قصر الملك المؤسس.. قبلة للزوار تتحول إلى مكان مهجور منذ 14 عاما - فيديو

Untitled-1
Untitled-1

حسين كريشان

معان - رغم أن قصر "الملك المؤسس " في معان شاهد حي على ميلاد الدولة الأردنية، ومصدر إشعاع تنويري لكل أحرار العرب، إلا أنه غائب عن المشهد والحراك السياحي ومغلقة أبوابه أمام الوفود السياحية الزائرة منذ 14 عاما، ما أفقده قيمته التاريخية.اضافة اعلان
ومنذ أن توقفت عمليات التطوير والترميم والصيانة للقصر في العام 2009 بشكل نهائي  قبل ان تكتمل  لـ"أسباب مالية"، وترك غير مهيئ لاستقبال الزوار، تحول إلى مكان مهجور يعاني الإهمال والتهميش وعدم الاكتراث، بعد ان كان قبلة للزوار الأجانب والعرب وطلبة المدارس والجامعات.
وما يزال الغموض يكتنف أسباب تعثر إعادة استكمال أعمال المشروع والتي بدأت في العام 2005، رغم عمليات الترميم والصيانة السابقة للقصر والتي لم تفلح في جعله جاهزا لاستقبال الزوار بغية تحويله إلى "متحف وطني "، رغم تصريحات وزراء السياحة في الحكومات المتعاقبة لدى زياراتهم المتعددة لمبنى القصر وتأكيداتهم بإعادة استئناف العمل بالمشروع.
وكان يتم بالعادة بعد كل زيارة وضع المخططات اللازمة لطرح عطاء جديد لإكمال إعادة التأهيل، والتي لم تر النور وبقيت حبرا على ورق تراوح مكانها، فضلا عن تعدد اللجان الرسمية المشكلة طوال هذه السنوات ما بين لقاءات واجتماعات، والتي لم تتمكن من حل اللغز وبحث مواطن التقصير والخلل أو تأتي بأي نتائج ، بغية إزالة العقبات والتحديات التي تواجه عمليات إنهاء أعمال المشروع بهدف فتح أبوابه المغلقة مجددا.
وتشير مصادر رسمية في المحافظة، فضلت عدم ذكر اسمها، أن تأخر صرف المستحقات المالية للمقاول من قبل احدى الجهات الرسمية المشرفة على المشروع، أدت إلى فسخ عقد العمل ومقاضاة مالك المشروع جامعة الحسين، كونها هي الجهة ذات العلاقة والاختصاص، واستيفاء كافة التعويضات والمستحقات المالية والتي بلغت نحو مليوني دينار تقريبا.
 وبينت أن أخطاء فنية ومخالفات في التصاميم والدراسات ارتكبت وشابها العديد من الثغرات والمشكلات، خلال تنفيذ المشروع حالت دون الاستمرار فيه ليستمر توقف المشروع ،وسط خلافات بين المقاول والجهات المختصة واللجان المشرفة، لافتة الى أن القصر تعرض لمجموعة من الضغوطات والإشكاليات الفنية والقانونية المتعلقة بالعمل والعقد، حيث تم تسوية الأمر من خلال أحكام العقد نفسه والتي كانت في مصلحة المقاول، بعد انتهاء الخلافات التي كانت منظورة أمام الجهات القضائية ولجنة التحكيم.
 وكشف عاملون في مبنى القصر، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، أن القصر يخضع لعمليات ترميم وتطوير منذ بداية العام 2005، إلا أن الأعمال بدأت بالتوقف بشكل مرحلي إلى أن توقفت بشكل نهائي قبل أن يكتمل، حتى طاله النسيان والإهمال وغياب الجدية منذ سنوات طويلة مضت، ما أدى إلى تردي أوضاعه، وجعله في فترة سابقة عرضة للعبث وسرقة بعض موجوداته، الامر الذي دفع جامعة الحسين إلى التحفظ على أثاث ومقتنيات القصر خوفا عليها من السرقة.
 وأشار هؤلاء العاملون، الى أن مباني ومرافق وساحات القصر ماتزال تعاني من قلة الاهتمام والمتابعة وبحاجة لإجراء الصيانة اللازمة والمستمرة لها، خاصة وأن غالبية المرافق تعرضت للتكسير وأصبحت خالية ومكانا مهجورا، بعد أن تم  تفريغ محتوياتها  الثمينة والنادرة، والتي باتت حبيسة في أروقة متحف التراث في جامعة الحسين.
