قوت يومي يا دولة الرئيس!

محمد الشواهين

المواطن الأردني بات اليوم يصرخ طالبا توفير لقمة عيش حلال، وبيتا متواضعا يقيه حر الصيف وبرد الشتاء. هذه الأمنية التي تحمل معنى البساطة والزهد، تجدها على ألسنة معظم أبناء هذا البلد، بيد أنه لا يسمعها أو يعيها إلا من كان قريبا من هؤلاء البسطاء، وتعايش معهم في أفراحهم وأتراحهم، وحلهم وترحالهم، كما في جوعهم وشبعهم.اضافة اعلان
الخطابات السياسية، والمؤتمرات الاقتصادية، وقول هذا الوزير، وشرح وتفسير آخر؛ ليست بذات شأن عند أغلبية المواطنين، فكسرة خبز ترد الجوع، أهم من كل هذه الاستعراضات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لدى هذا المواطن الذي "يصطبح" إما برفع قيمة سلعة من حاجاته الضرورية، أو بزيادة أسعار الوقود التي تنعكس عليه راكبا أو ماشيا.
لا نذيع سرا إذا ما قلنا إن غالبية أبناء هذا الشعب، وعلى مر سنين مضت، لا تثق بمصداقية حكوماتنا أو سياستها في المواضيع الاقتصادية بالذات. فهم في واقع الحال ليسوا بخبراء اقتصاديين كي يفقهوا الكثير مما يقال على شاشة التلفاز من تصريحات أو شروحات عن إنجازات أو خطط مستقبلية لا يرونها على أرض الواقع؛ بأن خفضت الأسعار بشكل ملموس، أو زادت الرواتب والدخول، وبحيث يعيشون حياة كريمة لا فقرا مدقعا، وزمهريرا يقض مضاجعهم لأنهم لم يتمكنوا من توفير وقود لمدافئهم التي اعتراها الصدأ والتلف.
المواطن الذي يتساءل ما ذنبي إذا ارتفعت المديونية أو انخفضت، يدرك –على بساطته وقلة حيلته- أنه لم يستنزف شيئا من بيت مال دولته، بما يدفعها إلى الاستدانة!
وفي هذا السياق، فإن الكاتب عندما ينقل بصدق ما يسمعه أو يلمسه في الشارع الأردني من توجعات معيشية تنطلق من حناجر المواطنين الغلابى، فإنه بكل تأكيد يشير إلى أدناها أو أقلها ضررا.
الحكومة الحالية، وكما هو معروف، رفعت أسعار بعض السلع والخدمات على جرعات متتابعة، وليس مرة واحدة. وبعض الحكومات السابقة أيضا رفعت ضريبة المحروقات بشكل غير مسبوق. والمواطن بات هو الذي يدفع ثمن هذه القرارات من جيبه الخاوي. وقد قيل إنه لولا هذه الإجراءات لواجهنا كارثة اقتصادية. ومن هنا جاءت أزمة الثقة بين المواطن والحكومة.
وقد سبق لهذا المواطن أن تساءل مرات ومرات عن قانون "من أين لك هذا؟"، وتساءل أيضا: هل أعدتم للخزينة الأموال المختلسة أو المنهوبة أو التي استنزفت من دون وجه حق؟ وهل تم وقف الفساد، بما فيه من تنفيعات ومحسوبيات وتعيينات برواتب من العيار الثقيل؟!
يا دولة الرئيس، ثمة حقيقة لا نستطيع تجاوزها أو القفز عنها، وهي أن راتب الموظف لم يعد يكفيه إلى نصف الشهر مع الكفاف، فيما النصف الثاني استدانة لا مفر منها؛ فأين الإصلاح الذي أمر به جلالة الملك؟