"قهوة سادة" عرض مسرحي يقدم لوحات من الهموم اليومية بصورة ساخرة

"قهوة سادة" عرض مسرحي يقدم لوحات من الهموم اليومية بصورة ساخرة
"قهوة سادة" عرض مسرحي يقدم لوحات من الهموم اليومية بصورة ساخرة

رنة العامر

عمّان- قدم العرض المسرحي المصري "قهوة سادة" في المركز الثقافي الملكي أول من أمس ضمن فعاليات مهرجان الأردن الأول لوحات اجتماعية واقتصادية ودينية بصورة كوميدية.

اضافة اعلان

وجاءت المسرحية التي حضرها كل من وزير الثقافة د. صبري الربيحات ووزير الخارجية ناصر جودة ووزيرة تطوير القطاع العام نانسي باكير والسفير المصري في عمان عمر أبو العطا في عدة مشاهد بدأ عرضها بتشييع جنازة لكبار الفنانين من مطربين وممثلين وكتاب، كان لهم أثر واضح وملموس في رسم تاريخ الفن وتحديد هويته. وتم تناول هذا المشهد بغرس الممثلين لافتات على الرمال تحمل صور كبار الفنانين الراحلين على أنها قبور.

وفي مشهد جماعي، قام الفنانون الشباب وهم يرتدون النظارات السوداء ويبكون الراحلين بتناول فنجان من القهوة السادة بصمت وبنظرات ملؤها الحزن، حاثّين المشاهدين على مشاركتهم في البكاء.

وتناولت المسرحية، التي أخرجها وكيل وزارة الثقافة المصري خالد جلال، عدة قضايا ومشاكل اجتماعية يعيشها ويواجهها الشباب هذه الأيام، فالمشهد الأول عبّر عن انهيار مفردات اللغة وتدني مستوى الحوار بشكل مبالغ فيه، الأمر الذي أدى بدوره إلى انهيار الذوق، بداية من الاستماع لمختلف الاغاني الهابطة التي لا تحمل أي معنى مرورا باستخدام مصطلحات وكلمات لا تمتّ للغة العربية بصلة.

كما تطرق العرض المسرحي لمشكلات البطالة وما تعكسه، بدءا من ظروف الحياة الصعبة وتحمل الشباب أعباء نفقات الزواج وتكاليف السكن ومصاريف الإنفاق على الأطفال وانتهاء بمراسم الدفن.

أما المشهد الثاني، فتحدث عن سيطرة الفنون الخليجية، ومحاولة خلجنة الفنون المصرية وتزييف التاريخ عبر أعمال تاريخية مزيفة لمحاولة سلب الريادة الفنية من مصر.

وبصورة ساخرة بدأ المشهد الثالث فكرته بفنانين يقدمون دور موظفين مصطفين وراء بعضهم بعضا ينتظر كل واحد فيهم قدوم زميلتهم في العمل لتقوم على إرضاعهم تطبيقا لفتوى "إرضاع الكبير" التي أثارت ضجة كبيرة عند صدورها من أحد علماء الأزهر قبل حوالي عامين.

في حين تناول المشهد الرابع معاناة الحصول على "رغيف العيش" بطريقة كوميدية ساخرة تجمع بين الأكشن والمصارعة وفنون القتال المختلفة لتأمين قوت اليوم.

وطرح العمل بواقعية تحمل نهاية مؤلمة في أحد المشاهد دور الوساطة في الفن وانهيار مستواه، وتجسد المشهد على شكل مقابلة فنية كوميدية لاكتشاف المواهب الفنية الحقيقية لتكون النتيجة هي رفض الموهبة الحقيقية وإعلان نجومية أحد المتقدمين الذي يفتقر لأية موهبة. أما المشهد التالي، فقد ناقش انقطاع الصلات الاجتماعية وتفسخ العلاقات الاسرية نتيجة سرعة إيقاع العصر وانشغال الجميع.

وفي ظاهرة تعاني منها معظم الشعوب وبخاصة العربية، تدور رحى المشهد السادس ليعرض الارتفاع الجنوني في الأسعار الذي يسيطر على حياة الإنسان ولا يجد مفرّاً منه إلا الضحك. هذا ما عبرت عنه فكرة المشهد بفريقه الذي يضم أكثر من ثلاثين شابا وشابة من ذوي المواهب اللافتة والمعبرة في فنون المسرح.

وواصلت مسرحية "قهوة سادة" تقديم لوحاتها التي تحمل معاني قيمة وتتقن التعبير عنها، ففي المشهد السابع، تناولت فكرة عدم وعي الأجيال بالموروث ومحاولة الاستفادة من دروسه وجسدت ذلك بوجود أجيال متعلمة لكنها جاهلة في الوقت نفسه بماضيها وما يحيط بها.

وفي المشهد الأخير، طرحت المسرحية فكرة الهجرة غير الشرعية للشباب بعد أن يتمكن اليأس والإحباط من نفوسهم، وبدلا من محاولة الانتصار على الصعاب، فإنهم يستخدمون طرقا غير شرعية تودي بهم إلى الهلاك.

واختتم أعضاء المسرحية بلغة صامتة وخلفية موسيقية تحاكي الماضي وتعكس الواقع وتهجو المستقبل مشاهدهم نهاية مختلفة، فبدلا من رفع أيديهم لرد التحية على الجمهور، فضلوا ختمها وكل واحد فيهم يمسك بيده فنجان القهوة ليعرضه على الجمهور رغبة منهم في استكمال قصصهم ولوحاتهم.

وفي نهاية العرض المسرحي، كرم وزير الثقافة وكيل وزارة الثقافة المصري المخرج خالد جلال لدوره الكبير والملحوظ.

وأكد المخرج خالد جلال في حديثه لـ"الغد" أن مسرحية "قهوة سادة" ما هي إلا نتاج لتفكير وعصف ذهني ووجهة نظر جماعية لفريق العمل، مبينا أن فكرتها مستوحاة من واقع هموم وتطلعات المواطن العربي على اختلافها سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية أم دينية تم تقديمها بلوحات كوميدية.