في مواجهة أزمة كورونا المصارف الإسلامية

غسان الطالب *

في تحذير شديد لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن تفشي فيروس كورونا سيقود الاقتصاد العالمي إلى أزمة اسوأ من تلك التي ضربت العالم في 2008 وان على الحكومات "التحرك بسرعة وقوة" للتصدي لهذه الجائحة وعمل كل ما يمكن من شأنه حماية دخل الفئات الاجتماعية والمشروعات الصغيرة، ففي مقالتنا هذه سنسلط الضوء على الدور الذي يمكن للنظام المصرفي العالمي ومصارفنا الإسلامية القيام به ومواجهة التحديات التي اوجدها فيروس كورونا خاصة ما ورد في تحذير المنظمة المتعلق بحماية دخل الفئات الاجتماعية والمقصود هنا الأفراد وأصحاب المشروعات الصغيرة لسببين، اولهما المحافظة على قدرتهما الاستهلاكية وبالتالي المحافظة على مستوى متوازن من الانتاج وتوظيف الأيدي العاملة.
وثانيا المحافظة كذلك على مستوى معين لهذه الفئة من الادخار وضمان تدفق الودائع الى البنوك ، وقد رأينا رد فعل وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى عندما أعلنوا بانهم سيستخدمون "كل أدوات السياسة المناسبة لتحقيق نمو قوي ومستدام، ودرء المخاطر الناجمة عن كورونا السريع الانتشار"، وان البنوك المركزية في هذه المجموعة ستواصل الوفاء بمسؤولياتها ودعم استقرار الأسعار والنمو الاقتصادي ، وهذا لن يتم بالطبع دون تقديم الدعم المادي للجهاز المصرفي وضمان مستوى مقبول من السيولة للقيام بدورها التمويلي تجاه الوحدات الاقتصادية.
ومثال على ما قام به بنك إنجلترا حيث خفض أسعار الفائدة خمسين نقطة أساس لتبلغ معدلات الفائدة ربع النقطة المئوية، وعمل كذلك على تقليص متطلبات رأس المال للبنوك، ثم تقديم حزمة دعم للشركات المتوسطة والصغيرة بحدود الـ 100 مليار جنيه إسترليني، ثم البنك الفيدرالي الأميركي حيث عمل على تخفيض الفائدة بخمسين نقطة وقرار الحكومة الأميركية بضخ ما يزيد عن 2 ترليون دولار في الاقتصاد الأـميركي وهذا ما لم نره في أزمة 2008 ، ومجموعة من الإجراءات الوقائية قامت بها حكومة الصين كذلك ازاء هذا الوضع العالمي وما يواجهه النظام المصرفي فاننا ننظر للمصارف الإسلامية كجزء فاعل ومهم في النظام المصرفي العالمي وان المخاطر المالية التي ستتركها هذه الجائحة لن تستثني احدا فالعالم اليوم يخوض معركة واحدة ضد عدو غير مريء وهناك ما يزيد على 170 دولة في العالم اوقفت ولو بشكل جزئي العديد من النشاطات الاقتصادية وانعزلت عن باقي دول العالم وهذا ما لم نره في أزمة العام 2008.
البنوك الإسلامية والتقليدية تتعامل في نفس السوق وتواجه نفس المخاطر التي تتسبب بها هذه الجائجة لكن المخاطر في البنوك التقليدية تتمثل في عدم قدرة الافراد والشركات من تسديد التزاماتها من القروض بينما المصارف الاسلامية تتمثل مخاطرها في توقف المشاريع الممولة على اساس المشاركة في الربح والخسارة كذلك تراجع تتدفق الودائع والمدخرات الى هذه المصارف، رغم هذا فانه من المؤكد ان وضع المصارف الإسلامية قد يختلف من دولة لاخرى ومن مصرف لآخر مع ذلك ستؤثر هذه الجائحة على جودة الأصول ونموها والربحية بشكل عام والسبب بكل تأكيد هو الوضع الاقتصادي العالمي العام.
ومن المخاطر التي تواجه المصارف الإسلامية خاصة في بلدان الخليج العربي المصدرة للنفط هو تراجع أسعار النفط بسبب تراجع الطلب العالمي الذي تسببت به أزمة فيروس كورونا، كما اننا على يقين بأن تعاون المصارف الاسلامية مع السلطات النقدية والرقابية في بلدانها لمواجهة مخاطر هذا الفيروس على قطاع الصناعة المصرفية الإسلامية سيسهم في تعزيز مكانتها في مجتمعاتها وكسب المزيد من ثقة عملائها.

اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي