في معاني إنفاذ الدستور ودلالاتها

بينما انشغلت النخب السياسية وفقهاء الدستور والمحللين خلال الأسابيع الماضية في قراءة الطالع السياسي والتكهنات وقراءة النصوص الدستورية سياسياً ورغائبياً في بعض الأحيان من أنصار بقاء الحكومة الحالية أو الراغبين برحيلها على حد سواء؛ قضي الأمر بصدور الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب الثامن عشر وتشكيل مجلس الاعيان؛ الغرفة البرلمانية الثانية.اضافة اعلان
رسائل بالغة الأهمية؛ تؤكد بأن الأردن يبرهن مرة أخرى بأنه دولة قانون ومؤسسات؛ حيث إنفاذ الدستور أولوية مقدسة بالرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بفعل جائحة كورونا فذلك لا يعني مطلقاً الانكفاء والتحول فقط للتعامل معها وتغييب قنوات التمثيل السياسي وأهمها مجلس النواب بمعزل عن تقييم ادائه.
كان هناك إرادة سياسية حاسمة لدى جلالة الملك بأن الأمور ستجري كما ارادتها الاستحقاقات الدستورية دون زيادة أو نقصان وبعيداً عن كل التأويلات في رسائل عميقة الدلالات والمعاني تثبت مرة أخرى أن الأردن دولة راسخة لا تتوقف الحياة البرلمانية فيها مهما بلغت التحديات والمصاعب وهو ما نعيشه اليوم فعلياً بفعل الجائحة.
الاستحقاق الدستوري بحل مجلس النواب يوجب حكماً رحيل الحكومة الحالية خلال أسبوع من تاريخ صدور الإرادة الملكية بحل المجلس عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة (74) من الدستور وبالتالي نحن امام استحقاق مهم وهو تكليف شخصية جديدة بتشكيل الحكومة تخلف الحكومة الحالية.
بمعزل عن الأسماء المتداولة ومدى دقتها وجميعها مؤهلة فهي ما زالت في إطار التوقع والتحليل ما لم تصدر إرادة ملكية بالتكليف الا أن الجوهري في الأمر أن الرئيس القادم وحكومته يحتاجون الدعاء والدعم لأننا امام تحديات كبيرة صعبه وغير مسبوقة تستدعي جهودا كبيرة لتتمكن الحكومة المنتظرة من عبور هذه المرحلة التي قد تمتد لشهور وربما أكثر وتجاوز تبعاتها الصحية والاقتصادية المتوقعة وبطبيعة الحال التحديات السياسية التي فرضها تبدلات المناخ السياسي الإقليمي ونتائج الانتخابات البرلمانية على الصعيد الداخلي ومآلات الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني(نوفمبر).
جاءت حكومة الدكتور عمر الرزاز بزمن استثنائي ولكنها تغادر بظروف أكثر استثنائية؛ داهمتها كورونا في الهزيع الأخير من عمرها الدستوري الذي كان من المفترض ان ينتهي أواخر أيار الماضي ولكنها تصدت لمعركة تجنب كورونا دونما تجربة سابقة في التعامل مع هكذا وباء عالمياً فأغلقت البلاد وأوقفت معظم الأنشطة لكن الأزمة طالت وكانت الكلفة الاقتصادية كبيرة.
زادت المديونية العامة اثناء ولايتها أربعة مليارات دينار، شكلت في ظل معدل بطالة يقارب 19 % وقد تجاوزت البطالة اليوم 23 % ومرشحة للزيادة، التزمت بما يقارب 21 % مما وعدت به والعمل جار على تنفيذ 59 % مما وعدت به
و20 % لم تبدأ للآن وذلك حسب تقرير مركز راصد ولكنها تعاملت مع ازمة غير مسبوقة خلال مائة عام على مستوى العالم والحكم متروك فيها لزمن اخر بالتأكيد فلعل من الأمانة والانصاف أن يسجل لرئيسها بمعزل عن الإخفاقات والارتباك الذي حصل أنها تصدت بقدر ما استطاعت.
المهم اليوم وقد انتصرت إرادة الملك كما دائما لإنفاذ الاستحقاقات الدستورية على ما يحمل ذلك من معان ودلالات عميقة تؤكد أن الثوابت هي الأساس في عقل الدولة؛ يبدو الرهان مهماً على المشاركة الجادة والمسؤولة في العملية الانتخابية في العاشر من تشرين الثاني (نوفمبر) للوصول لمنتج برلماني مختلف يسهم في تحقيق تطلعات الناس ويستجيب لمطالبهم ويتجاوز مرحلة الإحباط من الأداء النيابي.