قلعة الأردن الكرك

نكتب بينما رجال الأمن يحاصرون المجموعة الإجرامية في قلعة الكرك. وهي مسألة وقت قبل حسم الموقف. ونأمل إلقاء القبض عليهم أحياء، لما يفيدون به من معلومات. وقد تكون المعلومات عما حدث وعن طبيعة المجموعة قد أصبحت متوفرة عند نشر هذه المقالة.اضافة اعلان
نتوجه، قبل كل شيء، بأحر مشاعر العزاء إلى ذوي الشهداء الأبرار من أشاوس الأمن العام والمواطنين، وكذلك لذوي السائحة الكندية؛ الضحية البريئة لهؤلاء القتلة المجرمين. وكل بيت أردني سيكون غدا بيت عزاء للشهداء؛ فهم لكل عائلة أردنية أبناء.
من المرجح أننا أمام مجموعة إرهابية، وليس عصابة من اللصوص أو رجال المخدرات؛ فهؤلاء يحاولون الفرار والاختفاء إذا ما دوهموا، فيما عدد المجموعة وسلوكها وتقصد الهجوم على رجال الأمن وقتلهم مقصودة، بما يشير على الأرجح إلى أننا أمام مجموعة متطرفة تنتمي إلى الوسط الإرهابي والداعشي. وحسب المعلومات غير الرسمية، فقد استأجر هؤلاء بيتا في القطرانة وهم غرباء على المنطقة، وقام مواطن بالإبلاغ عنهم عندما اشتم رائحة بارود، ربما مع اشتعال النار في المكان. ومن المرجح أن الحريق كان نتيجة محاولات تحضير متفجرات. وليس مرجحا أن يكونوا "ذئابا منفردة" تتحرك لحسابها، بل جزء من تنظيم أوسع يتحرك ويخطط. وقد يكون ذلك من دون حاجة لأوامر خارجية، إذا افترضنا أن المراكز الخارجية منشغلة الآن بأولويات أخرى ليس بينها الأردن. وسوف تختلف الاستخلاصات إذا ما كان أفراد المجموعة الإرهابية المجرمة وافدين أم أردنيين؛ ففي الحالة الثانية هناك استخلاصات مختلفة واستحقاقات بالنسبة لتشديد الجهد الأمني لاستخراج الخلايا النائمة والقضاء عليها.
وكان أول الأخبار قد أقلقنا كثيرا؛ إذ تحدث عن قضية داخلية نجم عنها هجوم على المركز الأمني في الكرك. لكن الحقيقة أن شباب الكرك هبوا من ساعتهم لمساعدة أبنائنا أسود الأمن؛ من رجال الشرطة والدرك، في مواجهة الإرهابيين القتلة، وكانت نخوة الكركيين ووطنيتهم وجرأتهم ترفع الرأس، وهذا ما قرت به نفوسنا. فالكرك قلعة الوطنية الحقة. إذا تحركت المعارضة السياسية فيها، فإنما تفعل ذلك من موقع الولاء والانتماء للأردن قيادة وشعبا، موقع الأم الحقيقية للولد لا تقبل له الأذى. وإن جاء من يعبث بأمن البلد واستقراره، فهي قبضة صلبة في وجهه؛ فأمن البلد واستقراره خط أحمر.
الكرك قلعة وطنية يسكن الأردن فيها وتسكن فيه، وقلعة حرية وتنوير تكره الظلام وتنبذ الظلاميين. ومن سوء حظ المجرمين القتلة أن جاؤوا بالذات إلى تلك القلعة، حيث يواجهون مصيرهم المحتوم.
يجب انتظار المعلومات التي نتوقع أن الحكومة لن تبخل بها بشأن جميع التفاصيل المتعلقة بالعمل الإجرامي وخلفية المجرمين، لكي نحلل ما حصل ودلالاته، وما إذا كنا أمام استهداف جديد للأردن من الإرهاب الداعشي أو الأيدي الاقليمية التي تحرك بعض أذرعه، أو أنه تحرك داخلي بحت يرتبط باجتهاد هذه المجموعات محليا من دون ارتباط بحسابات إقليمية. ففي الحالة الأولى، هناك استخلاصات سياسية لها تداعياتها. وفي كلتا الحالتين فإن رفع درجة الاستنفار الأمني إلى مستويات أعلى يصبح حتميا.