قناة "المملكة" الرابعة

بفضول شديد، سنتابع انطلاق القناة الأردنية الإخبارية الجديدة تلفزيون "المملكة". إدارة القناة لم تتعجل وأخذت وقتها كاملا  ويبدأ البث بجهوزية كاملة اليوم. الكوادر الفنية القيادية تم استقطابها منذ أكثر من عام ووصل عدد الموظفين الى 300 نفترض أنه تم انتقاؤهم وفق معايير مهنية صارمة. والحق أن المشروع امتص من السوق عددا وافرا من الكفاءات الإعلامية. ومنذ أسابيع بدأ عمل المحررين والمذيعين والمراسلين عبر البث التجريبي الداخلي، وفي الأثناء أتيح لي أن أزور القناة وخرجت بانطباع جميل. والمادة الإعلانية على شاشة القناة تعطي انطباعا مؤثرا عن الحداثة والمهنية وكذلك الشعارت، ولو أن الشعار الرئيس "الأردن المبتدأ ونحن الخبر" ليس الأجود حسب بعض الخبراء.. لكنها أذواق.اضافة اعلان
من المعروف أن وجود قناة أردنية إخبارية حديثة هو رغبة أردنية قديمة، منذ أن اجتاحت القنوات الفضائية العربية الساحة وسيطرت على المشاهدين وسط العجز المزمن للتلفزيون الأردني. وعلى كل حال، فكل القنوات الإخبارية الكبرى كالجزيرة والعربية أو الناطقة بالعربية مثل البي بي سي، وسكاي نيوز والألمانية والروسية تقف وراءها دول وليس رأسمال خاصا. وعندنا يوجد عشرات القنوات للقطاع الخاص، لكنها قلما تغطي كلفتها وتعمل بكادر متواضع جدا وتعتمد على برامج حوارية لا تكلف شيئا وتبث أغاني ومواد مستهلكة غير مدفوعة الثمن وما تيسر من إعلانات. طبعا باستثناء قناة "رؤيا" التي تعمل كقناة شاملة وبكادر واسع وتنتج لحسابها برامج متنوعة ومكلفة ويندر أن تجد رأسمال وطنيا يقبل بهذه المغامرة التي كلفت الملايين سنويا على أصحاب القناة التي بدأت هذا العام فقط، على ما أعلم، تحقق توازنا بين العوائد والنفقات.
ينبغي التذكير أن محاولة سابقة للقطاع الخاص لإنشاء قناة كبيرة (ATV) قد فشلت وتم بيع منشآتها لشركة إنتاج فني حاولت استئناف المشروع وأنفقت عليه كثيرا ثم لم يسمح لها بالبث وذهبت تجهيزات بالملايين خردة وكانت تجربة مريرة جدا لأصحابها الذين تكبدوا خسائر باهظة بلا نتيجة.
أحيط مشروع "المملكة" بكثير من اللغط، وتساءل البعض لماذا لا يتم تطوير التلفزيون الأردني أو فتح قناة إخبارية جديدة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون بدل الإنفاق على مشروع جديد، وشكك آخرون بإمكانية أن تكون القناة مستقلة ما دامت موازنتها مدفوعة من الموازنة العامة، وهي كلها ملاحظات وشكوك مشروعة. وأقدّر أن الطريقة التي نشأت بها القناة كانت خيارا نضج بين بديلين تقرر فشلهما: الأول هو تمويل جهة خاصة للقيام بالمشروع والثاني قناة جديدة تابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون، فكان البديل الثالث هو أن تنشأ بشفافية وبنظام خاص بها وبتمويل معلن من الموازنة قناة إخبارية عامة مستقلة لا تتبع الحكومة بل يعين مجلس إدارتها بإرادة ملكية.
هل ستنجو القناة من "التدخلات"؟! لا نحلف على شيء وسننتظر ونرى، لكن أعرف أن إدارة القناة مهنية جدا، تريد أن تنجح ولا تريد أن تخذل صاحب القرار، ولذلك لن تتنازل عن وجهة نظرها المهنية في العمل.. أولويات الأخبار وطريقة صياغتها وسقفها وسقف البرامج. طبعا هي ستصغي للملاحظات وستراعيها إن كانت وجيهة ومنطقية، لكنها لا تتلقى أوامر ولا تعمل بطريقة "الإعلام المرعوب" حسب ما وصف به الروابدة إعلامنا ذات يوم. يناط بالقناة أن تكون الصورة الوردية عن "المملكة الرابعة"، كما سمي عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وكما أردناه وفكرنا به وحلمنا دائما.