كأس الأردن لكرة السلة.. مستوى تنافسي مرتفع ووهن فني ملحوظ

لاعب الجبيهة محمود عمر خلال المباراة الأخيرة امام الأهلي أول من أمس -(تصوير: أمجد الطويل)
لاعب الجبيهة محمود عمر خلال المباراة الأخيرة امام الأهلي أول من أمس -(تصوير: أمجد الطويل)

أيمن أبو حجلة

عمان - تقترب منافسات كأس الأردن لكرة السلة من يومها الختامي، بعدما تأهل القطبان الكلاسيكيان الأهلي والأرثوذكسي إلى المباراة النهائية التي تقام مساء غد الثلاثاء، بعد سلسلة من المباريات المتلاحقة التي أقيمت في أقل من شهر واحد.

اضافة اعلان

البطولة كانت بمثابة بروفة لا أكثر لمسابقة الدوري الممتاز التي تنطلق بعد أيام، ولا يمكن الحكم من خلالها على قدرات الفرق في المنافسة على لقب الدوري، لكنها قدمت في الوقت ذاته، ملامح عن تشكيلات الفرق وكيفية تعامل مدربيها مع الأوراق المتاحة أمامهم.

المستوى العام للفرق لم يبشر بالخير، فطغت الفردية على الأداء الجماعي، ولم يترك المدرب المحلي البصمة المأمولة لتكوين هوية خاصة بفريقه، مع استثناء المدرب معتصم سلامة الذي تمكن من إيجاد صيغة تبرز قدرات الأرثوذكسي كفريق، بدلا من التركيز على قدرات لاعبين معينين يمكنهم تقديم الحلول الفردية.

الفريقان الأفضل فنيا هما من بلغ النهائي، بعدما عانت بقية الفرق من صعوبات فنية وإدارية، والآن أصبحنا بانتظار بطل جديد، فهل يكون الأهلي الذي سيطر على منافسات الموسم الماضي؟ أم الأرثوذكسي.. الفريق الوحيد الذي لم يستعن بلاعب أجنبي من بين فرق الدوري الممتاز في المرحلة الثانية من مسابقة الكأس؟

عودة الأجنبي

أهم مشاهد مسابقة الكأس، كانت عودة اللاعب الأجنبي إلى ملاعب كرة السلة الأردنية بعد غياب طويل، 5 فرق استعانت بلاعب من خارج البلاد خلال المرحلة الثانية، وظهر 3 لاعبين بمستويات جيدة هم غريغوريشون “سليم” ماغي (الجبيهة) وجوسيب ميكوليتش (الأهلي) وتشارليستون دوبز (الجزيرة)، فيما فشل لاعب كفريوبا ناثانيل بارفيلد في تقديم صورة جيدة عنه، وربما بسبب ضعف تشكيلة الفريق عامة مقارنة ببقية التشكيلات، أما لاعب الوحدات دراغان توباك (216 سم)، فمن المبكر الحكم على مستواه بعد ان شارك لدقائق معدودة أمام الأرثوذكسي أول من أمس بعد ساعات من وصوله إلى عمّان، بيد أن المراقب لتحركاته وتمركزه تحت السلة، لم يتفاءل حول إمكانية نجاحه.

3 لاعبين من الولايات المتحدة، واثنان من البوسنة، سيشاركون في الدوري الممتاز، ومن المتوقع أن ينضم الأرثوذكسي إلى الفرق المستعينة بالأجانب خلال الأيام المقبلة، ليرتفع العدد 6، فهل يحقق اللاعبون الاستفادة الكاملة من تواجدهم؟

دوليون تحت المجهر

لا بد من الإشارة إلى أداء اللاعبين أصحاب الخبرة الدولية خلال مسابقة الكأس، دون إصدار أحكاما مسبقة على مستوياتهم، نظرا لأن الفرق ماتزال في طور التأقلم والانسجام.

من بين لاعبي المنتخب الوطني الذين خاضوا مباريات دولية مع الفريق منذ شباط (فبراير) الماضي، شارك 10 لاعبين في مسابقة الكأس هم موسى العوضي ومحمد شاهر ومالك كنعان (الأهلي)، يوسف أبو وزنة (الأرثوذكسي)، محمود عابدين وأحمد حمارشة وسامي بزيع وخالد أبو عبود (الوحدات)، أحمد عبيد (الجبيهة)، وأشرف الهندي (الجزيرة).

