قانون الضريبة إصلاح أو نكوص

 

منذ سنوات ومعزوفة المطالبات تتكرر بضرورة تخفيض العبء الضريبي المرتفع وتقليص عدد الضرائب التي تجاوزت 100 ضريبة ورسم، ما أثقل كاهل المواطن واستنزف دخله.

اضافة اعلان

وحسنا فعلت الحكومة حينما قررت اختزال العدد المهول من الضرائب بأربع أنواع فقط هي؛ ضريبة الدخل والمبيعات وضرائب الملكية ورسوم الطوابع فهذا الفعل من حيث المبدأ إيجابي ولو من ناحية نفسية، فمعرفة المواطن بأن أي معاملة تلزمه تتطلب منه دفع رسوم ليس لها أول من آخر، أمر له العديد من الآثار السلبية المادية والمعنوية.

فالمسلك المتبع على مدى سنوات رسخ القناعات لدى المجتمع بأن مهمة الحكومة تتركز في الجباية واستنزاف جيوب المواطنين، ورفد الخزينة بالأموال والتي يدرك جيدا أنها لا تنفق بشكل مثالي، والأمثلة كثيرة على ذلك فمئات الملايين من الدنانير التي أنفقت خلال السنوات الماضية لم تسهم ولو قليلا في الارتقاء بمستوى الخدمات الأساسية التي يتلقاها المواطن من تعليم وصحة ومياه.

ويبدو أمرا إيجابيا أن تضحي الحكومة بجزء من عوائدها من ضريبة الدخل والرسوم التي سيتم إلغاؤها، والهدف بحسب التبريرات الحكومية هو إيجاد تشريع إصلاحي يعالج الاختلالات التي يعاني منها النظام الضريبي الحالي ويهيئ لمستقبل أفضل للاقتصاد الوطني.

للقانون المقترح، مزايا أهمها أنه يخفف العبء عن شريحة الأفراد حيث يساهم في توزيع العبء الضريبي على الأشخاص الطبيعيين، فالقانون زاد عدد المعفيين من الضرائب من ذوي الدخل المحدود 100 ألف مكلف جديد.

وزير المالية يفرط في تفاؤله، ويؤكد غير مرة أن "الدول التي سبقت الأردن في تخفيض نسب الضرائب كانت تعاني من عجز مالي مزمن ويفوق كثيرا مستويات العجز في حالة الأردن ولم تستهدف من وراء ذلك التضحية في إيراداتها المحدودة، فإصلاح نظامها الضريبي وإدارتها الضريبية انعكس بشكل إيجابي، فاق جميع التوقعات التي كانت متشائمة آنذاك؛ إذ ارتفعت إيراداتها بأكثر من أربعة أضعاف في غضون أقل من خمس سنوات".

وحتى لا نكون حكوميين أكثر من الحكومة وحتى لا تبدو المطالبات السابقة حول أهمية تخفيف العبء الضريبي بوابة لمهاجمة الحكومة فقط، فإن العودة لمهاجمة الحكومة الآن لنيتها تخفيض الضريبة يبدو أمرا غير مقبول.

فلا ضير من تخفيض الضريبة بل والتخلص منها تماما إذا ما عرفنا أن سبلا مضمونة ستعيد توفير هذه الأموال، وغير ذلك فإننا سنجد أنفسنا أمام عجز متكرر لا يقوى الاقتصاد على مواجهته ولا تسطتيع الحكومة تسديده إلا من خلال التلاعب مجددا بضريبة المبيعات التي لم تمسها هذه المرة.

فمن غير المقبول أن تخفض الحكومة ضريبة الدخل وتصر على إبقاء المبيعات على حالها رغم معرفتنا جميعا أن متوسطي ومحدودي الدخل أكثر إنفاقا على هذه الضريبة من الأغنياء بسبب اختلاف سلة استهلاك كل منهما.

 لا ضير من تخفيض ضريبة الدخل، بيد أن على المشرع تقديم دلالات وضمانات كافية حول كيفية تعويض الحكومة للإيرادات التي ستفقدها في حال إقرار التشريع الجديد، حتى لا نقع مرة أخرى في مطب عجز الموازنة ولا نجد مناصا من العودة إلى فرض مزيد من الضرائب أو إلى أحضان صندوق النقد الدولي.

[email protected]