قصتي مع الأسد

كنت كلما أشاهد الأسد أرتعد خوفا ورعبا، فهذا ملك الغابة وحامي حماها، ولايعترف بالمقبلات قبل الأكل، بل فتحان الشهية لديه قد يبدأ بغزال أو زرافة أو فيل. اضافة اعلان
قبل عدة سنوات كنت في زيارة إلى القاهرة، وهناك زرت حديقة الحيوان لأرى الأسد بالذات، فقد يشفي بعضا من غليلي مشاهدته خلف القضبان، وبالفعل ذهبت الى القفص الموجود فيه وتمعنت فيه جيدا، فاقترب مني أحدهم وقال لي: يابيه عاوز تتصور مع الأسد؟ سقط قلبي بين رجلي، فالصورة الوحيدة التي في أرشيفي وأنا أركب أحد الخيول على شاطئ البحر الميت، أما أسد فهذا مستحيل طبعا. فقلت له: وحّد الله يازلمة أنا عندي أولاد، فقال لي: ماتخفش يابيه، فقلت له: شو ما أخفش؟! وقد تصبح الصورة نعيا لعشيرة العربيات بمزيد من الحزن والأسى.ا عتذرت منه بأدب كوني لا أرغب في إشغال السفارة الأردنية في القاهرة بنقل جثماني الى عمان. فقال لي: كل الرجّالة بتتصور مع الأسد إلا أنت، كان حولنا بعض السيدات يستمعن إلى الحوار وكانت نظرتهن إليّ قاتلة وتخدش هيبتي ورجولتي ولم يبق لديّ من خيار إلا الموت ولا المذلة، بالفعل اتفقنا على سعر الصورة مع الأسد وكان ثمنها أغلى من دورة (تصميم جرافيك)، استأذنته لخمس دقائق قرأت المعوذات وأرسلت رسالة لأهلي بأن لاينسوني من الدعاء، ومن ثم ذهبنا سويّا إلى قفص لايراه الزوار وبدأت دقات قلبي بالتسارع فنحن أصحاب الرقم القياسي في 1000 م حواجز من وراء كلب فكيف أسد، وصلنا الى قفص الأسد وقال لي ذلك الشخص: انتظر قليلا .. كان الأسد نائما في زاوية القفص، وذهب اليه أحد الأشخاص يحمل كرباجا وبدأ يضرب ويصيح حتى يفيق الأسد ولكن دون فائدة حتى اعتقدنا أنه ميت، فاق الأسد من نومته بعد مدة وحين نهض صعقت من منظره، فربما كان هذا الأسد من مقتنيات الملك فاروق الأول، وكان واضحا أنه يعاني من السكّر والضغط والروماتيزم  وأشك أنه أعمى، فاعتذرت من الشخص عن التصوير لأنني سأضطر لحلفان مليون يمين لكل شخص يرى الصورة أنه أسد ولن يصدقوني، فلا يوجد أسد لا يوجد لديه أسنان ليأكل طماطم وليس لحوما وأظن أنه يعيش على الشوربات، وكان الذباب الكثيف على وجهه دليلا قاطعا على أن لاهيبة له وأنه عاجز حتى عن كش الذباب، لكن، أصر الرجل على الصورة، وبالفعل تم جرّ الأسد إلى خلف القضبان ليجلس بشكل مواز لها، وأنا من الخارج أمد يدي لأحضنه ويلتقط لنا الصورة، علما أنني حتى لو دخلت داخل القفص وركبت على ظهره فلن يفعل شيئا لي. التقطنا الصورة، وحين عدت لأتباهى بشجاعتي عاتبني الجميع على صورتي مع أسد في سكرات الموت!
صبرا يا أهل حلب، فلن تختلف الصورة التي كنت أحلم بها بجانب أسد، عن صورة مستقبلكم بجانب أسدكم، سيعاني من الوحدة والفرقة ومن شلال الدماء الذي سال، سيعجز عن النظر في عيون الأمهات والأطفال، ستحوم المليشيات الداعمة له حوله ولن يقوى على الحديث مع أصغر جندي فيها، سيأتي أصغر طفل فيك يا حلب ليخجل من صورة بجانب أسد يعاني من القصور في الأخلاق والشجاعة والقيم!