في سورية: النظام فقد السيطرة على أتباعه

كاترين غويسيت – (الإكسبرس)

 ترجمة: مدني قصري
تواصلت موجة التنديد والإدانة ضد سورية في أعقاب مجازر الحولة يوم 25 أيار (مايو) ومجزرة القبير يوم الأربعاء الماضي. فبعد أن نفخ النظام في نار الطائفية، أصبح اليوم عاجزاً عن السيطرة على عصاباته، وأصبحت كل أنواع الانزلاقات المحتملة أمرا واردا اليوم. اضافة اعلان
ارتكبت مجزرة جديدة في سورية يوم الأربعاء الماضي، وتتهم المعارضة الشبيحة، أي العناصر الإضافية المكملة لنظام بشار الأسد الذي ينفي ارتكابه لهذه المجازر ويتهم الإرهابيين.
وقد قتل عشرات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، يوم الأربعاء الماضي في مجزرة القبير، حسب ما أعلنته المعارضة السورية. وكانت مجزرة أخرى سابقة قد حدثت بالقرب من مدينة حماة، يومي 25 و26 أيار (مايو)، والتي أسفرت عن أكثر من 100 ضحية. وتتهم المعارضة المليشيات الموالية للنظام، (الشبيحة) بارتكاب المجزرة، فيما تتهم دمشق "جماعة إرهابية". ولمعرفة المزيد عن هذه الموضوعات، سألت صحيفة الاكسبريس توماس بييريت المتخصص في الشؤون السورية حول دوامة العنف وخطر "لبننة" النزاع.
*في أي سياق وقعت مجازر الحولة والقبير؟
- لقد وقعت في منطقة تتواجد فيها العديد من الجماعات الطائفية، ومعظمها من السنة (الأغلبية في البلاد) ومن العلويين (وهي الأقلية التي تتشكل منها عشيرة الرئيس بشار الأسد). وهي المنطقة الواقعة بين شمال اللاذقية وإدلب وحماة شرقا وحمص وطرطوس جنوبا. وفي هذا القطاع، تتداخل المجموعات السكانية المختلفة بعضها مع البعض الآخر. ومع ازدياد العنف، تتوسع التوترات في هذه المنطقة وتزداد العلاقات سوءا يوما بعد يوم.
*المعارضة تتهم الشبيحة، فما الذي تعنيه هذه التسمية؟
-إنه مصطلح ملتبس. إنه يعني شيئا مثل "المظهر الخدّاع"، لكنه يشير أيضا إلى الكلمة العربية "شبح" وهو الاسم الذي يطلقه السوريون على سيارة المرسيدس الفاخرة ذات النوافذ المظللة التي يقودها رجال الاستخبارات وأقاربهم. ويعود أصل هذه الميليشيات الموالية للنظام إلى عهد احتلال سورية للبنان، والذي أدى إلى ظهور العديد من حركات التهريب. وقد نمت عصابات تهريب كثيرة وتطورت على الساحل، مستفيدة من تسامح النظام. وكان يدير هذه العصابات أعضاء من عشيرة الأسد نفسها. وكان نجلا جميل الأسد، وهو شقيق الراحل حافظ الأسد، من أخطر زعماء هذه العصابات. وكان النظام قد اضطر في التسعينيات في أعقاب موجة استياء سكان المنطقة الساحلية من هذه العصابات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد هذه العصابات، لكنه لم يسْع إلى تدميرها. وكان النظام في بداية الانتفاضة في ربيع 2011، قد استخدم بعض هذه الجماعات، وخاصة في اللاذقية، وكذلك في حمص ودمشق. وتنشط هذه العناصر متستّرة في لباس مدني، وتهاجم المعارضين أثناء المظاهرات.
وتجدر الإشارة إلى أنه كلما اتسعت أعمال العنف، اتخذ مصطلح الشبيحة معنى أوسع. هكذا باتت المعارضة تصف جميع المدنيين الموالين للنظام الذين يهاجمون المعارضين أثناء المظاهرات. وفي خارج المناطق التي تقطنها أغلبية علوية عالية، لا ينتمي هؤلاء البلطجية دائما إلى المجموعات الطائفية. ففي مدينة حلب حيث يمثل العلويّون قلة قليلة، تقيم هذه الجماعات التي يجري جلبُها من القبائل البدوية السنية التي تقيم علاقات فاسدة مع النظام، ولذلك لن تتردد هذه الجماعات من المرتزقة في التخلي عن النظام عندما تشعر بأنه قد أصبح ضعيفا.
*هل فقد الجيش السوري سيطرته على معاونيه الذين جندهم في المنطقة التي وقعت فيها المجازر؟
-أوّلا، لا بد أن ندرك أن بعض وحدات الجيش السوري تتصرف في كثير من الأحيان وفقا لنظام الميليشيات. وقد شاهدنا أشرطة فيديو على شبكة الانترنت تُظهر قوافل من الجنود وهي تغادر القرى التي نهبتها.
ومن ناحية أخرى لا يمكن للجيش أن يعول على جميع أفراده، لأن الغالبية العظمى من سكان البلاد هم من الطائفة السنية، وحتى قاعدة الجيش من السنة أيضا، حتى لو كانت قيادة الجيش من العلويين. ولذلك، فإن من المحتمل جدا أن تمكث العديد من الوحدات العسكرية في ثكناتها.
لقد وجه نظام بشار الأسد، مثلا، نداء إلى المتطوعين للقتال في حمص. وبعد أن نفخ كثيرا في النار الطائفية، أصبح هذا النظام غير قادر على السيطرة على رجاله، ولذلك أصبحت كل الانزلاقات إلى الفوضى والحرب الأهملية محتملة.
الطرح الذي يقدمه النظام، والذي يتهم المجموعات الإرهابية (السنية) بارتكاب المجازر، هو طرحٌ أراه خالياً من كل تبرير. فقطاع الحولة الذي شهد المجزرة الأخيرة هو منطقة سنية، وكان مسرحا للعديد من الأحداث، وهو أيضا مقر للمجلس الوطني السوري المعارض.
*هل هناك خشية من أن تغرق سورية في حرب أهلية؟
-في القطاع الذي حدثت فيه المجزرتان الأخيرتان، بدأت تتفاعل دينامية الانقسامات الطائفية على الطريقة اللبنانية. وقد أصبحت التوترات تزداد اتساعا وعمقا ما بين الطوائف، لا سيما وأن الخسائر التي تكبدها الجيش في الأسابيع الأخيرة باتت تثير لدى العلويين شعورا متزايدا بالضعف والهشاشة. لكن مثل هذه الراديكالية أقل احتمالا بكثير في مناطق أخرى من سورية، إما لأن تلك المناطق أكثر تجانسا من الناحية الطائفية، أو لأنه لم يتم حشد الأقليات الأخرى غير العلوية (مسيحيين ودروز وإسماعيليين) لقمع المعارضة.

*نشر هذا الحوار تحت عنوان:
 Syrie: "Le régime ne contrôle plus ses supplétifs