قطاع لا بواكي له

سلامة الدرعاوي

خلال فترات الحظر الشامل شهدت المحلات التجاريّة والدكاكين الصغيرة انتعاشات غير مسبوقة نتيجة الأوضاع القسرية التي فرضتها أوامر الدفاع بالإغلاق الشامل للمولات الكبيرة.اضافة اعلان
في هذه الفترة الحرجة لعبت الدكاكين والمحلات الصغيرة دوراً اقتصاديّاً هاماً، فقد زودت المواطن بكل احتياجاته دون عناء، فهناك أكثر من 65 ألف دكانة ومحل تجاري منتشرة بين أحياء وشوارع المملكة، وهذه المحلات حصلت مباشرة ودون وسيط على كُلّ ما تريده من بضائع ومستلزمات مباشرة من الصانع الأردنيّ الذي حصل على قسمته وقدمها مباشرة، فالدفع فوراً وليس مثل المولات الكبيرة التي تدفع بين (3-9)شهور، فالدورة الاقتصاديّة بين التاجر والصانع انتعشت كثيراً، والأهم من ذلك ان المستهلك الأردنيّ تعرف بشكل أكثر عمقاً على المنتج الوطنيّ نتيجة تراجع المستوردات من بعض الدول التي غزت منتجاتها الأسواق بواسطة الموالات الكبيرة، وتأكد المواطن من جودة المنتج ومواصفاته العالية.
قصة المولات الكبيرة في الاردن وتداعيات انتشارها غير القانوني في بعض الاحيان خلق تداعيات وآثارا جسيمة على القطاعات الاقتصاديّة من محلات ودكاكين التي يقدر عددها بعشرات الالاف، وشوّهت من صورة المنافسة في القطاع التجاريّ، فالأساس ان يتم انتشار هذه المولات الكبيرة في أماكن معينة وبعيدة عن المراكز التجاريّة.
للأسف بات انتشار هذه المولات التجاريّة الكبرى بين الاحياء، ينافس الصغير والمتوسط، وهناك عشرات المحلات ان لم يكن مئات أغلقت منها بسب البعثرة في الانتشار العشوائي للمولات الكبيرة.
الاساس ان يكون انتشار المولات مدروس وبعيد عن التجمعات، وان يكون هناك ما يلزم هذه المولات بالشراء والتعاقد مع الموجات الوطنيّة، وان تعتمد على التاجر المحليّ في استيرادها بمختلف بضائعها بدلاً من التعاقد المباشر من شركاتها الام في الخارج، فالاستفادة باتت شبه معدومة من وجود هذه المولات بهذا الشكل العشوائي، فتسهيلاتها من الداخل فقط، وباقي مستلزمات عملها من الخارج معتمدة على إعفاءات وحوافز كبيرة تمنح لها، مما اعطاها ميزة تنافسيّة كبيرة أضرت بباقي العاملين والمستثمرين في القطاع.
للأسف، هذه المحلات والدكاكين التجاريّة الصغيرة لا بواكي لها، ولا يوجد من يدافع عنها في القطاع التجاريّ الذي بات يتغاضى عن مطالباتهم بحمايتهم نتيجة وجود بعض القوى النافذة المتسللة للقطاع التجاريّ والتي تعمل لصالح المولات الكبيرة علناً، وتوجّه الضغوطات عليها بالإصلاح التجاريّ نحو اتجاهات وقضايا تخدم مصالحهم الشخصيّة بكل بشاعة في المشهد.
الحكومة مطالبة باتخاذ خطة للإصلاح التجاريّ فيما يتعلق بهذه الظاهرة المقلقة اقتصاديّاً، التي أثرت سلبا على الأمن المعيشيّ لآلاف الأسر الأردنيّة التي تعتاش من تلك المحلات والدكاكين.