قندح : المسؤولية الاجتماعية للبنوك تتميز بالشمولية وتضم تحت مظلتها قطاعات متنوعة

مدير عام جمعية البنوك الأردنية الدكتور عدلي قندح-(أرشيفية)
مدير عام جمعية البنوك الأردنية الدكتور عدلي قندح-(أرشيفية)

إبراهيم المبيضين

عمان –  في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة التي فرضت ظروفا صعبة على شريحة واسعة من الأردنيين؛ خصوصا ذوي الدخل المحدود؛ ومع استمرار التأثيرات السلبية لظاهرتي البطالة والفقر على المجتمع؛ تظهر جلياً أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص التي تنفذها منفردة أو بالشراكة مع القطاع العام. 
وعلى الشركات أن لا تتبنى برامج المسؤولية الاجتماعية للمجتمع وكأنها عبء عليها؛ بل يجب أن تنظر اليها كواجب للمساهمة في التنمية الاقتصادية من باب ردّ الجميل للمجتمع الذي أسهم في تطور أعمالها ونمو أرباحها.
ومن جهة أخرى؛ يجب أن تركّز شركات القطاع الخاص بمختلف أطيافها على المبادرات والمشاريع التي تحدث تأثيراً طويل المدى في المجتمع أو حياة الفرد الاجتماعية والاقتصادية. 
وليس هنالك أفضل من أن تمس برامج المسؤولية الإجتماعية قضايا البطالة والفقر والمساعدة على تحويل المشاريع الريادية الى انتاجية، فضلاً عن  أهميتها في دخولها قطاعات التعليم والصحة وتوفير المسكن.
"الغد" تحاول في هذه الزاوية أن تتناول حالات لبرامج، أو تعدّ تقارير اخبارية ومقابلات تتضمّن المفاهيم الحقيقية للمسؤولية الاجتماعية لشركات من قطاعات اقتصادية مختلفة تعمل في السوق المحلية.

