قمع حركة "احتلوا": تكتيكات دولة البوليس

الشرطة يعتقلون محتجاً من حركة "احتلوا" في نيويورك - (أرشيفية)
الشرطة يعتقلون محتجاً من حركة "احتلوا" في نيويورك - (أرشيفية)

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

ديفيد ليندروف - (كاونتربنتش) 16/11/2011اضافة اعلان
تنصب الشكوك بشكل متزايد على وقوف يد الحكومة الفيدرالية الأميركية البشعة وراء ما يبدو محاولة تجري في طول البلاد وعرضها لقمع وإخلاء حركة "احتلوا". وفي كل أرجاء البلاد، صدرت إنذارات نهائية في الأيام الأخيرة إلى مجموعات تحتل بورتلاند في أوريغون، وشيكاغو في ألينوي، وسان فرانسيسكو ودالاس في تكساس، وأتلنتا في جورجيا، وأحدث شيء في نيويورك ولاية نيويورك؛ حيث انطلقت حركة "احتلوا وول ستريت" يوم 17 أيلول (سبتمبر). وكانت جهود الإخلاء الأحدث  في أوكلاند ونيويورك هي الأسوأ من نوعها.
ثمة الكثير من العوامل المشتركة في هجمات البوليس، حيث ما يزال يجري تسويغها استنادا إلى ادعاءات نصية معدة سلفاً ومضخمة، تقول إن المحتلين يشكلون خطراً على الصحة، أو خطر حريق أو مشكلة جريمة، من دون شفع الادعاء سوى بالقليل من الحجة أو من دون حجة، أو عبر نبش قوانين مبهمة مشكوك فيها دستوريا مثل تجريم المشردين، ثم يحضر البوليس في ظلمة الليل في لباس مكافحة الشغب ومدججا بالأسلحة والقضبان والهراوات والقيود البلاستيكية والغاز المسيل للدموع، أو حتى ببنادق هجومية في بعض الحالات، وما يسمى بقنابل الصدمة والوميض الصوتية -وكلها أسلحة تستخدم ضد المتظاهرين السلميين. وكان الرد بالغ العنف لدرجة أن بعض قدامى المحاربين المخضرمين العائدين دانوا البوليس لاستخدامه أسلحة وتكتيكات لا يسمح باستخدامها حتى من جانب قوات الاحتلال في البلدان التي تمزقها الحروب.
تقول المدير التنفيذي لنقابة المحامين القومية، هيدي بوغوسيان، التي ما فتئت تلعب دورا رئيسيا في تقديم الخدمات القانونية للحركة الجديدة: "إننا نشعر بالتأكيد، خصوصا مع حركة مثل هذه، والتي صعدت بسرعة في عدد من المدن، بأنه سيكون هناك جهد قومي منسق لمحاولة وضع حد لها". وتضيف: "إننا نشهد جعل هذه الحركات كبش فداء، ونشهد الهجمات في الليل، والتكتيكات التي تستهدف إرهاب وترويع المحتجين. لا أستطيع أن أرى سوى أن هذا العمل منسق مركزيا".
وقد يكون أحد مؤشرات ذلك التنسيق اجتماع عقد بالهاتف بين 18 عمدة، والذي أكده عمدة أوكلاند جان كوان في مقابلة إذاعية مع محطة سان فرانسيسكو؛ دان سيغل، المحامي في أوكلاند، والذي كان قد عمل كمستشار لنقابة المحامين القومية ثم استقال اشمئزازاً بعد أن استخدم شرطة أوكلاند وموظفي تنفيذ القانون من الدوائر المحيطة العنف لإخراج المحتلين من متنزههم مستخدمين قنابل الغاز وذخائر يفترض أنها غير مميتة (حقائب حبوب وطلقات مطاطية) وقنابل وميض صوتية في غارة ليلية في الساعات الأولى من يوم 14 تشرين الثاني (نوفمبر)، يقول سيغل إن ذلك المؤتمر بالهاتف عقد، بشكل ذي دلالة، عندما كان كوان في واشنطن العاصمة.
وفي أعقاب ذلك بوقت قصير يوم 25 تشرين الأول (أكتوبر)، منح كوان الأمر بشن أول هجوم بوليسي وحشي على "احتلوا أوكلاند"، وأفضى الهجوم من بين أشياء أخرى إلى جرح خطير أصيب به سكوت ولسون، مخضرم حرب العراق الذي كان من بين المحتجين، والذي أصيب بقنبلة غاز مسيل للدموع قذفها عليه أحد أفراد الشرطة من مكان قريب.
من الذي نظم ذلك المؤتمر الحساس بالهاتف؟ هل كان كوان أم غيره من العمدات، أم كان أحداً ما في الحكومة الفيدرالية؟ يقول سيغل إنه لا يعرف، فيما يمتنع كوان عن قول أي شيء.
لكن سيغل وبوغوسيان، على حد سواء، يقولان إنهما يشكان بقوة في انخراط فيدرالي في التخطيط للموجة الأخيرة من عنف الشرطة ضد المحتلين. ويقول سيغل: "من المنطقي وحسب الافتراض أن مراكز الالتحام منخرطة، وخصوصا بعد أن أغلق محتلو أوكلاند الميناء في منطقتهم".
