في يوم الصحافة العالمي

كما هو الحال في كل عام، يطل علينا يوم الصحافة العالمي في الثالث من أيار من كل عام مثقلًا بالأعباء ومحملا بالأحلام والتطلعات وماضيا بالنضال. أعباء تتخذ أشكالا مختلفة؛ تشريعية وتنظيمية وممارسات تحول بين الصحافة وتحقيق مبتغاها. يقابل ذلك نضال مستمر من أجل الوصول لحلم الصحافة الحرة التي تحول بين السلطة وبين فرض وصايتها على العقل العام بالسعي نحو الوصول للحقيقة إيفاء بحق الجمهور في المعرفة.اضافة اعلان
عوامل عدة ومكونات جمة ومتطلبات كثيرة تقتضيها الصحافة لتعمل في مناخ يؤهلها لممارسة دورها. إحدى هذه المتطلبات هي البيئة التشريعية التي توازن بين الحرية والمسؤولية دون افتئات أحدها على الأخرى.
ليس انتقاصا من العوامل الباقية لنهضة الصحافة، لكن الحقيقة الأساسية أن الحلقة الأولى نحو صحافة حرة يتمثل في منظومة تشريعية تقف إلى جانب حرية التعبير عموما وحرية الصحافة بشكل خاص، منظومة تنطلق من ضمانات دستورية تكفل حماية حرية الصحافة وتضع الأطر العامة التي تشكل قيدا على المشرع تحول دون انحرافه وخروجه من إطار التنظيم نحو التقييد والمساس بجوهر هذه الحرية. وتشريعات وطنية تقوم على بنيان يدرك فلسفة حرية الصحافة والأدوار والوظائف المنوطة بها وفي مقدمتها الوظيفة الرقابية.
في يوم الصحافة العالمي لا بد لنا داخليا من وقفة مجددا مع المنظومة التشريعية الناظمة لعمل الصحافة، هذه المنظومة التي جعلت من الصحافة موضوعا ومحلا لتطبيق قوانين عدة، وخلق ازدواجية تشريعية، وترك الباب مشرعا في التطبيق العملي للالتفاف على قانون المطبوعات والنشر وتطبيق ثلة من التشريعات على الصحفيين؛ الأمر الذي ساهم وعزز من الرقابة الذاتية في العديد من الحالات لديهم وقد يكون حال بين الصحافة وبين تناول قضايا تهم الرأي والشأن العام في العديد من الحالات.
ما نحتاجه للنهوض بالصحافة على مستوى التشريع النص صراحة على عدم جواز محاكمة الصحفيين بسبب ما أجروه من أعمال إلا بموجب قانون المطبوعات والنشر الذي يمنع توقيف الصحفيين ولا يتضمن عقوبة الحبس.
ولكن علينا أن لا ننسى أيضا أن النهوض بحرية الصحافة يقتضي مراجعة قانون المطبوعات والنشر ذاته بما يضمن ضبط عدد من النصوص التي يتم محاكمة الصحفيين بناء عليها. وإلغاء المسؤولية المفترضة لرئيس التحرير، هذه المسؤولية التي امتدت لتشمل مسؤولية المطبوعات الإلكترونية عن تعليقات القراء وما يشكله ذلك من تجاوز على مبدأ شخصية العقوبة. ومراجعة العقوبات المفروضة والمتمثلة في الغرامات المرتفعة نسبيا والتي تشكل قيودا غير مباشرة على حرية الصحافة، وغير ذلك الكثير من النصوص التي تحتاج إلى مراجعة شاملة.