ظهر كل من عابدين وبزيع بشكل جيد مع الوحدات الذي كان يتوقع أداء أكثر تأثيرا من قبل حمارشة، بينما لم يكن أداء خالد أبو عبود مرضيا مقارنة بما قدمه مع كفريوبا الموسم الماضي.

أبو وزنة بقي اللاعب الأبرز في صفوف الأرثوذكسي، بيد أنه عانى في أوقات من تشديد الرقابة عليه، ولم يصل كنعان إلى أفضل مستوياته بعد مع الأهلي، ونهض شاهر ليكون أبرز نجوم الفريق في نصف النهائي أمام الجبيهة، مستفيدا نم تواجد لاعب آخر طويل القامة إلى جانبه (ميكوليتش)، وهي مباراة غاب عنها العوضي بسبب الإيقاف، بعدما قدم أداء مميزا في المباريات السابقة.

من المبكر الحكم على تجربة الهندي مع الجزيرة، لكنه بالتأكيد كان النجم الأبرز في صفوف الفريق، أما عبيد، فاستفاد كثيرا من قدوم الأميركي ماغي، ليكشر عن أنيابه في المباريات الأخيرة ويقدم مستويات مقبولة.

السؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف يمكن لهذه الكوكبة من اللاعبين الاستفادة من منافسات الموسم الحالي ضمن مسعاهم لتطوير قدراتهم؟ والجواب يبدو سوداويا ويقول أن مقدار الاستفادة سيكون محدودا، وذلك بسبب ضف المستوى التنافسي العام، وقصر فترة المسابقة واقتصارها على 6 فرق.

وجوه تعيد اكتشاف نفسها

لن نقول أنها وجوه جديدة، لكن مسابقة الكأس، قدمت للجمهور بعض الأسماء التي لم تحصل على فرصتها في مناسبات سابقة، أو عادت بعد غياب لتبرهن على قدراتها المميزة.

يمكن القول أن لاعب الأرثوذكسي علي الزعبي، أعاد اكتشاف نفسه في الكأس، بعدما ابتعد لفترة من الوقت عن الملاعب، وأهم ما ميز الزعبي هو دوره القيادي في توجيه زملائه، فكانت كلمته مسموعة بينهم، كما أنه بدأ يستعيد حضوره البدني مع مرور الوقت، فكان نجم المباراة الأخيرة أمام الوحدات بعدما أحرز 18 نقطة.

من اللاعبين الآخرين الذي ظهروا بشكل جيد، نذكر محمود ماف الذي لعب في المركز رقم (4) مع الأهلي، وبرع في التفريغ لنفسه من أجل التصويب من خارج القوس، ليثبت أنه ورقة أساسية لا غنى عنها في صفوف الفريق.

من صفوف الجبيهة، لا بد من الإشارة إلى القدرات المميزة التي كشف لاعب الرياضي السابق محمود عمر عنها، فقد أجاد في أدواره الدفاعية، وبرع في التسجيل من كافة المواقع، ومن المتوقع أن يشكل دعامة حقيقية للمنتخب الوطني في السنوات المقبلة.

لكن وفي ظل الحديث المستمر عن تألق الثلاثي ماغي وعبيد وعمر في الجبيهة، لم يحصل محمد خلف على التقدير المناسب، خصوصا وأنه يعتبر من أمبز لاعبي المسابقة في مركز الـ”شوتينغ غارد”، وهو الذي يتمتع بهدوء يحسد عليه ودقة تصويب عالية.

ويبقى منير دعيس من اللاعبين الذين يواصلون تطوير قدراتهم، فظهر بشكل مميز مع الجزيرة، وبات من أكثر اللاعبين المحليين جرأة في الاختراق نحو السلة.

أين العنصر الشاب؟

يتوجب الإشارة أيضا، إلى عدم تحلي مدربي الفرق بالجرأة وإشراك اللاعبين الشبان، خصوصا ممن برزوا بشكل لافت في منافسات الدوري الصيفي الذي أقيم قبل أشهر، وكان جل المشاركين فيه من اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما.

