قصة غير رمزية

 

قبل أيام وجدت على بريدي الالكتروني رسالة من قارئ ومواطن كريم, ربما يكون قد بعثها الى آخرين, لكنها قصة أرادها ان تكون رمزية وإن كان قد ربطها بقضايا اقتصادية, ومهما كان قصد صاحبها وأيا ما كان مصدر القصة فإنها عند القراءة يمكن ان تستدعي في ذهن كل منا قضايا او ابعادا يراها هو من تجاربه وخلفياته واهتماماته لكنها قصة ان لم تذكّر بعضنا بشيء فانها قد تحمل نوعا من التسلية, تقول الحكاية:

اضافة اعلان

 "ذهب رجل إلى قرية نائية، عارضا على سكانها شراء كل حمار لديهم بعشرة دولارات، فباع قسم كبير منهم حميرهم، بعدها رفع الرجل السعر إلى 15 دولارا للحمار، فباع آخرون حميرهم، فرفع الرجل سعر الحمار إلى 30 دولارا فباع باقي سكان القرية حميرهم حتى نفدت الحمير من القرية. عندها قال الرجل لهم أشتري منكم الحمار بخمسين دولارا ثم ذهب إلى استراحته ليقضي أجازة نهاية الأسبوع. حينها زاد الطلب على الحمير وبحث الناس عن الحمير في قريتهم والقرى المجاورة فلم يجدوا.

في هذا التوقيت جاء مساعده إلى القرية وعرض على أهلها أن يبيعهم حميرهم السابقة بأربعين دولارا للحمار الواحد وهم لا يعلمون انها حميرهم التي  باعوها قبل حين. فقرروا جميعا الشراء حتى يعيدوا بيع تلك الحمير للرجل الذي عرض الشراء منهم بخمسين دولارا للحمار، لدرجة أنهم دفعوا كل مدخراتهم بل واستدانوا جميعا من بنك القرية حتى أن البنك قد أخرج كل السيولة الاحتياطية لديه، كل هذا فعلوه على أمل أن يحققوا مكسبا سريعا. ولكن للأسف بعد أن اشتروا كل حميرهم السابقة بسعر 40 دولارا للحمار لم يروا الشاري الذي عرض الشراء بخمسين دولارا ولا مساعده الذي باع لهم. وفي الأسبوع التالي أصبح أهل  القرية عاجزين عن سداد ديونهم المستحقة للبنك الذي أفلس وأصبح لديهم حمير لا تساوي حتى خمس قيمة الديون، فلو حجز عليها البنك مقابل ديونهم فإنها لا قيمة لها عند البنك وإن تركها لهم أفلس تماما ولن يسدّه أحد. بمعنى آخر أصبح على القرية ديون وفيها حمير كثيرة لا قيمة لها. ضاعت القرية وأفلس البنك وانقلب الحال .... رغم وجود الحمير".

وما فعله التاجر انه حصل على ثروة نتيجة تلاعبه بسوق القرية واهلها, وضرب اقتصاد القرية التي أفلست وعادت القرية كما كانت لكنها أفلست, بينما عادت الحمير الى القرية تلعب وتسرح من دون ان تشعر انها كانت اداة للاحتيال على أهلها وإشاعة الافلاس في الناس وحتى بنك القرية, ولم يكن الامر بالنسبة للحمير اكثر من نزهة لأيام انتقلت فيها من القرية الى مكان آخر ثم عادت إلى فقرها لكن مع فقر اخر اصاب اهلها.

وأصبح مال القرية والبنك بكامله في جيب رجل واحد، وأصبحوا لا يجدون قوت يومهم. ربما يكون في أذهان بعضنا تفسيرات مختلفة سياسية واجتماعية واقتصادية للقصة وهذا طبيعي لان عالمنا مكتظ بالتجارب التي تمنع حتى من يؤمن بالكتابة الرمزية أن يمارسها.

[email protected]