قطاع خاص

نشرت "الغد" قبل ايام خبراً مصوراً عن تظاهرة نظمها موظفو مستشفى الاسراء، احدى المستشفيات الخاصة، حزناً على وفاة احد زملائهم، رحمه الله، في حادث سير مؤسف على شارع الجامعة، واحتجاجاً على عدم وجود جسر للمشاة في المنطقة. ورغم حقيقة أن المسافة التي تفصل بين المستشفى وأقرب نفق للمشاة أقصر مما تنص عليه المعايير الهندسية المعتمدة، وبما لا يبرر إيجاد نفق آخر أو جسر للمشاة، وأن القضية كانت ترتبط بالثقافة المرورية للمواطنين قبل أي شيء آخر، برغم ذلك يظل هذا الاحتجاج من الموظفين فعلا تضامنيا جميلا وانسانيا، يذكر امانة عمان بمسؤولياتها، لكنه يذكرنا ايضاً بدور القطاع الخاص والشركات الاردنية الناجحة، ومساهمتها في عمليات البناء والمشاريع الصغيرة التي لا تكلفها الكثير، لكنها تمثل نوعاً من المساهمة والمشاركة في حل بعض المشكلات.

اضافة اعلان

ولهذا، فإن قصة الجسر على باب المستشفى المذكور كان يمكن ان لا تكون مشكلة لو كان هناك مبادرة وتبرع من المستشفى الناجح مالياً لانشاء هذا الجسر، والذي يمثل خدمة للمجتمع المحلي، ومنه موظفو ورواد المستشفى. وهذا التبرع الكامل او الجزئي يمكن ان يكون احد اشكال الدعاية للمستشفى، وليكون مثالا ينطبق على مشاريع عديدة وكثيرة، بتكلفة قليلة لكنها تسجل سابقة في الشراكة النافعة.

ما نقوله ليس اختراعاً، فهنالك مؤسسات وشركات كثيرة في القطاع الخاص قدمت الكثير للمجتمع المحلي، واستفادت اعلانياً. فمن يدخل مدينة الزرقاء سيجد على مدخلها جسر مشاة ضخما وكبيرا، اقامه البنك الاهلي تبرعاً للمدينة وفي تقاطع شوارع مكتظ. ومع اقرارنا بحسن نوايا ادارة البنك، الا ان اسمه موجود على الجسر بخط كبير، وهذا حق لأي مؤسسة تقدم دعماً يستفيد منه المواطن والبلدية او الامانة.

البنوك والمستشفيات الخاصة والمدارس الكبيرة والشركات تحصد ارباحاً كبيرة، وهذا حقها وجهد اداراتها وموظفيها، لكن لهذا القطاع دورا، وعليه واجب كبير في دعم المناطق المحتاجة بخدمات او تبرعات تعبر عن روح وطنية لهذه المؤسسات. فلا يضير اي شركة ان تدفع (20) الف دينار مثلاً، كل عدة سنوات، لبناء سور مدرسة او جسر مشاة او مسجد او مقبرة في قرية او مدينة، أو شراء جهاز لمستشفى او مركز صحي أو أحد الاندية الرياضية والجمعيات الخيرية. فكل هذا اقل واجب تؤديه هذه الهيئات الخاصة الرابحة نحو مجتمعها.

الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تعني فقط انحسار الادارة لمصلحة القطاع الخاص، وتوفير التسهيلات والتشريعات التي تساعده على الاستثمار، بل تعني ان تزيد هيئات القطاع الخاص حضورها التنموي. وهذا الامر مارسته العديد من الشركات الاردنية الخاصة والعامة، لكنه بحاجة الى ان يكون جزءاً من منهجية اداء القطاع الخاص، وبنداً على جداول نقاباته وجمعياته وغرف التجارة والصناعة.