قرية قريقرة.. فقر مدقع وافتقار لأبسط مقومات الحياة

جانب من بيوت قرية “قريقرة” التي تقع جنوب الأردن ويزيد عدد سكانها على 3000 شخص، تصل نسبة الفقر فيها أكثر من 75 % - (الغد)
جانب من بيوت قرية “قريقرة” التي تقع جنوب الأردن ويزيد عدد سكانها على 3000 شخص، تصل نسبة الفقر فيها أكثر من 75 % - (الغد)

مجد جابر

عمان- بيوت من الشعر لا تقي سكانها برد الشتاء ولا حرارة الصيف اللاهبة، تترامى هنا وهناك في المنطقة الصحراوية، يعاني ساكنوها كبارا وصغارا الجوع والحرمان والفقر المدقع وشحا لأبسط أساسيات الحياة؛ حتى يخيل للمتجول في القرية أنها خارج حدود المملكة!اضافة اعلان
قرية “قريقرة” التي تقع جنوب الأردن ويزيد عدد سكانها على 3000 شخص، تصل نسبة الفقر فيها أكثر من 75 %، تفتقر لمقومات الحياة الأساسية، وتستفيد آلاف الأسر فيها من المعونات والطرود التي تقدمها لها تكية أم علي شهريا.
“الغد” رافقت التكية قبل أيام، في جولة نظمتها في مناطق الجنوب لتقوم خلالها بتوزيع 106 طرود غذائية على الأسر المحتاجة، وتجولت في القرية، ورصدت ملامح الحياة “البدائية” فيها، في ظل ازدياد الفقر وشح الموارد، بيوت شعر وحشرات وتزاحم السكان، وأطفال يلهون ويجولون في القرية حفاة وبملابس رثة، حيث الحرارة تزيد على 45 درجة مئوية.
 وقطعت تكية أم علي الأميال في صحراء قاحلة تفتقر للخدمات لتصل بعد مسافات طويلة جداً الى قرية “قريقرة” التي تبعد عن أقرب شارع رئيسي 16 كم، لتقف في منطقة تستفحل فيها الفاقة إلى حد تقف أمامه مكتوف اليدين لا تدري من أين تبدأ.
أم خالد من سكان القرية الذين التقت بهم “الغد”، تعيش هي وأولادها السبعة بدون أي مصدر دخل سوى الطرود التي تقدمها لها التكية كل شهر لتسد بها جوع وعطش أبنائها، تقول “حياتنا صعبة ومريرة وأبسط الأشياء التي يحتاجها كل إنسان ليعيش غير موجودة لدينا فنحن منسيون ولا أحد يدري عنا”.
المأوى الذي تسكن فيه أم خالد وصغارها حالته رثة، تتوسطه فرشات وبعض القطع الخشبية اتخذت لوضع أدوات المطبخ القديمة عليها، ومع هذا البؤس لم يفقد أطفالها الأمل وملامح الفرح، حيث استلقى بعضهم أرضا وهم يكتبون ويدرسون.
أم خالد ليست وحدها التي تشعر بظلم الحياة وقسوتها عليها في هذه القرية، فالحاجة تمام واحدة أخرى تعيش وحيدة بدون زوج وأولاد ولا حتى أقارب في خيمة نصبت في منتصف الطريق تخلو من مقومات الحياة. وكل ما تحلم به الحاجة تمام، هو مطبخ وحمام وكهرباء!
أم عوض التي غطت واجهة خيمتها بأكياس الخيش وأوراق الإعلانات التي خاطتها لتكون ساترا لها ولأبنائها السبعة يقيها الحر، اكتفت بقولها لـ”الغد”: “الحمد لله على كل حال”.
أم عوض منعتها عزة نفسها أن تطلب شيئا، واكتفت أن تحكي الأوضاع الرثة مرارة الحياة المأساوية التي تعيشها، بدون أن تتفوه بكلمة غير “الحمد لله”.
ذلك واقع بعض ما تعانيه عائلات قرية “قريقرة” التي ترزح تحت ضنك العيش وصعوبة الحياة والظروف الجوية القاسية وتخلو من الخدمات الأساسية، لا سيما الصحية التي تعد حقا لكل إنسان.
الجولة بدأت بزيارة لمستودعات التكية في منطقة القسطل للاطلاع على حجم العمليات التي تقوم بها التكية بطريقة ممنهجة تشمل إعداد الطرود وتغليفها وتوزيعها؛ حيث يشتمل كل طرد على 22 مادة غذائية، مراعين من خلالها حاجة الأسرة وعدد أفرادها، الى جانب الغرف المهيأة لحفظ المواد الغذائية التي يتم توزيعها؛ حيث تهيئ كل غرفة لظروف معينة تضمن سلامة المادة الغذائية حتى تصل لمنتفعي التكية.
وبين المدير العام للتكية سامر بلقر، أن الجولة تهدف الى تمكين المشاركين من رؤية الوضع المعيشي لمنتفعي التكية على أرض الواقع، والاطلاع على الآلية التي تتبعها بإيصال الدعم الغذائي المستدام الى الأسر المنتفعة؛ إذ تتبع معايير وإجراءات خاصة لاختيار الأسر المنتفعة، مشيرا الى أن هناك مجموعة من العمليات اللوجستية لتنظيم عمليات إخراج الطرود في الوقت المناسب لتصل الى الأسر المعتمدة في موقعها.
وبين أنه تم توزيع الطرود على الأسر المستفيدة من دعم التكية بالتنسيق مع جمعية الأماني لرعاية الأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة الخيرية بقريقرة، كما قام موظفو التكية بزيارة بعض منازل الأسر الأشد فقراً من منتفعي التكية والتي تقوم بمساعدتها بشكل شهري.
وأضاف أن التكية تقوم حاليا بإجراء مسح ميداني في مختلف مناطق المملكة عن طريق 20 فريقا ميدانيا تقوم بزيارة جميع المحافظات يوميا بهدف مسح 60 ألف أسرة تقع تحت خط الفقر وتشمل عملية المسح الوضع الاقتصادي والتنموي والاجتماعي والصحي، مشيرا إلى أن المشروع يهدف للوصول إلى 20 ألف أسرة تقع تحت خط الفقر المدقع في مختلف مناطق المملكة لتوفير الدعم الغذائي المستدام لهم على مدار العام.