اضافة اعلان

قال المدير العام لجمعية البنوك في الأردن د.عدلي قندح إن "مفهوم المسؤولية الإجتماعية الذي تؤمن به البنوك هو مفهوم شامل ويضمّ تحت مظلته كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في المملكة"، وذلك انطلاقا من "شعور البنوك العاملة في الأردن بمواطنتها وانتمائها للمجتمع الأردني، واعتقادها بضرورة وجود مسؤولية اجتماعية للشركات بشكلٍ يجعلها تتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع".
وأوضح قندح في حديث لـ " الغد" أن البنوك العاملة في المملكة تساهم في مضمار المسؤولية الإجتماعية من خلال شكلين؛ الشكل الأول؛ يتمثّل في المشاريع المشتركة للبنوك وهي المبادرات التي تقوم بها البنوك بشكل مشترك مع بعضها ومن أمثلتها صندوق الحسين للإبداع والتفوق والذي يجري تمويله من قبل الجهاز المصرفي مساهمة منه في تطوير البيئة الإبداعية في الجامعات الأردنية ودعم صندوق الأمان لرعاية الأيتام والصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية ومساهمة البنوك في توفير التمويل الملائم لمبادرة "سكن كريم لعيش كريم" لشراء الوحدات السكنية ضمن شروط سهلة وميسرة.
وبالنسبة للشكل الثاني من مشاريع المسؤولية الإجتماعية للبنوك ؛ بيّن قندح أنه يتمثل في المشاريع الفردية وهي المبادرات التي يقوم بها كل بنك على حدة، لافتا الى تميز البنوك في الأردن بنشاط واضح وكبير من ناحية حجم وعدد هذه المبادرات الفردية التي تقوم بها وفقاً لتوجهاتها الخاصة والتي تصب في مجالات عديدة منها قطاعات الصحة والتعليم والتراث والبيئة والثقافة والعمل الاجتماعي والتنمية البشرية وغيرها.
وأضاف قندح ؛ في حديثه عن واقع المسؤولية المجتمعية للقطاع المصرفي في المملكة؛ أن مساهمات البنوك في السنوات القليلة الماضية مثلا شملت مجالات : دعم مؤسسات ثقافية واجتماعية واقتصادية ووطنية، المجالات الرياضية والصحية، مجالات التنمية والفقر، التعليم، المجالات الثقافية والفنية والمهنية، خدمات اجتماعية وخيرية، المجالات البيئية والسياحية والتراثية والدينية، الطفل والمرأة والأسرة، ذوي الاحتياجات الخاصة، ومجالات اخرى متنوعة.
وعلاوة على ما سبق من مساهمات للبنوك في مجال المسؤولية الاجتماعية، يلعب القطاع المصرفي في الأردن دوراً مهماً على صعيد التوظيف والتدريب، حيث تجاوز عدد موظفي البنوك 18423 موظفاً وموظفة في نهاية العام 2013، بينما تجاوز عدد الموظفين الذين تم إشراكهم في الدورات التدريبية 40 ألف موظف وموظفة خلال العام 2013.
وبلغ عدد البنوك العاملة في القطاع المصرفي في المملكة 26 بنكاً مع نهاية العام 2013، تتوزع بواقع 13 بنكاً تجارياً أردنياً وثلاثة بنوك إسلامية أردنية وعشرة فروع لمصارف أجنبية، حيث تقدم البنوك العاملة في الأردن مجموعة متكاملة من الخدمات والمنتجات والحلول المصرفية من خلال شبكة من الفروع بلغ عددها 742 فرعاً داخل الأردن، بالإضافة إلى 79 مكتباً و 1346 جهاز صراف آلي وذلك كما هو العدد في نهاية العام 2013.
وتعرّف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "UNIDO " المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) بانها الطريقة التي تحقق من خلالها الشركة التوازن بين الضرورات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، بينما في نفس الوقت تستجيب لتوقعات المساهمين وأصحاب المصلحة.
إلى ذلك؛ أكد قندح أهمية الإفصاح عن مبادرات المسؤولية المجتمعية للشركات، مشيرا الى انه يعتبر عملاً طوعياً من الشركات للإفصاح عن المعلومات المتعلقة بممارساتها وسياساتها تجاه للمسؤولية المجتمعية، وقد يأخذ الإفصاح شكل تقارير الاستدامة (Cr Sustainability Report)، أو قد يتم تضمينها في التقارير المالية السنوية.
وقال " تزايد الطلب خلال العقد الماضي على الافصاح عن قيم ومبادئ وممارسات المسؤولية المجتمعية، وظهرت العديد من معايير إعداد التقارير الدولية التي تشجع الشركات على الإفصاح بشفافية المعلومات والاستراتيجيات والأنشطة الخاصة بالمسؤولية المجتمعية مثل مبادرة الإبلاغ العالمية ( Global Reporting Initiative - GRI) ؛ و( مبادئ الميثاق العالمي للأمم المتحدة)".
