قصص الناجين من "كوفيد19"..!

الإعلام العالمي مليء بالقصص الفردية التي يرويها أشخاص خاضوا الصراع مع فيروس كورونا. والكثير منها حكايات أناس عادوا من حافة الموت –حرفياً. فقد أفقدتهم إصاباتهم الوعي وأنهكت أجسادهم ووضعتهم على أجهزة التنفس بين الحياة والموت. وفي هذه القصص فكرتان: أولاً أن الإصابات الشديدة بالمرض ليست مزحة على الإطلاق، وأن الألم الجسدي والنفسي الذي يسببه لا يُطاق؛ ثانياً أن هناك إمكانية للانتصار على الفيروس في أشرس حالاته، بدليل هؤلاء الذين هزموه وعادوا ليحكوا قصصهم. إضافة إلى كونها خبرات إنسانية فريدة صنعها حدَث جديد، ثمة هدف عملي لنشر هذه القصص بكلمات الذين اختبروا المعاناة من المرض مباشرة: ربما يصدّق المنكرون أن المرض موجود وخطير –ما لم يعتبروا هؤلاء الناجين عملاء لدى القوى العظمى أو الحكومات المحلية. ويستجيب هؤلاء المنكرون لطبع بشري غالب هو عدم الاسترشاد بتجربة غيرهم، وإنما التصديق عند اللمس بالأصابع فقط–أو في هذه الحالة إذا ذهبوا هم -أو أحد أحبائهم- في هذه الرحلة غير المضمونة إلى الموت أو أطرافه. هناك بالتأكيد حالات خفيفة من الإصابة بـ"كوفيد19" مثل الإنفلونزا الموسمية. وهناك أشخاص يُصابون ولا تظهر عليهم أعراض. لكنّ هناك أيضاً أولئك الذين يستهدفهم الفيروس ويهاجمهم بنية القتل. وحسب ما تظهر قصص الناجين من هذه الهجمات، فإن العمر والجنس وجودة الصحة لا تحمي صاحبها بالضرورة من فقدان التنفس وغرفة العناية المركزة. وسوف يستنتج أي عاقل أنه لا داعي للمغامرة بإنكار أن المرض حقيقي أولاً، وأنه قد يكون مؤلماً جداً وخطيراً ثانياً، خاصة إذا كان المطلوب الالتزام بإجراءات بسيطة مثل ارتداء كمامة وغسل اليدين وتجنب التجمعات. لكن بعضهم يعدون تجاهل الإجراءات وتهديد الآخرين جزءًا من أيديولوجيا أو ثورة على السياسات. تخشى الدول، الكبيرة منها والصغيرة، انهيار أنظمتها الصحية بسبب هذه الحالات الخطيرة بالتحديد. لو أصيب ملايين الناس بالفيروس من دون الوصول إلى مرحلة الاحتضار والحاجة إلى أجهزة التنفس وغرف العناية المركزة، لما كنا في ما نحن فيه. سوف يكفي شرب الليمون وحبات لخفض الحرارة. لكن المئات، أو الآلاف، يفقدون القدرة على التنفس مثل الغرقى ويستنجدون في وقت واحد، وتشرع أجهزتهم الحيوية في الانهيار دقيقة بدقيقة. وسوف يعني حرمان أحدهم من جهاز للتنفس زيادة احتمال فقدان الحياة. ولن تكفي أي فرق طبية للعناية بمئات وآلاف الحالات الحرجة وسوف يكثر الموت –ومعه الهلع والألم والعويل. وحتى لو لم تكن الإصابة متطرفة. يتحدث المجربون عن بشاعة الحبس أسبوعين بين أربعة جدران –حتى لو كان بخدمة سبعة نجوم- حيث يهرب الجميع منهم –حتى عائلاتهم. وسوف يعيش المحجور مع توقع تطور إصابته في أي لحظة، بينما «يجلس فيل على صدره»، كما قالت سيدة اختبرت الحجر في المنزل. وعلى الأقل، سوف تضطرب حياة العائلة ويتفرق أفرادها وتصبح نهباً للقلق والخوف. ولذلك، لا يمكن فهم منطق المنكرين الذين لا يكتفون بوضع أنفسهم في كل أوضاع التعرض للعدوى، وإنما يعرّضونك قسراً للخطر: شاهد أولئك الذين يلتصقون بك في السوق فقط أو في الدائرة الحكومية أو صالون الحلاقة بلا كمامات وبلا داعٍ، في ازدراء لخوفك المشروع على نفسك وعائلتك! لأن الشيء بالشيء يُذكر، تذكرت الجلوس في جمع على شرفة طويلة مشرفة ذات مساء، معلّقة فوق عُرس على بعد مائتي متر حيث فتحوا جبهة حقيقية وأطلقوا مئات الرصاصات بمختلف أنواع الأسلحة. اقترحتُ تغيير المكان خوفاً على النساء والأطفال –وأي أحد في الحقيقة- ليصبح الاقتراح موضوعاً للتندر على الخوف وما شابه. وفي الحقيقة، كان ذلك المكان مهيأ بطريقة مثالية لإصابة أحد برصاصة طائشة ترسله إلى الآخرة ويضيع دمه بين القبائل. ولحسن الحظ فقط لم يتحقق الاحتمال –الذي لم يكن صغيراً. ولكن ماذا لو تحقق؟ ماذا كان سيحدث للتندر والاستخفاف وحديث الشجاعة والخوف؟! هكذا هم المشككون بإمكانية الإصابة بـ"كوفيد"، أو بخطورته. إنهم من جنس مطلقي النار المستهترين في العرس، وكذلك أصحاب الشرفة المستخفين باحتمال مقتلهم بلا قضية. ولمن يزعم أن له أذنين فعينين، فليقرأ وليشاهد قصص الذين اختبروا المرض، أو الذين فقدوا أحباءهم، أو الذين عادوا بالكثير من الندوب من رحلاتهم إلى فم الموت!اضافة اعلان