قانون الانتخاب غائب حاضر

دخل مجلس الأمة الثامن عشر منذ الأحد الماضي دورته العادية الأخيرة التي تنتهي في العاشر من ايار/ مايو من العام المقبل، وبدخول النواب دورتهم الاخيرة فتحت شهية مراقبين ونواب وحزبيين لتوقع إن كانت الحكومة سترسل تعديلات على قانون الانتخاب ام لا؟، ومدى جوهرية تلك التعديلات ارسال مشروع قانون جديد للانتخاب. وفق التسريبات الآنية فإن الحكومة لا تفكر حاضرا بتعديل قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب الثامن عشر، وبحسب ما يتسرب من معلومات فإن اي تعديل إن كان سيجري على القانون سيكون لوجستيا فقط بمعنى أنه سيكون اجرائيا يعالج بعض الثغرات التي حصلت في الانتخابات الماضية، ويعطي بعض المفاصل. ما يدفعنا لتوقع عدم وجود تعديلات على قانون الانتخاب هو سيرورة الحكومة ونهجها، إذ لم تظهر الحكومة أي نية ولم تقم بأي مبادرة تتضمن إجراء تعديلات على القانون، فكما هو معلوم لو توفرت نية حكومية للتعديل سيتعين عليها فتح حوارات مختلفة مع أطياف المجتمع، احزاب، نقابات، نواب واعيان، ومؤسسات مجتمع مدني، وعليها وقتذاك أن تطلب من جميع تلك المؤسسات رؤى حول القانون وتعديلاته، وتفتح حوارات مبرمجة بشأنها. ذاك لا يمنع من أن تتحدث أطراف كثيرة حول رؤيتها لتعديلات مقترحة على قانون الانتخاب، وأولئك يرون ان القانون بحاجة لتعديل بحيث يكون أسلس واكثر قوة وتمثيلا ويسمح للأحزاب والتيارات السياسية بالدخول لقبة البرلمان، وأولئك يمتلكون ملاحظات مختلفة على القانون الحالي الذي جرت بموجبه الانتخابات الماضية، ويرون أن بعض مفاصله كانت عصية بحيث لم تسمح لتمثيل اكثر من قائمة، بيد أن اطرافا في الدولة والحكومة وناشطين آخرين يرون أن القانون الحالي كان جيدا، ولا يوجد ما يمنع الإبقاء على شكله الحالي مع امكانية إدخال تعديلات طفيفة. هنا لا بد من معرفة ان فكرة اجراء تعديل على قانون الانتخاب لم تكن بعيدة عن تفكير بعض اطراف الحكومة، واولئك كانوا يدفعون بضرورة اجراء تعديلات مثل اعادة النظر بطريقة احتساب الاصوات وتخفيض عدد اعضاء مجلس النواب، بيد ان تلك الرؤى تراجعت مع مرور الوقت، وباتت الفكرة الاكثر حضورا هي عدم المس بالقانون، وإن كان لا ضير من اجراء تعديلات اجرائية طفيفة على القانون. لا شك ان الوقت ما يزال يسمح لتغيير وتبديل المعطيات والرؤى، وبروز معطيات جديدة تدفع بإجراء تعديلات جوهرية، فحتى الآن هناك وقت يسمح إن رأت الحكومة ان حاجة ملحة برزت لتعديل قانون الانتخاب للدفع بتعديلات معينة عميقة لمجلس النواب وترك المجلس هو الذي يفتح حوارات مع الاطياف السياسية المختلفة حول التعديلات المقترحة، كما انه لا يوجد ما يمنع من عقد دورة استثنائية سريعة بعد انتهاء العادية الاخيرة وإدراج تلك التعديلات على جدول اعمالها، فالدستور يسمح بمثل تلك الدورة وخاصة ان عمر مجلس النواب دستوريا ينتهي في صيف العام المقبل ما يعني امكانية عقد استثنائية اذا توفرت معطيات ضاغطة لذلك. لسنا هنا بصدد مناقشة القانون الحالي من ناحية قدرته على خلق تيارات سياسية او ايصال احزاب لقبة البرلمان، فذاك الامر محكوم بمدى الرغبة في تهيئة الطروف التي تسمح بذلك وتعزيز شفافية الانتخاب في المقام الرئيس ومنع المال الاسود. كان الامل ان تبادر الدولة بتدريج ولوج الاحزاب لقبة البرلمان من خلال تخصيص كوتة حزبية وفتح الطريق امام الاحزاب لكي يكون لديها برامج وممثلون حقيقيون تحت القبة، بيد ان معطيات الواقع الراهن لا تشي بوجود مثل تلك الخطط لدى الحكومة.اضافة اعلان