قمتان في الأردن: عربية وسعودية

قمتان في الأردن في الشهر الحالي، وكلاهما مهمتان لبلد استطاع أن يشكل نموذجاً عربياً مختلفا، رغم الصراعات والحرائق التي تجتاج الإقليم وتلقي بظلالها القاسية.اضافة اعلان
قمة عربية لاستعادة التضامن المفقود والبحث عن ضوء يبدد العتمة، تسبقها قمة أردنية سعودية تعلق عليها آمال ورهانات كثيرة.
قبل يومين من القمة العربية التي تعقد في 29 الشهر، يصل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في أول زيارة له للأردن منذ توليه العرش، وهي زيارة تأتي بعد جولة طويلة له في آسيا يرافقه فيها وفد كبير.
ومن الأسئلة المطروحة: أين سيقيم الملك سلمان؟ والاجابة ربما لم تعلن.
الآمال والرهانات الأردنية على زيارة العاهل السعودي كثيرة، وربما لا ترتبط بهواجس سياسية، فالعلاقات الأردنية السعودية تشكل مفصلاً استراتيجياً، وعمان تقدم مصالحها مع الرياض بالقول والفعل على كل المسارات الأخرى، حتى ولو تسببت في انزعاج دول أو غضبها.
العلاقات الاستراتيجية تحتم مكاشفات سياسية لمستقبل العمل العربي، وما هو مطلوب من القمة العربية، وماذا سيحدث لملف السلام بعد مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستمرار نتنياهو بسياساته المتشددة، واحتمالات نقل السفارة الأميركية إلى القدس، واستشراء الاستيطان.
أسئلة القمة العربية الأساسية ستطرح أيضاً في المباحثات السعودية الأردنية، وعلى رأسها الوضع العربي المتفجر، خصوصا في سورية.
الهاجس الأكبر والشاغل الأساسي للأردن هو الملف الاقتصادي، فالصعوبات الاقتصادية القاسية التي يمر بها الأردن ليست خافية ولا تحتاج إلى تعريف وتذكير، ولذلك فإن السؤال المطروح: هل هناك مفاجآت اقتصادية يمكن أن تنعش الآمال؟
من المعروف أن السياسات الاقتصادية السعودية تتجه مؤخراً نحو تعزيز الاستثمارات وتعميق الشراكة والمصالح الاقتصادية، أكثر من الذهاب نحو تقديم منح ومساعدات مالية، ولهذا كانت فكرة صندوق الاستثمار الأردني السعودي ليكون بوابة ومنصة المبادرات. المعلومات أن موفد الملك الخاص للسعودية الدكتور باسم عوض أنهى ترتيب أكثر التفاصيل للتصورات التي يمكن البناء عليها، وترك الكرة في مرمى الحكومة لتقدم أولوياتها للمشاريع الاقتصادية التي من المتوقع أن يعلن عنها خلال زيارة الملك سلمان.
القمة الأردنية السعودية ستلقي بظلالها على القمة العربية، فالحضور المبكر للملك سلمان سيقلّص من فرص تغيب الزعماء عن القمة، والتوقعات أن الغياب سيكون محصوراً في الزعماء الذين يتعذر حضورهم أصلاً، مثل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقه لظروفه الصحية، والسوري بشار الأسد الذي ما تزال بلده مجمدة العضوية في الجامعة العربية. في المقابل لن يحضر قمة الأردن ممثلون للمعارضة السورية.
لن تحقق القمة العربية في الأردن المعجزات بعد انهيار منظومة العمل العربي، وبعد كل الحروب الطاحنة التي تشتعل فيها، ولكن الأمل أن تشق كوة للنور لعلها تبدد العتمة أو تنير درباً.
فلسطين أول الملفات التي يريد الأردن أن تستعيد حضورها بعد أن غيبت وغابت، فإسرائيل أدارت ظهرها منذ زمن لأي تسوية سياسية، والرئيس ترامب بانقضاضه على حل الدولتين أشعل الفتن من سيناريوهات قادمة تذهب بآمال الشعب الفلسطيني بالاستقلال.
من المتوقع أن تفوض القمة العربية الملك عبدالله الثاني كرئيس للقمة ليلعب دوراً عند الإدارة الأميركية الجديدة لاعطاء زخم لعملية السلام، ومنذ الآن سربت الصحافة الإسرائيلية خبراً عن قمة سلام في عمان في أيار المقبل.
سورية الملف الثاني على أجندة القمة، وواقع الحال يشي بأن النظام السوري قد أعاد تأهيل نفسه بسبب التطورات الإقليمية. فالتقارب الأميركي الروسي، والتقارب التركي الروسي، ربما يدفع نحو مراجعة المواقف واسقاط الفيتو عن الحوار مع نظام الأسد، بما يعزز فرص نجاح مفاوضات الأستانة لتكريس حل سياسي توافقي.
الملف اليمني الأكثر تأثيراً على دول الخليج سيكون حاضراً بقوة أيضاً، فإذا حدث اختراق وتقدم في الوضع السوري فإن الأرجح أن يسهم ذلك بحلحلة تعقيدات الملف اليمني، لكن تصعيد الادارة الأميركية الجديدة ضد إيران لن يدفع السعودية ودول الخليج للقبول بتسويات مؤلمة.
القمة العربية في الأردن لن تنقذ الحال العربي، أو تعيد التضامن العربي المفقود، وفي أحسن الأحوال قد تحدث اختراقات ولو طفيفة وبصيص أمل يوقف نزف الدم المستمر منذ أعوام.