 فيما تشكل أسلاك الكهرباء المكشوفة والمعراة وتناثرها وبقاء هياكلها أولوية لدى العاملين، والتي باتت تشكل خطرا على حياتهم، بعد أن تسببت بوفاة احد العاملين بصعقة كهربائية قبل نحو 5 سنوات، فضلا عن تواجد عدد من الحفر والمناهل والآبار دون أغطية محكمة، لاسيما وأن وجودها بهذا الشكل يلحق الأذى بهم.
وأشاروا إلى أن مرافق وساحات المبنى تفتقر أيضا إلى مزيد من الأيدي العاملة لوجود مئات من أشجار الزيتون والنخيل وغيرها من الأشجار  لخدمة عمليات الزراعة داخل القصر.
وينتقد أهالي وفعاليات شعبية في معان ما آل إليه قصر " الملك المؤسس " وبقاء المبنى مكانا مهجورا على حاله، نتيجة عدم الاكتراث من قبل الجهات المعنية، رغم أنه يعد كأحد ابرز وأهم المعالم التاريخية في المحافظة، والذي مايزال يستحضر عبق تاريخ تأسيس الدولة الأردنية، واعتباره مصدر إشعاع تنويري، إلا أن استمرار بقاء أبوابه مغلقة أمام الزائرين وتوقف أعمال الصيانة والتطوير له منذ سنوات خلت تثير استياءهم، بعد أن علقوا آمالا بأن يعود عليهم تحويل المبنى إلى "متحف وطني" بالفائدة.
 ويأمل المؤرخ والباحث ومدير قصر الملك المؤسس السابق محمد عطالله المعاني بإكمال مشروع الصيانة والترميم للقصر الذي توقف قبل أن يكتمل لـ " أسباب مالية "، ما أدى الى استمرار إغلاق مرافق المبنى أمام الزائرين، مبينا أن المكان ما يزال مهجورا منذ سنوات وبحاجة لتفعيله وتأمين كافة الاحتياجات اللازمة له، ليكون محجا لأبناء الوطن، مثلما كان قصر جلالة الملك عبدالله الأول آنذاك محجا للمثقفين والشعراء وديوانا سياسيا ومصدر إشعاع تنويري لكل أحرار العرب.
وأشار المعاني، أنه تقرر تحويل  القصر إلى متحف ليكون معلما حضاريا يجسد الرسالة التي أرسى دعائمها الهاشميون، ومجمعا سياحيا وطنيا شاملا يحكي قصة التاريخ السياسي للأردن، بما يعزز القيمة التاريخية والحضارية والسياحية في مدينة معان، لافتا الى أهمية استغلال القصر واعادة احيائه في دعم المجتمع المحلي بما سيوفر فرص عمل دائمة ومؤقتة لأبناء المنطقة، فضلا عن الدخل الذي سيعود على المدينة بعد نزول الأفواج السياحية فيه ليكون رافدا مهما للسياحة.
وبين أهمية القصر الذي اتخذه الملك المؤسس كمقر للدفاع الوطني، أثناء تواجده في معان التاريخية والحضارية والسياسية في الدولة الأردنية، ليعزز مفهوم الثقافة الوطنية لدى طلبتنا في الجامعات والمعاهد والمدارس، كونه تحفة معمارية مميزة، إضافة إلى أنه شاهد حي على ولادة الدولة الأردنية الحديثة.
وأشار عضو المجلس المحلي في معان وصفي صلاح، الى أهمية إعادة القصر الى مكانته التاريخية من خلال سرعة إعادة تأهيله واستكمال مشروع الانجاز المتوقف فيه، بما يتناسب مع تحويله لمتحف وطني يجسد مرحلة مهمة في تاريخ الدولة الأردنية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية وإعطائه الاهتمام الكبير، ليكون معلما حضاريا وتاريخيا، كونه يعد من أهم وابرز المواقع الأثرية والتاريخية في المحافظة، مطالبا الحكومة أن تكون تبعية القصر الى ملاك وزارة السياحة لأنها هي الجهة التي تستطيع الحفاظ على القصر وإعطائه الاهتمام الكبير، وحتى يتسنى لنا إدارج مخصصات له من موازنات مجلس المحافظة.
