قصر أفغاني أثري يستعيد بهاءه في الذكرى المئوية لاستقلال البلاد

كابول- يشكل قصر دار الأمان محور الاحتفالات بالذكرى المئوية لاستقلال أفغانستان، لذا يحث العمال الخطى داخل هذا المبنى المهيب في غرب كابول لإنجاز الأعمال في الوقت المناسب.اضافة اعلان
على مدى أكثر من ثلاثين عاما، كانت الدارة الشاسعة المواجهة للجبال المحيطة بالمدينة تظهر هيكلها المجرد فقط لسكان العاصمة. ويعكس المبنى الزاخر بالتاريخ الأفغاني بمفرده الاضطرابات التي شهدها هذا البلد خلال أعوام الحرب الطويلة.
وفي حين يأمل السكان أن يكون السلام عنوان مستقبل البلاد بانتظار اتفاقية محتملة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، تنوي أفغانستان الاحتفاء وإن باقتضاب بماضيها على أن يكون قصر دار الأمان الذي بني في مطلع القرن العشرين، محور الاحتفالات. وسيدشن الرئيس أشرف غني القصر النيوكلاسيكي الشهير في 19 آب (أغسطس) في الذكرى المئوية لاستقلال أفغانستان عن النفوذ البريطاني.
وقد شهد القصر ورشة ترميم ضخمة بوشرت العام 2018؛ إذ لم يكن باقيا من القصر إلا الهيكل. فهو فقد سطحه والنوافذ فيما تركت القذائف فجوات كبيرة فيه، فضلا عن آثار الرصاص الكثيف.
ويقول جاويد حمد المشرف على المشروع إن إعادة بناء القصر تشكل انطلاقة جديدة لأفغانستان التي تشهد نزاعا مستمرا منذ 40 عاما مع الاجتياح السوفياتي في العام 1979. وهو يوضح، خلال زيارة للورشة حيث يعمل نحو 500 عامل دونما هوادة "يوجه قصر دار الأمان رسالة سلام وأمن وأخوة وتعايش".
وكلفت عمليات الترميم 10,5 ملايين دولار ووفرت فرص عمل للعمال والحرفيين في البلاد، فالزخارف المصنوعة من خشب الأرز في القاعات العالية السقف مصدرها ولاية كونار (شرق)، أما تلك المصنوعة من الرخام فأتت من مدينة هرات (غرب).
إلا أن هذه الأعمال لا تعجب الجميع. فقد ارتفعت أصوات منددة بسبب الكلفة العالية في بلد يعد من الأفقر في العالم.
ويقول التاجر علي "إعادة بناء قصر دار الأمان أمر جيد، لكن كان بالإمكان إنفاق هذا المال على بنى تحتية حيوية لأفغانستان مثل السدود ومحطات توليد الكهرباء والجسور". ويرى غلام محمد المقيم في كابول أن القصر المنكوب كان ينبغي أن يبقى على حاله ليكون شاهدا على ماضي أفغانستان المضطرب. ويضيف "كان ينبغي أن نتركه على حاله حتى يتذكر الناس وحشية الحرب فيما تبقى العاصمة بانتظام ضحية اعتداءات دامية".
ووقعت لندن وكابول في 19 آب (اغسطس) 1919 المعاهدة الإنجليزية-الأفغانية التي اعترفت بموجبها بريطانيا باستقلال أفغانستان ووعدت بألا تتوسع الهند البريطانية غربا متجاوزة خيبر عند حدود ما يعرف منذ العام 1947 بباكستان. وقد صمم القصر مهندسون معماريون فرنسيون وألمان وبناه على تلة الملك أمان الله خان في مطلع العشرينيات. وأريد منه أن يكون وجه أفغانستان الحديثة.
وقد كان مقرا لوزارات عدة عبر الأعوام، فضلا عن كلية للطب ومتحف. وقد أتى عليه حريق أول في العام 1968 ثم وقع ضحية نيران الأطراف المتخاصمة على مدى أربعين عاما في أفغانستان.
وقد اجتاحه حريق آخر خلال الانقلاب الشيوعي العام 1978 وتعرض للقصف خلال الحرب الأهلية في التسعينيات. وكان يتداعى ببطء حتى أتى قرار الرئيس غني بترميمه العام 2016.
ويأمل الأفغان اليوم أن يكون إحياء هذا القصر تجددا للبلاد برمتها خصوصا وأن غالبيتهم لم تعرف سوى الحرب في أفغانستان.-(أ ف ب)