قوافل الأجر والثواب

لا تقتصر كفالة اليتيم على النواحي الغذائية فقط، بل تشمل احتضانه وتعليمه والاهتمام بصحته -(أرشيفية)
لا تقتصر كفالة اليتيم على النواحي الغذائية فقط، بل تشمل احتضانه وتعليمه والاهتمام بصحته -(أرشيفية)

اهتم الإسلام بشأن اليتيم اهتماماً بالغاً من حيث تربيته ورعايته ومعاملته وضمان سبل العيش الكريمة له، حتى ينشأ عضواً نافعاً في المجتمع المسلم: قال تعالى:(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) الضحى:  9، وقال تعالى:( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ(1)فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ(2))الماعون: 1 - 2 وهاتان الآيتان تؤكدان على العناية باليتيم والشفقة عليه، كي لا يشعر بالنقص عن غيره من أفراد المجتمع، فيتحطم ويصبح عضواً هادماً في المجتمع المسلم.اضافة اعلان
ومما يؤكد على عناية الإسلام باليتيم والتأكيد المستمر على الحرص عليه وحفظه، هو ورود كلمة اليتيم ومشتقاتها في ثلاث وعشرين آية من آيات القرآن العظيم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم(من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة).
وهكذا جعل الإسلام بر اليتيم وحسن تربيته والقيام على شؤونه من معالم الإيمان الكامل، وبوأ فاعل ذلك مكانة عالية في جنات النعيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا- أي متجاورين- وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى". فمنزلة كافل اليتيم كمنزلة النبي صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السماوات والأرض.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من مسح رأس يتيم، لم يمسحه إلا لله، كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح رأس اليتيم ثلاثاً ويدعو له بالخير والبر.
ولا تقتصر كفالة اليتيم على النواحي الغذائية فقط، بل يتسع معناها ليشمل احتضانه وتعليمه والاهتمام بصحته وإعداده نفسياً وتربوياً لمواجهة المستقبل، والأخذ بيده نحو الفضيلة، وتقوية روحه وعقله، وزرع الأمل في نفسه، ومعاملته بصدق وإخلاص، والحرص على مستقبله وسلوكه، كما يكون حرص الأب على مستقبل أبنائه وسلوكهم.
وتمثل حرص الإسلام على رعاية اليتامى بالرفق العام بهم، والحفاظ على أموالهم، والإنفاق عليهم.
فأما الرفق بمن لا آباء لهم من اليتامى، فقد شدد الإسلام على رعايتهم بالمودة والعاطفة الصادقة، تعويضاً لهم عن بعض ما افتقدوه، كما منع إيذاءهم والإضرار بهم، أو النظر إليهم نظرات قاسية تنفرهم؛ ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه".
وأما الأمر الثاني فهو المحافظة على مال اليتيم لئلا يتجرأ أصحاب النفوس الضعيفة على الصغير العاجز، الغافل القاصر. قال تعالى في سورة النساء الآية 9: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً}.
ووعد النبي صلى الله عليه وسلم مد اليد بالسوء إلى مال اليتيم من أكبر الكبائر. فقال فيما رواه الشيخان: "اجتنبوا السبع الموبقات –أي المهلكات- قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات".
وأما الأمر الثالث المتعلق باليتيم فهو الإنفاق عليه إن لم يكن له مال، فقد أوجب الإسلام نفقته على قريبه الغني؛ لأنها من توابع صلة الرحم، وخصوصاً إذا كان فقيراً محتاجاً. وقد اعتبر القرآن الكريم الإنفاق على اليتيم من أقرب القربات إليه سبحانه ففي سورة البقرة الآية 177: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى}.
واستمراراً لحرص الإسلام على أموال اليتامى، أمر باستثمارها وتنميتها حتى لا تستنفذها النفقة عليهم، فلقد ورد عن النبي أنه قال: "ألا من ربي يتيماً له مال فليتجر به، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة". كما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "اتجروا في مال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة"، ومن هنا يلزم الولي على مال اليتيم استثمارها لمصلحة اليتيم على رأي كثير من أهل العلم بشرط عدم تعريضها للأخطار.
كما جعل الإحسان إلى الأيتام علاجا لقسوة القلب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكا إلى رسول الله قسوة قلبه فقال: "امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين"، ورتب على ذلك الأجر العظيم، حيث يكسب المرء الحسنات العظام بكل شعرة على رأس ذلك اليتيم، فعن أبي أمامة أن رسول الله قال: "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات" ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى".