قيمة عملات دول الخليج وأسعار النفط

ترجمة: ينال أبو زينة

عمان- يتوقع معظم المراقبين أن يترك أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط، الأوبك، إنتاج الذهب الأسود على حاله عقب اجتماعهم في فيينا، وفي حال تم الاتفاق على ذلك، لن يكون هناك من نهاية واضحة المعالم لأسعار النفط المنخفضة، لاسيما أن استراتيجية فتح صنابير النفط التي تتخذها المملكة العربية السعودية لتخرج منتجي النفط عالي التكلفة خارج الساحة قد أثبتت كفاءتها. اضافة اعلان
لقد أصبحت الأسعار الآن نصف ما كانت عليه العام الماضي. وكانت دول الخليج تملك مجتمعة حساباً جارياً ضخماً تبلغ نسبته 21.6 % من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تتقلص هذه النسبة إلى عجز يقدر بحوالي 2.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، والفضل يعود إلى انخفاض قيمة صادرات دول الخليج الرئيسية.
 وفي شهر تشرين الأول (أكتوبر) وحده، أنفق البنك المركزي السعودي 7 مليارات دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لتمويل عجز المملكة. وفي حال اقتصرت على هذه الاحتياطيات في المستقبل القريب، لن يكون لدى المملكة خياراً آخر سوى أن تتخلى عن قيمة الريال القائمة منذ وقت طويل مقابل الدولار.
  ومن المؤكد أن التوترات الذي تلف هذه المسألة سهلة الملاحظة في الأسواق المستقبلية، ففي الـ24 من تشرين الثاني (نوفمبر)، سقط سعر شراء الريال إلى أدنى مستوى له في عام واحد منذ العام 2002. وليس مستقبل عملات دول الخليج الأخرى أفضل حالاً.
وهناك سبب صغير يجعل دول الخليج تحط من قيمة عملاتها إن كانت تستطيع تجنب ذلك، وهو أن السلعة الرئيسية التي تصدرها (النفط) تسعر بالدولار، لذلك فلن يقدم تخفيض العملة الكثير لتعزيز التنافسية هنا. وفي الوقت نفسه، سوف يخلق إلغاء ارتباط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار حالة من عدم اليقين حيال أسعار الصرف، ما قد يضعف التنويع بعيداً عن النفط الذي تبذل الحكومات الخليجية الكثير من الجهود لتحقيقه. 
وبالإضافة إلى ذلك، وباستثناء الكويت التي تربط دينارها بسلة من العملات الأخرى، لدى جميع دول الخليج الأخرى نظام سعر صرف ثابت منذ العام 2003 على الأقل. وليس من المعروف إن كانت تملك القدرة البيروقراطية للتحول إلى ارتباط مُدار ومنظم آخر أو إلى سلة من العملات الأخرى.
 لحسن الحظ، رغم التوترات التي ترتبط بمستقبل الأسواق، هناك فرصة ضئيلة لحدوث انخفاض في قيمة عملات دول الخليج. والأفضل حالاً بينها هي الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت اللتان ستواصلان إدارة فوائض الحساب الجاري في العام القادم، والمتوقعة عند 11 مليار دولار (3.1 % من الناتج المحلي الإجمالي) و8.9 مليار دولار (7 % من الناتج المحلي الإجمالي) على التوالي، وفقاً لصندوق النقد الدولي. 
وليست المسائل واضحة فيما يخص السعودية، لكنها ما تزال تملك احتياطيات من 644 مليار دولار، أو ما يقارب 102 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمعاناة عجز في الحساب الجاري لا تتعدى نسبته الـ3.5 %.
وتبدو العملات الأخرى تواجه أوضاعاً أكثر خطورة. ربما تحتاج سلطنة عُمان والبحرين إلى 90 و77 دولاراً للبرميل، على التوالي، لتجعل صادراتها توازي وارداتها. وفي ظل سعر الـ50 دولارا للبرميل، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تعاني البحرين عجزاً في الحساب الجاري تبلغ نسبته 5.9 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام القادم، بينما ستكون نسبة العجز في السلطنة ضمن مستويات مرعبة تدور حول 24 % من الناتج المحلي الإجمالي. وتعرف كلا الدولتان بامتلاك أصغر احتياطيات بين دول الخليج الأخرى.
ووفقاً للأرقام، ستتمكن البحرين من تغطية عجز حسابها الجاري مدة 3 سنوات فقط، بينما لن تستطيع السلطنة تكبد عناءه أكثر من عام واحد. ولكن السعودية يمكن أن تساعد جاراتها بأن تقرضها إذا ما احتاجت إلى ذلك.

* "الإيكونوميست"