ويعد نحو 72 مركز التحام موزعة في أرجاء الولايات المتحدة، وتتلقى التمويل من الولايات المتحدة بكلفة تبلغ نصف بليون دولار، من خلق وزارة الأمن القومي الجديدة لما بعد 11/9. وتقوم هذه المراكز التي تجمع مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي اي) مع دوائر تنفيذ القانون المحلية، بجمع وتقاسم الاستخبارات المحلية، ويمكن لها أن تقوم بمهمة مراكز قيادة لتوجيه تنفيذ القانون المحلي للمساعدة على تنفيذ أهداف تفعيل القانون القومي. كما أن ثمة العديد من قوات التدخل السريع التي تربط مكتب التحقيقات الفيدرالي مباشرة مع دوائر الشرطة في المدن.
ويقول بوغوسيان: "إن ما نشهده هنا هو نموذج ميامي، مع مستويات مختلفة من تنفيذ القانون: المحلي، على صعيد الولاية، والمستوى الفيدرالي، وكلها تعمل معاً. وسيكون مما يثير الصدمة لو أن سلطات تنفيذ القانون الفيدرالية لم تكن تنظر إلى حركة الاحتلال هذه على أنها تشكل تهديدا للأمن القومي".
وتوافق على ذلك مارا فهاي دين رهيليارد؛ الرئيسة المشاركة للجنة الدفاع الجماهيري القومي في نقابة المحامين القومية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها. وتقول: "إن هذه الحملات على حركة احتلوا تبدو بالتأكيد وأنها جزء من استراتيجية قومية لسحقها". وتضيف: "لم نجد بعد أي دليل على انخراط فيدرالي، لكن حقيقة لجوء السلطات المحلية إلى اتخاذ إجراء بإشراك قوات تدخل سريع، إنما تثير احتمال وجود طيف التنسيق". وتضيف: "لا يوجد أي مسوغ قانوني لانخراط قوات التدخل السريع ضد الإرهاب المشترك في هذه الحركة. إن هذه النشاطات ليست إرهابية، ويجب على الشرطة عدم معاملة الناشطين على هذا النحو. ومع ذلك، تعامل الشرطة المحتجين على أنهم مجرمون. ويجعل التشابه في الرد في كل مكان على الحركة الأمر يبدو وأن هناك استراتيجية منسقة".
وفي الأثناء، يقول سيغل الذي عاد الآن إلى ممارسة المحاماة، إنه بعد أعمال الشغب التي أعقبت مقتل أوسكار غرانت من قبل شرطي ترانزيت في بارت، والذي أصاب غرانت في الرأس بعد أن كان قد اعتقل، لوحظ أن مسؤولين فيدراليين في تنفيذ القانون منخرطون بنشاط في فعاليات البوليس في منطقة أوكلاند.
وذكر بعض سكان أوكلاند أنهم شاهدوا بعض العربات الفيدرالية، وربما أيضاً معدات للحرس القومي خلال عمليات الشرطة ضد المتظاهرين أيضاً، رغم أن رجال الحرس القومي يمكن تفعيلهم قانونيا بأمر من الحاكم، وأن حاكم كاليفورنيا والعمدة السابق لأوكلاند؛ جيري براون، لم يصدر علناً مثل هذا الأمر.
ويقول ريك ايليس، الصحفي من مكتب مينا بوليس للمنفذ الإخباري  Examiner.com، إن مسؤولا مجهولا في وزارة العدل الأميركية أكد ما يقوله بوغواسيان وسيغل وماهي دين رهيلارد، من أنهم يشكون في الحالة بأن كل واحدة من الإخلاءات الوحشية التي نفذها البوليس ضد مجموعات الاحتلال "قد نسقت بمساعدة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي وغير ذلك من وكالات الشرطة الفيدرالية".
ويكتب إيليس قائلاً: "وفق هذا المسؤول، نصحت وكالات البوليس المحلي، خلال عدة مؤتمرات هاتفية وإيجازات صحفية مؤخراً، بالسعي إلى الحصول على مسوغ قانوني لإخلاء المقيمين في مدن الخيام، والتركيز على قوانين إنشاء المناطق وقواعد حظر التجول. كما نصحت الوكالات بإظهار عرض ضخم من قوة الشرطة، والذي يشتمل على نشر أعداد ضخمة في أزياء مكافحة الشغب. وعلى وجه الخصوص، تردد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تلقى النصيحة بخصوص العلاقات الصحفية؛ حيث اقترحت إحدى النصائح تنسيق أي تحركات لإخلاء المحتجين لتحدث في توقيت يرجح أن يكون فيه تواجد الصحافة أقل ما يكون".
على ضوء تطورات الأمور، يبدو من المؤكد أن الشكوك كانت في محلها، وأن مصدر إليس كان يتحدث عن الحقيقة. وهكذا، يكون أمام الرئيس أوباما الكثير من الأسئلة للإجابة عنها، وكذلك لدى العمدات الذين ما يزالون يشرفون على العمليات القمعية محليا.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Police state tactics