قراءة في خطاب الثقة لحكومة الرئيس بشر الخصاونة

استمعنا بكل احترامٍ وانصاتٍ وانتباهٍ تامٍ لخطابِ الثقةِ الذي قدمه رئيس الوزراء بشر الخصاونة أمام البرلمان، بعد ثلاثة أشهر انتظار، ولا أضن أن أحداً يختلف مع مضامين خطاب الثقة ولا يختلف أيضا مع ترتيب الأولويات حسبما جاءت في ذلك الخطاب. فاعطاء الاولوية الأولى لصحّة الأردنيين وسلامتهم، أمر في غاية الاهمية في ظل هذه الجائحة التي خطفت منا الامان والثقة وزعزعت النفسيات. فالمواطن بانتظار أخذ المطعوم المناسب لهذا الفيروس اللعين لمنحه المناعة اللازمة التي تمكنه من العوده السريعة لحياته الطبيعية. والأمل معقود بأن يصل المطعوم في الاسابيع القليلة المقبلة بحيث يوزع على المواطنين ضمن برنامج أولويات مدروس. الأولوية الثانية؛ الاقتصاد ومنعته وسلامته ومعالجة مسألتي الفقر والبطالة، اللتان تفاقمتا في السنوات الاخيرة، والعمل بسرعة لوضع خريطة طريق واضحة لتعزيز نهج الاعتماد على الذّات. فمن فقد وظيفته ظلماً، أو نتيجة للأزمة، يريد غيرها بشروط تضمن له استمرارية انتاجيته وعطاءه بتشريعات تحميه وتحمي أسرته. ومن انحدر تحت خط الفقر يريد من الدولة انقاذه من براثن الفقر والعوز. ومن تعثر مشروعه الصغير يريد آلية واضحة وسريعة لاستعادة زخم مشروعه ومصدر رزقه. ان مسألة توفير الحماية الاجتماعية للقطاعات المتضررة وفئة المواطنين الأكثر معاناة من الازمة الصحية والاقتصادية في غاية الأهمية في مثل هذه الظروف الاستثنائية. وقد فعلت الحكومة حسناً حينما حرصت أكدت أنّ عمل الحكومة لن يقتصر بالضرورة على التعامل مع جائحة كورونا، رغم أهميّة ذلك؛ لأن أمامها الكثير من المهمّات والمسؤوليّات الوطنيّة في الجوانب الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة. وجاء تأكيد الخطاب بالدرجة التالية على موضوع التعليم وأهمية اعادته لمكانته الصحيحة باسرع وقت من خلال تقييم تجربة التعليم عن بُعد للمدارس والجامعات، بهدف إنضاجها وتحسينها، وتطوير المحتوى التعليمي الإلكتروني، ليكون أكثر تفاعلية. سرعة العمل من قبل كل الجهات المعنية لعودة التعليم الوجاهي أمر في غاية الأهمية لما له من انعكاسات على نفسية الطلاب والاهل وحالتهم السوسيولوجية وعلى نوعية التعليم الذي يتلقونه. أن الظروف الاقتصاديّة الاستثنائيّة تتطلب من الحكومة الاسراع في اطلاق برنامجها التنفيذي للأعوام 2021 – 2024، ونأمل أن لا ينتظر المواطن ثلاثة أشهر أخرى لتحقيق ذلك. فتعهد الحكومة في برنامجها التنفيذي زيادة التنافسيّة للقطاعات الإنتاجيّة، يتطلب منها خلق البيئة المناسبة لعنصر العمل ورأس المال والتكنولوجيا لرفع انتاجيتها، فهذا من شأنه تحقيق معدّلات نموّ اقتصادي بمستويات مطلوبة في هذا الوقت العصيب. نشد على إزر الحكومة بتأكيدها أنها تعمل حاليّاً على مقاربة جديدة غير نمطيّة، للمعوقات والتحديات التي تقف عائقاً أمام القطاع الزراعي، ودعم استقراره وحماية إنتاجه الذي يشكّل قاعدة الأمن الغذائي الوطني وشريانه، فكل ذلك يصب ضمن التوجه العام نحو المزيد من الاعتماد على الذات. وما يلفت الانتباه في خطاب الثقة أن ذكر برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي المدعوم من صندوق النقد الدولي للأعوام 2020 – 2024م، جاء مقتضبا جداً، وفي ذلك رسالة واضحة أن عناصر هذا البرنامج تقع ضمن خطة الحكومة وبرنامجها الوطني وليس العكس، وهذه رسالة قوية نثمنها لهذه الحكومة. التركيز في بيان الثقة على الجانب الضريبي بكل مكوناته أمر نتفهمه جيداً، وهو في غاية الاهمية وسينتظر المواطن نتائجه الملموسة على هذا الصعيد، لانه يصب في مصلحة الخزينة وجيب المواطن. كما أن مسألة إنشاء صندوق سيادي استثماري، أملٌ طال انتظاره. تقييم أداء الحكومة الحالية سيكون من خلال مراجعة المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية بعد سنة من الان، وعلى أساسها ستُمنحْ الثقة من الشعب قبل البرلمان.اضافة اعلان