وعن ملف الافصاح عن مبادرات المسؤولية الاجتماعية في القطاع المصرفي أوضح قندح قائلاً : " تعتبر الشفافية العالية التي تتمتع بها البنوك العاملة في الأردن من خلال الإفصاح والإعلان الدوري والدقيق عن نتائجها المالية وأعمالها السنوية هو في جوهر المسؤولية الاجتماعية لها، حيث أن البنوك من أكثر القطاعات شفافية وإفصاح مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى في المملكة، وهذا يساعد في الحكم على مدى التزام البنوك تجاه مختلف الجهات المستفيدة من مساهمين وعاملين وخزينة ومجتمع محلي وغيرها".
ويشار إلى أن البنك المركزي الأردني أصدر مشروع تعليمات التعامل مع العملاء بعدالة وشفافية والتي استهدفت زيادة مستوى الإفصاح والشفافية للبنوك.
وأضاف " بدأت بعض البنوك الأردنية بالعمل على إعداد واصدار ما يسمى بتقرير الاستدامة (Sustainability Report) وهو عبارة عن تقرير متخصص يبين أداء الشركة أو البنك في مجالات التنمية المستدامة بحيث أنه يغطي انجازات البنك ضمن مختلف المجالات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية ويبين إسهامات البنك في تلك المجالات".
وفي هذا السياق؛ استرشد قندح بنتائج لدراسة  ؛ قامت بها جمعية البنوك في الأردن بالتعاون مع إحدى المؤسسات الاستشارية في العام 2013 ؛ حول افصاح البنوك عن ممارسات المسؤولية المجتمعية لديها، حيث أظهرت نتائج الدراسة بان 57.6 % من البنوك تقوم بالافصاح عن مساهماتها المالية للمسؤولية المجتمعة.
 كما أشارت نتائج الدراسة إلى ان حوالي
28.5 % من البنوك في الأردن اصدرت تقارير استدامة للمسؤولية المجتمعية خلال السنوات الثلاث الاخيرة، بينما قام 77 % منها بالافصاح عن نشاطات المسؤولية المجتمعية على مواقعها الالكترونية او الوسائل الإلكترونية الاخرى.
وأشار إلى أن نتائج الدراسة خلصت ايضا إلى أن 19 % من البنوك في الأردن أعلنت وجود استراتيجية واضحة للمسؤولية المجتمعية لديها تتضمن على توجهاتها والنواحي التي تسعى للتركيز عليها، فيما عبّر77 % من البنوك على مواقعهم الإلكترونية عن اعتمادهم لرؤية واضحة للمسؤولية، وعن اهتمامهم بنواح معينة من المسؤولية، وعن وجود قسم مختص بالمسؤولية المجتمعية في البنك.
الى ذلك؛ قال قندح ان "جمعية البنوك قامت ايضا بدراسة استطلاعية حول أهم خصائص ومميزات المسؤولية المجتمعية للبنوك العاملة في الأردن وخلصت ابرز النتائج الى وجود اعتقاد لدى البنوك العاملة في الأردن بأن ممارسات المسؤولية المجتمعية لها تأثير كبير على سمعة البنك، ما يدلّل على وجود وعي لدى البنوك العاملة في قطاعنا المصرفي بأهمية المسؤولية المجتمعية وأبعادها المهمة في المجتمع".
واضاف أن "هذه الدراسة خلصت ايضا الى أن هناك قناعة كبيرة لدى البنوك العاملة في الأردن وبنسبة بلغت 91.3 % بأنها تستطيع من خلال علاقاتها وتعاملاتها مع عملائها من الشركات أن تشجع على مسؤولية اجتماعية أكبر في السوق".
وأوضح أن الدراسة أشارت إلى أن البنوك العاملة في الأردن تحتاج إلى مجموعة من المتطلبات والعوامل التي قد تساعد في تطوير وزيادة قدراتها للنهوض بمسؤولياتها الاجتماعية على أتم وجه، وقد جاء في مقدمة هذه العوامل : وجود أنشطة داعمة، مثل الندوات والدورات التدريبية حول المسؤولية الاجتماعية، بنسبة أهمية بلغت
 47.8 %، وجود جهة حكومية متخصصة في تنسيق وتوجيه نشاطات المسؤولية الاجتماعية، بنسبة أهمية بلغت 39.1 %،  خبراء يختصون في مجال المسؤولية الاجتماعية بنسبة أهمية بلغت 34.8 %، وأخيرا مساعدات أخرى، وتتضمن على: بناء توجه سنوي للمسؤولية الاجتماعية في البنك، والتنسيق التام بين القطاعين العام والخاص لدعم المشاريع والمبادرات ذات الأثر الواضح.
وقال قندح إن "الدراسة أشارت إلى أن هناك عدداً من المؤشرات التي تدرسها البنوك لتقرر حجم الاستثمار في مبادرات ومشاريع المسؤولية المجتمعية ويأتي في مقدمة هذه العوامل درجة التأثير بنسبة أهمية بلغت 76.2 % وعدد الناس المتأثرين بنسبة أهمية بلغت 76.2 % أيضاً ثم تأتي المنطقة الجغرافية في المرتبة الثانية بنسبة أهمية بلغت 23.8 %".
وأوضح أن الدراسة خلصت ايضا الى أهم القيود التي تواجهها البنوك بمشاريع المسؤولية الاجتماعية وشملت : مخصص الميزانية، نقص المعلومات في السوق عن المشاريع الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية وعن الجهات التي تحتاج إلى الدعم، عدم وضوح الطلب / وفي الغالب تعتقد الجهة الطالبة للدعم أن الموضوع هو تبرع، مدى التنظيم والفاعلية واستمرارية هذه المشاريع، عدم توفر الإحصائيات الواضحة.

[email protected]