قراءة في أوراق أبوت آباد: إعادة تصنيف تنظيم القاعدة

إحدى وثائق القاعدة التي ضبطت في مكان إقامة بن لادن بعد مقتله - (أرشيفية)
إحدى وثائق القاعدة التي ضبطت في مكان إقامة بن لادن بعد مقتله - (أرشيفية)

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 4/5/2012

 ترجمة: علاء الدين أبو زينة

الوثائق التي صودرت من المجمع السكني الذي كان يقطنه أسامة بن لادن في أبوت آباد قبل نحو عام، والتي تم الإفراج عنها في 3 أيار (مايو)، تظل مثيرة وغير مفاجئة على حد سواء. وتتساوق الصورة التي ترسمها هذه الوثائق مع إيجازات مصادر الاستخبارات التي كانت الإيكونوميست قد نشرتها مؤخراً. وهي تتحدث عن رجل محبط للغاية، كان قد رأى معظم زملائه القريبين وهم يقتلون، ويشعر بالحيرة إزاء كيفية التعامل مع الربيع العربي، وكانت له سيطرة قليلة على "الفروع صاحبة الامتياز" لتنظيم القاعدة في اليمن والمغرب العربي، والتي أصبحت مؤامراتها ضد أهداف غربية بعيدة منفصلة كلها تقريباً وبشكل تام عن حقيقة قدرة شبكة الإرهاب الجوفاء والمفرغة من محتواها على التنفيذ.اضافة اعلان
ومع ذلك، تنطوي الوثائق بشكل ما على مذكرة تحذير تأتي في محلها. إن الوثائق السبع عشرة التي تمت ترجمتها وإصدارها مع تعليق من الخبراء في مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية وست بوينت العسكرية، ليست سوى جزء صغير جداً فقط من عدة آلاف من ملفات الحاسوب التي جلبها عناصر الغارة التي شنتها قوات البحرية في أبوت آباد. ومن بين هذه الوثائق التي وصفها الأشباح الغربيون بأنها "الكنز الدفين"، فإن الغالبية العظمى ستظل سريّة لفترة طويلة قادمة، تاركة ناشطي القاعدة يخمنّون فيما بتعلق بمقدار ما يعرفه أعداؤهم عن أين هم بالضبط، ومَن الذي يتحدثون إليه، وما الذي يفعلونه. وثمة أشياء قليلة يمكن أن تكون أكثر تدميراً لفعالية الخلايا الإرهابية من تسارع جنون العظمة. وقد تم قتل عدد كبير من مقاتلي القاعدة على يد "زملائهم" بدافع الشك بالخيانة.
لعل حقيقة أن أياً من الوثائق التي تم الإفراج عنها لم تكشف أي شيء عن اتصالات بن لادن مع أي شخص يتمتع بصفة رسمية في باكستان، تشكل أيضاً مؤشراً على طريقة اختيار المقتطفات التي تم الإفراج عنها بشكل دقيق ومحسوب. وما يزال من غير الممكن تقريباً تصور أن وجود أسامة بن لادن في أبوت أباد لمدة ست سنوات لم يكن معلومة معروفة رسمياً ومخبأة في مكان ما داخل مؤسسة الجيش أو المخابرات. وعلاوة على ذلك، كان لنشر الوثائق غرض دعائي واضح. إنه يأتي ليكون جزءاً من محاولة تقوم أميركا بتنفيذها ببراعة لتصوير القاعدة كمنظمة تمر في طور خرَف الشيخوخة. كما يأتي النشر أيضاً ليكون بمثابة تذكير آخر بأوراق اعتماد باراك أوباما الأمنية (وقد أتى الإفراج عن الوثائق تماماً بعد مرور الرئيس في الأسبوع الماضي بقاعدة باغرام الجوية في أفغانستان) فيما هو يمهد الطريق ويحضّر الأرضية لحملة اعادة انتخابه.
وهكذا، ربما يكون الكشف الأكثر إثارة للاهتمام في الوثائق هو بيان الدرجة التي أصبح بها بن لادن مشمئزاً من القتل العشوائي وبدون تمييز للمسلمين على يد جماعات وفصائل باستغلال العلامة التجارية لتنظيم القاعدة، أو بربطها أنفسها مع القاعدة. وإذا نظرنا إلى غضبه من التجاوزات الوحشية التي ارتكبها تنظيم القاعدة في العراق، وتوسله إلى طالبان الباكستانية للحد من أنشطتها، وتعليماته إلى تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية لوقف القتال ضد قوات الأمن اليمنية والالتفات نحو تسديد ضربات ضد "العدو البعيد" (الغرب، وأميركا قبل كل شيء) فإنها كلها مؤشرات على أنه كان يدرك تماماً حقيقة أنه كان قد أطلق العنان لمسخ متحوّل قاتل، والذي أصبح عاجزاً عن السيطرة عليه. حتى أن أسامة بن لادن كان يفكر قبيل وفاته، على ما يبدو، في إعادة تصنيف تنظيم القاعدة تحت عنوان جديد: خطة أخرى أفضت إلى لا شيء.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Reading the Abbottabad papers: Rebranding al-Qaeda

[email protected]