قانون الانتخاب.. كلاكيت مرة أخرى

بتنا في ربع الساعة الاخير، من الشوط الثاني لإقرار مشروع قانون جديد للانتخاب، وهو القانون الذي سينتج عنه مجلس نواب جديد، وسيخلف قانونا آخر، كان نتج عنه مجلس النواب الحالي، الذي أحضر لنا القوائم الوطنية، فيما سبقه قانون آخر أحضر لنا دوائر وهمية، وهكذا دواليك، لا استقرار تشريعيا، ولا رؤية موحدة.اضافة اعلان
الأمر المرجح أن انتخابات مجلس النواب التاسع عشر (بعد المقبل) ستجرى وفق قانون انتخاب جديد، وسيخرج علينا أصحاب القانون المقبل "مطبلين، مزمرين، مهللين" له، بأن القانون الجديد يعالج الثغرات التي لوحظت في سابقه.
للأسف، سيكون هناك كثر قد أشاروا لتلك الثغرات قبل إقرار ذلك القانون، ونوهوا أن بعض مواده لا تنشئ إصلاحا يوصلنا للدولة المدنية العصرية العلمانية، ولحكومات برلمانية، ولكن وقت ذلك لم يكن هناك حياة لمن تنادي.
منذ 1989، أي قبل 27 عاما، ونحن نقول إنا نتدرج في الديمقراطية، وما تزال الديمقراطية برأي حكومتنا (الرشيدة) تحبو، ونحن عامة الشعب لا نستطيع أن نتعامل مع كامل الفكر الديمقراطي دفعة واحدة.
ذاك الكلام السوداوي بحق الحكومة نابع من تجارب لا تنتهِي خضعنا لها نحن عامة الشعب، فهل يعقل أن يطبق علينا خلال فترة لا تتجاوز 6 سنوات 3 أنظمة انتخابية مختلفة، وبعد ذلك يخرج من يقول إن الناس تعزف عن الذهاب للانتخاب؟!
طبعا الناس ستعزف، فلم تعد لديها ثقة بالمادة، وأعني قوانين الانتخاب، ولا بالمنتج وأعني النواب أيضا، فكثرة الطباخين تخرب الطبخة، وأحيانا تحرقها، وكثرة الانظمة الانتخابية، مؤشر غير إيجابي وغير إصلاحي أيضا، ولا ينبئ بثقة.
من حق الشعب الذي خبر الديمقراطية وتعامل معها قبل 27 عاما منحه قوانين انتخاب دائمة غير طيارة، تغير عند كل شاردة وواردة، وحسب المزاج العام، ورضا الحكومة.
آنيا، يناقش النواب مشروع قانون للانتخاب، وهو مشروع إصلاحي وتقدمي وقفزة إيجابية للإمام، بالنسبة لقوانين سابقة، ولكن عندما نتحدث مع المعنيين عن القانون عن سبب عدم جعل عمان وإربد والزرقاء دائرة واحدة على شاكلة محافظات أخرى، أو وضع عتبة في القانون، الأمر الذي يسهل تحقيق وقيام ائتلافات، يكون الجواب الحاضر دوما، نريد التدرج في التطبيق، والتدرج في القائمة وغيرها من المبررات، لدرجة بتّ أشعر أن كلمة تدرج تعني بالمفهوم الأردني "لفا ودورانا"، فلا أحد يستطيع إقناعي لماذا التدرج في التطبيق؟ وهل شعبنا غير واع لكي نتدرج معه كالأطفال؟
قبل أن يغضب معالي د. خالد الكلالدة ويعتبرني كالعادة، دائم النكش على مشروع القانون، فإن القول بأن المشروع تقدمي وإصلاحي لا يعني غض النظر عن ملاحظات جوهرية اعترته، أبرزها أن القانون بشكله الحالي لن يخلق تيارات سياسية تحت قبة البرلمان، فأي قائمة سيكون من الصعب عليها الحصول على أكثر من مقعد أو اثنين في المجلس، ويمكن أن يحصل حزب واحد منظم على أكثر من ذلك بقليل، الأمر الذي يعني تكرار تجربة القوائم الوطنية التي جربناها في القانون الذي أنتج المجلس الحالي، وهو الأمر الذي سيبعدنا مجددا عن فكرة الحكومات البرلمانية، والتي نضعها كشعار من دون وضع آليات لتنفيذها على أرض الواقع.
على أي حال، مشروع القانون سيقرّ من غرفتي التشريع (النواب والأعيان) من دون تعديلات جوهرية.