قمة الجزائر.. هل تعيد سورية إلى الجامعة العربية؟

زايد الدخيل

عمان- أعاد إعلان الجزائر عن استضافتها للقمة العربية في آذار (مارس) المقبل، فتح ملف مقعد سورية الشاغر منذ 10 سنوات في الجامعة العربية، خاصة مع مواقف العديد من الدول العربية الداعية لعودة دمشق للمنظمة الإقليمية، التي علّق عضويتها وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقدوه في القاهرة أواخر تشرين الثاني 2011، إثر اندلاع الأزمة في البلاد.

اضافة اعلان


وكانت الجزائر المستضيفة لأعمال القمة العربية القادمة، على رأس المتحفظين على قرار تجميد عضوية سورية، وبعد تولي عبد المجيد تبون الرئاسة دافع عن عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، حيث قال في مقابلة تلفزيونية العام الماضي: "سورية تستحق العودة إلى جامعة الدول العربية، لأنها وفية لمبادئها، كما أنها مؤسسة لها، وهي من أعرق الدول العربية".


وفي آب (أغسطس) الماضي، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن سورية هي موضوع أساسي في تحضيرات القمة العربية المقبلة، وأكد أن جلوسها على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل وتجاوز الصعوبات الداخلية.


وأضاف الوزير الجزائري: "هناك من يعتقد أن عودة سورية للجامعة العربية أمر إيجابي، والجزائر مع هذا الرأي، وهناك من يرى أن هذه العودة ستزيد من الانقسام وحدّة الخلافات".


وفي السياق ذاته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنّ سورية قد تعود إلى الجامعة خلال القمة المقبلة في حالة حدوث توافق عربي على مشروع القرار، مشيراً إلى رغبة عدد من الدول في ذلك.


وبشأن موقف عدد من الدول بشأن عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، قال أبو الغيط إنّ بعض الدول العربية ينفتح بصورة هادئة على سورية، لكن لم أرصد طلباً رسمياً أو غير رسمي بشأن بدء عودة دمشق إلى المقعد، لافتاً إلى أنّ وزير الخارجية الجزائري أكد تمسكه بعقد قمة في الجزائر في آذار (مارس) 2022.


أستاذ العلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، يرى أن الموضوع السوري شهد في الآونة الأخيرة تطورات متسارعة، فقد استقر الأمر للنظام السوري ببسط سيطرته على غالبية الأراضي سورية، وترافق ذلك مع دعم روسي مطلق لعودة سورية إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية أو للحاضنة العربية، وكذلك تأييد روسي لعودة سورية للمجتمع الدولي.


وتابع: "بجانب ذلك، شهدت سورية نفسها زيارات لمسؤولين عرب تناولت ملفات العلاقات الثنائية والوضع في الإقليم، كذلك كان الأردن من أوائل الدول التي فتحت المعابر الحدودية مع سورية، وفي زياره جلالة الملك الأخيرة لواشنطن تناول الموضوع السوري وشدد على المصالحة وعلى إيجاد حل سلمي للأزمة السورية".


ويرى شنيكات أن هنالك دعما مصريا لعودة سورية إلى جامعة الدول العربية، بالإضافه إلى دعم خليجي وجزائري وعراقي وغيرها من الدول العربية الأخرى.


وفي الثالث من تشرين الأول، تلقّى جلالة الملك عبد الله الثاني، اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري بشار الأسد، هو الأول منذ اندلاع الحرب في سورية العام 2011 تناول العلاقات بين البلدين وسبل تعزيز التعاون بينهما.


وأكد جلالة الملك خلال الاتصال دعم الأردن لجهود الحفاظ على سيادة سورية واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.


ويرى الدكتور رياض الصرايرة، أن ما تقدم من خطوات متعلقة بالمشهد السوري، تعد مؤشرات قوية على عودة سورية للجامعة العربية، وخطوة ضرورية لقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية التي أضرّت بالملف السوري بشكل فادح، معتبرا أنه من الأهمية بمكان المضي قدما في تبني هذه الآراء والبناء عليها.


ويقول الصرايرة إن الموقف الأردني تجاه الأزمة السورية يتمحور حول تأكيد أهمية استمرار دعم الجهود الرامية للحل السياسي؛ بما يكفل أمن الشعب السوري ويحميه من المنظمات الإرهابية والمليشيات الطائفية وتدخلات الدول الداعمة للإرهاب؛ لا سيما في ظل ما تشهده المنطقة من صراعات، وبالتالي فإن محور الاعتدال العربي يترك الباب موارباً، وتحديداً السعودية ومصر والإمارات والأردن، لعودة سورية إلى الحضن العربي.


وقال إن ذلك يصب في مصلحة أمن النظام العربي السياسي والاستراتيجي والأمني؛ لوجود أخطار تحدق في المنطقة، وبالتالي تعزز عودة سورية إلى حضن العرب إحباط تلك الأخطار، كما أن سورية بحاجة أيضاً إلى المحيط العربي بالدرجة الأولى؛ فدمشق لا تستطيع أن تنسلخ عن جلدتها العربية.


وبالتوازي مع قرب عودة سورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، أظهر استطلاع رأي لمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية نشر مؤخرا، رضا 74 % من الأردنيين عن سياسة الانفتاح مع سورية، بوصفها عودة للدور الأردني القيادي في المنطقة.


وتطرق الاستطلاع إلى قضية التدخل الخارجي في سورية؛ إذ تعتقد غالبية الأردنيين أن للتدخلات الخارجية آثاراً سلبية على الأوضاع هناك؛ حيث احتل التدخل الإيراني الصدارة بـ70 %، يليه التدخل الروسي 63 %، وأخيراً التدخل التركي 35%.


من جهته، يقول السفير السابق احمد مبيضين، إن سورية هي موضوع أساسي في تحضيرات القمة العربية المقبلة في الجزائر، مؤكداً أن جلوس سورية على مقعدها في الجامعة العربية سيكون خطوة متقدمة في عملية لم الشمل العربي وتجاوز الصعوبات الداخلية.


وأضاف: "هناك من يعتقد أن عودة سورية للجامعة العربية أمر إيجابي، والأردن مع هذا الرأي"، موضحا أن اتصالات أجرتها الجزائر مع دول عربية، أسفرت عن اتفاق مبدئي على دعوة النظام السوري إلى حضور أعمال القمة مقابل خطوات تقوم بها دمشق.


وأشار إلى أن إعادة سورية إلى جامعة الدول العربية، يمكن أن يستند إلى أن قرار تجميد عضويتها كان يخالف ميثاق جامعة الدول العربية الصادر في 22 آذار (مارس) العام 1954، والذي ينص في المادة 8 منه على "تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها".

إقرأ المزيد :