة أو سيئة، مبينا أن البدايات تتحول في نهاية المطاف إلى ذكريات يغلفها الشوق والحنين ولا تخضع للنسيان مهما كانت. ويضيف، كما أن للبدايات عمق نفسي يحفز غالبا على القوة والانطلاق والفرح، فهناك أماكن وأشخاص ولحظات وأحاسيس تأبى أن تغادر ذاكرة القلب لجمال الشعور المرافق لها تظل التفاصيل كلها بملامحها مصدر سعادة لأصحابها يخشوا ألا تتكرر. ويؤكد مطارنة أن النهايات تنبت منها البدايات ودائما هناك بداية جديدة للنجاح للحياة وللحب ولأشياء أخرى، كفيلة بأن تضعنا على خريطة الطريق الصحيح مهما تعثرت الخطوات وتشوهت الوجهات. اقرأ المزيد: اضافة اعلان