"قولي حاجة.. أي حاجة"!

ما نزال ننتظر، على أحرّ من الجمر، أيّ تصريحات أو إضاءات رسمية بشأن ما وصل إليه سير قضايا عدّة شغلت الرأي العام خلال الفترة الماضية، من دون أن نسمع ما يروي ولو قليلا من الظمأ، فيما يتعلق بمجرى الأمور فيها. فبالرغم من أهميتها الكبيرة لدى الرأي العام، إلاّ أنّ كل ما نقرؤه أو يصل إلينا هو "رواية" الأطراف الأخرى، وليس الحكومة.اضافة اعلان
القضية الأولى، هي الصفقة المزعومة ببيع أسهم مؤسسة الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان لشركة قطرية. وهي القضية المعروضة على التحكيم السويسري منذ ما يقرب من ستة أشهر، من دون أن نسمع خبراً أو معلومة تطمئننا أو تحضّرنا للنتائج، من قبل الحكومة أو "الضمان الاجتماعي"، حول سير الأمور.
الأصدقاء المطّلعون على سير الأمور يؤكّدون أنّ ذلك نتيجة قرار أردني رسمي بعدم البوح بأي تفاصيل للإعلام، والقسم على ذلك من قبل المشرفين على إدارة الحكومة للإجراءات القضائية. وهو إجراء يمكن تفّهمه إعلامياً، طالما أنّه قضائياً يخدم الحكومة، لكن لا أن يصل مرحلة الصمت المطبق تماماً، بلا أي معلومة أو خبر حول تطور الأمور ومسارها، وبما يزرع الشكوك والقلق الشديد لدى المواطنين حول هذا الموضوع الخطر والمهم.
المفارقة أنّ الطرف الآخر نشط في الفترة الماضية في إرباك الإعلام والرأي العام الأردني، واحتلت روايته الفراغ الإعلامي الناجم عن الصمت الرسمي الأردني، حتى ولو بطريقة غير مباشرة، عبر تمرير رواية مضاربة أو نفي لما يتم تداوله من معلومات عبر الإعلام المحلي؛ من خلال تسريبات الشركة القطرية، أو حتى أطراف خليجية أخرى مطّلعة على القضية.
القضية الثانية تتمثل في مسار التحقيق في استشهاد القاضي رائد زعيتر على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي. إذ لم تقدّم لنا الحكومة أي تفاصيل أو معلومات مفيدة حول الوفد الأردني المشارك في التحقيقات، ولا عن سير الأمور، ولا عن المواعيد المتوقعة لصدور نتائج التحقيق، حتى وإن كان ذلك ببيان مقتضب أو موجز، لطمأنة الرأي العام بأنّ الدولة تعطي هذا الموضوع أهمية قصوى، وأنّها لم تتجاوزه أو تقلل من شأنه!
هذا الصمت الحكومي المبالغ فيه، مرّة أخرى، يعزّز انطباعات شعبية سائدة بأنّ المسألة لا تعدو شراءً للوقت، وتبريداً للأعصاب؛ وأنّ الحكومة غير جادّة في منح هذا الملف ما يستحقه من اهتمام يرقى إلى مرتبة رمزية، تتزاوج مع مفهوم الكرامة الوطنية!
الملف الثالث هو موضوع محاكمة الرئيس السابق لمجلس إدارة "الفوسفات"، وليد الكردي. إذ تمثل المصدر الوحيد للمعلومات هنا في محامي الكردي، د.إبراهيم العموش، الذي قدّم (مشكوراً)، عبر تصريحات خاصة بموقع "خبرني" الإلكتروني، وجبة دسمة من المعلومات بشأن سير الأمور؛ بينما لا تسمع همساً ولا ركزاً في المعسكر الحكومي، وكأنّ على رؤوس المسؤولين الطير. فلا نجد أي توضيح أو تفسير موازٍ لرواية محامي الكردي في هذه القضية التي كانت، وما تزال، جزءاً رئيساً من الملف الأكثر خطورة وأهمية وحساسية، وهو ملف الفساد!
المسؤولية لا تقع على كاهل الناطق الرسمي، فهو مسؤول عن تقديم المعلومات التي ترد إليه من الجهات المسؤولة عن هذه الملفات، فلا يملك هو شخصياً مفتاحاً لكل هذه الملفات. إنما المسؤول هو تلك العقلية الرسمية التي تستخف، أولاً، بأهمية المعلومة وخطورتها في بناء الرواية الإعلامية؛ وثانياً بأهمية الإعلام ودوره في هذه الملفات؛ وثالثاً بالرأي العام وحقه في معرفة تطور الأمور في هذه القضايا الثلاث المهمة والحيوية.
بانتظار توضيح أو إيضاح أو تفسير أي معلومة من قبل الحكومة؛ "قولي حاجة.. أي حاجة"، لنعرف فقط أين نقف؟!