قاتلوهم بعقل

يديعوت أحرونوت

ناحوم بارنيع

الأنباء قاسية ومثيرة للغضب، لكن لا أحد في دائرة متخذي القرارات فوجئ حقا. بالعكس: كان فرض العمل الذي صاحب اعمال البحث هو أن المخطوفين ليسوا أحياءً. وكان الجهد العظيم الذي بذله "الشباك" والجيش الإسرائيلي على الارض يرمي إلى انهاء هذه القضية، وإلى إزالة عدم اليقين عند العائلات والجمهور، وأن يُستل القتلة بالطبع من مخبئهم، وأن يُعثر على كل من كان مشاركا في فعل الإرهاب المخيف هذا ويعاقَب.اضافة اعلان
لم يكن السؤال ما الذي سيكشف عنه بل متى وأين. ولأنه لم يفاجأ أحد كان يوجد وقت كاف للجهات جميعا لتصوغ رأيا فيما يجب أن يُقال ويُفعل بعقب الكشف. لا يستطيع أحد منهم أن يقول في يوم الحسم إنه عمل صدورا عن هياج نفس أو إنه أصيب بصدمة أو إن الزعزعة شوشت عليه رأيه.
إن المعضلة مطروحة على طاولة رئيس الوزراء ووزراء الطاقم الوزاري المقلص. ويفترض أن يتوصلوا إلى قرارات تلبي مصالح مختلفة ومتناقضة احيانا. ولا سبب يدعو إلى أن يُحسدوا.
آمل أن يفكروا قبل كل شيء في مواجهة العدو من الخارج وأن يواجهوا الضغوط من الداخل بعد ذلك فقط. يجب على إسرائيل أن تستمر على ضرب حماس فهذا مهم للردع ومهم للأمن ومهم لمستقبل العلاقات بالسلطة الفلسطينية. لكن يجب فعل ذلك بطريقة عاقلة وبوسائل جراحية. وينبغي اعتقال اشخاص – المفرج عنهم بصفقة شليط الذين لم يعتقلوا بعد – مثلا، لكن مع ترك السكان يعيشون حياتهم. فالاجراءات الشاملة والعقاب الجماعي قد يحثان السكان في الضفة إلى ذراعي حماس ويفضيان إلى توسيع الارهاب بدل احباطه.
إن مصلحة الدولة الآن أن تعزل أبو مازن عن حماس. وهو يعزل نفسه بتصميم أيضا من غيرنا لكننا نستطيع أن نساعد. والفعل الغريزي هو أن نوحد الفلسطينيين جميعا دون تفرقة وكأنهم كيان واحد.
يقول مسؤولون كبار في الجهاز يعرفون الفلسطينيين جيدا، إن الجمهور العريض قدّر الاختطاف وربما القتل أيضا، لكنه ابتعد عن منفذيه كابتعاده عن النار. وهميُجلون حماس لجرأتها، ويكرهونها لأنها أفسدت عليهم رمضان. إن حكومة إسرائيلية قصيرة النظر تجمعهم جميعا في رزمة واحدة، أما الحكومة الحكيمة فتُفرق بينهم.
يسمع رئيس الوزراء ووزراؤه الأصوات من المستوطنات التي تسكنها العائلات، ومن نشطاء أحزابهم ومن الشارع ويشعرون بالحاجة إلى الرد على هذه الاصوات أيضا. ويخشون أنه اذا لم يستقر رأيهم على عملية حاسمة وصاخبة وثورية فان جهات في اليمين الإسرائيلي ستبدأ عمليات انتقام من قبلها. وقد شهدنا مثل هذا الأمر في ثمانينيات القرن الماضي من الجبهة السرية اليهودية. فالغرائز هي نفس الغرائز والاخطار هي نفس الاخطار. يجب على "الشباك" أن يستعد الآن لهذه الامكانية مع استعداده للامساك بالقتلة. لكن "الشباك" غير كاف من وجهة نظر وزراء اليمين، بل يجب على الحكومة أن تبرهن لناخبيها أنها تنتقم لهم.
الهياج في الشارع يأتي ويذهب، ولا يجب على الساسة أن يدفعوا عنه ثمنا بقرارات غير موزونة. وبرغم ذلك يشعر رئيس الوزراء ووزراؤه بالمزاج العام في الشارع. ويخشون أن يُصوروا أنهم عاجزون، ومسؤولون كثيرا ومغفلون للعدو من حماس. والخوف هو مستشار غير حكيم.
يريد رؤساء حزب البيت اليهودي أيضا بدء حرب عامة في المناطق (الضفة والقطاع)، حرب تعرض ناخبيهم قبل الجميع للخطر، وأن يستقر الرأي أيضا على "رد صهيوني مناسب" هو البناء الكثيف في يهودا والسامرة. وهم يريدون دما ويريدون دماءً ويسهل عليهم فعل ذلك كلما لا تكون المسؤولية ملقاة على عاتقهم.
وهم يعتمدون على أن الغرب يقلقه أكثر الآن سيطرة منظمات ارهاب سنية على أجزاء من العراق وسوريا، صحيح هذا هو ما يقلق الغرب. لكنهم ذهلوا من رؤية الاضرار التي تسببها المستوطنات للاقتصاد الإسرائيلي ومكانة إسرائيل هناك. فالردود الصهيونية المناسبة من هذا القبيل ليست صهيونية ومناسبة إلا في إسرائيل.