قبول توصيات ضمان مبدأ عدم الإعادة القسرية والحد من الاحتجاز الإداري

هديل غبّون

عمّان – دعا نشطاء ومنظمات حقوقية، الحكومة إلى وضع خطة تنفيذية لمتابعة توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان 2018 (UPR)، حيث من المقرر أن تقدم البعثة الرسمية في جنيف التقرير النهائي لاعتماده أمام مجلس حقوق الانسان في دورته الاربعين، يوم الخميس المقبل. اضافة اعلان
ويأتي ذلك بعدما أعلنت الحكومة أول من أمس، عبر رئيس وحدة حقوق الانسان في رئاسة الوزراء خليل العبداللات، عن قبول 16 توصية كانت مدرجة في بند التوصيات "المعلقة قيد الدراسة وعددها الأصلي 21"، فيما قبلت الحكومة أيضا توصيتين اثنتين من التوصيات التي كانت مدرجة في بند "الإحاطة علما" من أصل 74 توصية.
وأصبح العدد الكلي للتوصيات المقبولة 149 توصية، بعد أن كانت 131 توصية، فيما أصبح عدد التوصيات المدرجة الآن تحت بند الإحاطة علما أو المرفوضة ضمنيا، 76 توصية بعد إضافة التوصيات الخمس المتبقية من التوصيات قيد الدراسة الـ21.
والتوصيات الخمس المعلقة، التي لم توافق الحكومة عليها، حسبما أوضحت مصادر حقوقية لـ"الغد"، هي التوصيات أرقام: 4 و7 و15 و16 و19، وهي متعلقة بتعديل المادة 208 من قانون العقوبات حول التعذيب، والتي تدعو إلى اعتبار التعذيب جريمة جنائية خطرة، والتوصية المتعلقة باعتماد تشريع وطني شامل لحظر التمييز العنصري المباشر وغير المباشر.
أما التوصية المرفوضة الثالثة فتتعلق بتمكين الوصول غير المحدود إلى الانترنت لجميع أفراد المجتمع عن طريق ضمان الأمن السيبراني والتدفق الآمن للمعلومات دون انتهاك حرية التعبير أو الحق في الخصوصية.
ومن ضمن التوصيات الخمس الأخرى المرفوضة، النص المتعلق بتعديل قانون العمل ليتوافق مع المعايير الدولية بما في ذلك السماح للعمال الاجانب بتشكيل نقابات عمالية، إضافة إلى التوصية المتعلقة بتسهيل إنشاء وتشغيل منظمات المجتمع المدني من خلال تعديل قانون الجمعيات وفقا لمتطلبات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والحد من تدخلات الدولة في إنشاء الجمعيات خاصة القيود المفروضة على التمويل.
من جهتها، قالت المديرة التنفيذية للشبكة القانونية للنساء العربيات المحامية سماح مرمش إن عدم قبول جميع التوصيات المعلقة "يعتبر تراجعا غير مبرر"، في الوقت الذي حقق الأردن فيه بعض الخطوات على أرض الواقع في حقول تتعلق بالتوصيات التي بقيت معلقة وانضمت إلى المرفوضة ضمنيا.
وبينت مرمش أن من الامثلة على ذلك، التطورات على مستوى التشريعات والسياسات في مجالات حرية التعبير والرأي والنشر الالكتروني والتعذيب الذي وافق الأردن في مناقشة الاستعراض على كثير من التوصيات التي تدعم توجهه في مواءمة ملفه مع المعايير الدولية.
في السياق نفسه، شددت مرمش على ضرورة أن تعلن الحكومة في الايام المقبلة، عن خطة عمل محددة لمتابعة التوصيات وتنفيذها ووضع مصفوفة "لقياس المؤشرات" للتنفيذ، وتعديلها بين الحين والآخر، مشيرة إلى أن بعض الخطط لا تحقق النتائج المرجوة عند التطبيق ما يستدعي مراجعتها.
وعلى مستوى المشاورات مع المجتمع المدني، دعت مرمش إلى فتح حوارات جديدة مع كل منظمات المجتمع المدني وفق قاعدة بيانات محدثة، قائلة "إن المجتمع المدني معني ليس بالتشاور فقط بل لديه الجاهزية للمساندة في تنفيذ التوصيات من خلال برامجها المجتمعية التي تعمل من خلالها".
وتساءلت "لماذا ينكر الأردن الانجاز الذي حققه برفضه توصيات تم البناء عليها في وقت سابق وإن كان بخطوات معدودة، مثلا قانون الجمعيات، ما الضير من مراجعته وتخفيف القيود المفروضة على الجمعيات بالتمويل عبر أسس جديدة شفافة في إطار الحاكمية الرشدية.. هناك رقابة لا مبرر لها".
ويعتبر عدد من التوصيات الـ16 التي قبلتها الحكومة، من التوصيات الجوهرية، بحسب الناشط الحقوقي كمال المشرقي وعضو مجلس منظمات حقوق الانسان الأردني، من بينها التوصية المتعلقة بزيادة عدد الملاجئ لضحايا العنف القائم على الجنس وجرائم الشرف (التوصية رقم 9)، والتوصية المتعلقة "بتعميق" التدابير المتعلقة لضمان مبدأ عدم الإعادة القسرية"، رغم عدم مصادقة الأردن على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين للعام 1951.
وحول موقف الحكومة من قبول 16 توصية في الوقت الذي طالبت فيه منظمات المجتمع المدني بقبول التوصيات المعلقة جميعها، قال المشرقي إن حقوق الانسان غير قابلة للتجزئة، داعيا الحكومة إلى الأخذ بعين الاعتبار بجميع التوصيات المقبولة والمرفوضة (الإحاطة علما) على محمل الجد، وأن تكون هناك إرادة حقيقية لتحسين حالة حقوق الانسان وفقا لمبادئ الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان.
وفيما يتعلق بالتوصيات المرفوضة بعد إعادة الدراسة، قال المشرقي إن الحكومة يقع على عاتقها أن تدرس التوصيات المرفوضة بجدية مطلقة، وأن تخضع جميعها إلى عملية تحليل ودراسة ومواءمة بالتشاور مع المجتمع المدني في المرحلة اللاحقة، فيما شدد على ضرورة أن تعلن الحكومة في المرحلة المقبلة عن خطة عمل تنفيذية لمتابعة التوصيات المقبولة وتفعيلها خلال الأعوام الأربعة المقبلة، بالتنسيق مع الفريق المعني بالاستعراض الدوري بالاردن.
وفي السياق ذاته، أشار المشرقي إلى أن هناك توصيات بقيت ضمن المرفوضة رغم ارتباطها بتوصيات مقبولة، من بينها التوصية المتعلقة بتعديل المادة 208 من قانون العقوبات التي رفضت في الوقت الذي قبلت فيه عدة توصيات.
وأوضح أن نسبة التوصيات المقبولة للاستعراض 2018 النهائية الآن شكلت ما نسبته 66 % مقابل نسبة قبول بلغت 72.8% في الاستعراض 2013.
ومن أبرز التوصيات التي قبلت ضمن إعادة الدراسة، تلك المتعلقة بتعديل قانون مكافحة الإرهاب بما يتماشى مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.