 ويؤكد الناشط الاجتماعي اشرف كريشان، أن أبواب القصر مغلقة منذ سنوات بانتظار عمليات ترميم بدأت منذ سنوات ولم تنته، رغم أهمية المشروع الاقتصادية والسياحية، مطالبا الجهات المختصة بمواصلة استكمال أعمال التطوير المتوقفة والتغلب على كافة المعيقات والعقبات التي تواجه استمرار انجاز أعمال الترميم لمرافق المبنى بهدف الوصول الى إقامة المتحف الوطني التاريخي، ليكون مزارا لكافة الطلبة في الجامعات والكليات والمدارس لإطلاعهم على تاريخ وطنهم وتأسيس مملكتهم.
من جهتها، أكدت إدارة جامعة الحسين بن طلال في تصريح مقتضب عدم وجود أي معلومات حول مراحل العمل في مشروع قصر الملك المؤسس.
 وكان جلالة الملك عبد الله الثاني قد اصدر توجيهاته خلال زيارته للقصر العام 2000 بإجراء أعمال الصيانة والترميم اللازمة للقصر لإدامته، وتحويله إلى متحف وطني يضم بين جنباته شواهد وتفاصيل مهمة حول تاريخ الدولة الأردنية الحديثة ونشأتها وتأسيسها، حيث أمر جلالته بتشكيل لجنة من جهات متعددة لتطوير القصر وتحويله إلى معلم حضاري يجسد الرسالة التي ارسى دعائمها الهاشميون الأوائل، ليتناسب مع القيمة التاريخية والحضارية التي يمثلها هذا الصرح، باعتباره نقطة مضيئة في مسارات الثورة العربية الكبرى بقيادة شريف مكة الحسين بن علي طيب الله ثراه.
وخصصت الحكومة آنذاك مبلغ مليون و762 ألف دينار لتمويل المشروع، الذي وضعت له تصاميم تراعي القيمة التاريخية والحضارية للقصر، بحيث يصبح معلما وطنيا يحوي بين أروقته مقتنيات الملك المؤسس وصوره وشواهد ووثائق تتعلق بالثورة العربية الكبرى، والأحداث التاريخية المهمة التي شهدها القصر.
وكانت اللجنة المشرفة على مشروع تطوير القصر تشكلت برئاسة مدير عام دائرة الآثار العامة، وعضوية عدد من المؤسسات الوطنية كمؤسسة سكة حديد العقبة، ومؤسسة الخط الحديدي الحجازي، وشركة البوتاس، ووزارة الاشغال العامة والإسكان، وبلدية معان، وجامعة الحسين، التي أريد لها أن تكون مالكة للقصر وتشرف على إدارته في مراحل لاحقة.
ويتبع القصر حاليا إلى جامعة الحسين التي تشرف على إدارة المباني المحيطة به وإعادة تأهيلها إلى مجمع سياحي وطني شامل، حيث نفذت الجامعة خطة وطنية طموحة لتطوير متحف القصر والمباني الملحقة به وتحويله إلى أنموذج يحكي قصة التاريخ السياسي الحديث للأردن.
 ويشار إلى أن قصر الملك المؤسس هو في الأصل بناء إداري من أبنية مؤسسة الخط الحجازي الأردني قبل إنشاء مؤسسة سكة حديد العقبة في العام 1908، واستخدمه الأمير عبدالله آنذاك حين قدم إلى معان في 21 تشرين الثاني(نوفمبر)1920. وتنبع أهمية القصر من الأبعاد التاريخية البارزة التي تبلورت عبر سلسلة من الأحداث التي شكلت منعطفات تاريخية مهمة، إلى جانب المكانة الوطنية البارزة للقصر الذي اتخذه الملك المؤسس مقراً أطلق عليه آنذاك (مقر الدفاع الوطني)، فيما شهد إصدار أول صحيفة شرق أردنية باسم (الحق يعلو)، ومنه انطلقت رحلة التأسيس للدولة الأردنية يوم 28 شباط/فبراير من العام 1921م نحو عمان.

;feature=youtu.be