قوات عربية في سورية؟!

فجر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مفاجأة من العيار الثقيل أول من أمس عندما أعلن عن استعداد بلاده للتجاوب مع طلب الإدارة الأميركية إرسال قوات  إلى"شرقي" سورية لتحل مكان القوات الأميركية التي أعلن دونالد ترامب عن نيته سحبها في القريب العاجل.اضافة اعلان
الجبير صاحب الخبرة الواسعة في السياسة الأميركية قال إن نقاشا حول هذا المقترح بدأ منذ بداية العام الحالي مع إدارة ترامب.وأضاف أن المملكة مستعدة لإرسال قوات إلى سورية تحت مظلة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، إذا اتخذ قرار بتوسيعه.
تزامنت هذه التصريحات مع تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أفاد بأن إدارة ترامب طلبت من حلفائها العرب إرسال قوات إلى المناطق الشرقية من سورية كبديل للقوات الأميركية المنوي سحبها.
وليس جديدا تصريحات مسؤولين اميركيين كبار على رأسهم ترامب طالبوا فيها إعلان دول الخليج الغنية تحمل تكاليف بقاء القوات الأميركية في سورية، إذا كان هذا التواجد ضروريا من وجهة نظرهم.
وحسب تقارير صحفية فإن اتصالات مستشار الأمن القومي جون بولتون، بهذا الخصوص شملت ثلاث دول هي مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
على المرء أن يكون صاحب خيال واسع ومغامر من طراز أسطوري لكي يتعامل مع هذا التوجه بالجدية الكافية.
إذا كانت القوات الأميركية تنوي مغادرة سورية لأن المهمة المتمثلة بالقضاء على تنظيم داعش الإرهابي قد أنجزت، كما صرح ترامب، فما الحاجة إذا لقوات بديلة؟
لكن دعونا نسلم برأي جنرالات البنتاغون بأن المهمة لم تنجز بعد بالكامل وهناك حاجة ماسة لبقاء القوات الأميركية،فهل تستطيع القوات العربية البديلة أن تملأ الفراغ الذي تخلفه القوات الأميركية؟
الوضع سيختلف بشكل جذري. أولا المناطق المستهدفة بالوجود العسكري تسكنها أغلبية من الأكراد السوريين المتوجسين من أي دور أجنبي غير الدور الأميركي،ولايمكنهم الوثوق أبدا بجيوش تمثل دولا وقفت في الضد من طموحاتهم.
ثانيا، السبب الوحيد الذي حال دون إقدام الجيش السوري أو القوات المحسوبة على إيران على استهداف القوات الموجودة في شرق سورية هو أنها أميركية. ذلك كما هو معروف خط أحمر إيراني ومن قبل روسي، لأن تبعات الاستهداف مكلفة جدا وتعني مواجهة بين القطبين العالميين.
القوات العربية إذا ما تواجدت على الأرض السورية ستكون هدفا لكل الأطراف بما فيها الجماعات الإرهابية. إيران ستجد فيها ساحة مثالية بعد اليمن لتصفية حساباتها مع السعودية والإمارات،ومهما بلغت الحماية الجوية الأميركية من نفوذ وحضور، فإنها لن تحول دون شن هجمات منظمة على هذه القوات.
بمعنى آخر ستزداد وتيرة العنف والمواجهة العسكرية في سورية، وتنهار مناطق خفض التصعيد،وتواجه الدول المتورطة حرب استنزاف طويلة.
روسيا لن تكون مستعدة أبدا للتعايش مع جيوش يمكن أن يكون لها نفوذ أهلي في سورية، وقد ثبت من التجربة التركية أن أية دولة تنوي الخوض ميدانيا في المشهد السوري عليها أن تحظى بالقبول الروسي، ولا أعتقد أن الكرملين مستعد لمناقشة خطوة تنطوي على قدر من التجديف السياسي في سورية.
الولايات المتحدة وحدها من دول التحالف القادرة على الوجود في سورية بدون إذن من موسكو.