الهدف من الدوري الصيفي كان تقديم منصة للاعبين الشبان للتعبير عن قدراتهم قبل انطلاق منافسات الموسم الجديد، لكن قلة منهم حصلت على مقاعد لها في تشكبلات الفرق، بعدما اعتذر لاعبون آخرون أمثال أدهم الدجاني عن عدم استكمال مشوارهم السلوي لفترة مؤقتة.

انضم اسحق مرقة إلى الأرثوذكسي دون أن يحصل على فرصة كاملة، وفي الدقائق القليلة التي شارك فيها، شاب أداؤه التسرع والتوتر، ما دفع مدربه معتصم سلامه لإعادته إلى مقاعد البدلاء، كما بقي العملاق غازي الصلاح أسير الدكة معضم الوقت، ولم يخض طلال بيتموني دقيقة واحدة مع الأرثوذكسي في المرحلة الثانية.

الحال نفسه ينطبق على نبيل أبو شريخ (الوحدات) ومحمد البدور ومحمد تكيدك (الأهلي)، أما شاكر شبير وعبدالله الشلة من الجزيرة، فبدا واضحا حاجتهما للمزيد من الاحتكاك من أجل خوض مباريات تنافسية من هذا النوع.

كفريوبا.. فترة حرجة

خاض كفريوبا مسابقة الكأس بقائمة غير مكتملة، ولم يستكمل معه المدرب د. ابراهيم العصعوص المنافسات، وسط غموض حول إمكانية إشرافه على الفريق في الدوري الممتاز، وهو ما يبعد الفريق في ظل الظروف الراهنة، عن مواقع المقدمة.

ظروف كفريوبا ليست خافية على أحد، فلم يتمكن من النادي من التعاقد مع أحد لاعبي النخبة خلال الفترة الماضية، ولم يحقق الاستفادة المرجوة من وجود الأميركي بارفيلد، ورغم اجتهادات نضال الشريف ويوسف شتات وزملائهما، فإن الفريق بدا لقمة سائغة لبقية الفرق، باستثناء الفوز المفاجئ الذي حققه على الجبيهة في مباراته الثانية بالمرحلة الثانية.

لا تبدو الأمور مبشرة بالنسبة لكفريوبا، ويبقى معرفة ما إذا كان الفريق قادرا على الاستمرار في ظروف كهذه، مع ضرورة تقديم اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة السلة المشورة الفنية والإدارية والتسويقية ، إذا ما رغب في بقائه على الساحة السلوية.

جمهور الوحدات

لا توجد بطولة ناجحة دون جماهير، هذه مقولة لم يستوعبها حتى الآن جمهور كرة السلة الأردنية، خصوصا جمهور الفرق العريقة والذي يطلق على نفسه تسمية “جمهور اللعبة الأصيل” مثل الأهلي والأرثوذكسي.

يحاول هذان الناديان، دعوة الجمهور للتوجه إلى صالة الأمير حمزة بمدينة الحسين للشباب بشتى الطرق، لكن الحضور الجماهيري حتى هذه اللحظة، لم يرتق للمستوى المأمول، مع آمال بإمكانية تحسن هذه الناحية في المباراة النهائية.

المتابع لنشاطات الأندية على منصات التواصل الاجتماعي، يشعر بجهودها في استقطاب الجمهور للمدرجات، لكن في بعض الأحيان يقدم فيه المسؤولون عن صفحات الأندية، معلومات مضللة توحي بأن المدرجات ستكون ممتلئة، لتتفاجئ بأن الجهة التي أعلنت عنها هذه الصفحة لتواجد جمهور الفريق على المدرجات، تكاد تكون خاوية عند بدء المباريات.

جمهور الوحدات شذ عن القاعدة، فكان حاضرا بقوة على المدرجات، وتوج نفسه نجما لمسابقة الكأس من خلال هتافاته وأناشيده، وإن خرج عن المألوف في مناسبتين، وتسبب في تغريم ناديه بعد رميه بقوارير المياه الفارغة على أرضية الملعب، إضافة إلى الاعتداء على إجاري نادي الجبيهة.

وبمناسبة الحديث عن الإداريين، يتوجب على مدير كل فريق أن يتحلى بمسؤولية عند انطلاق المباريات، استفزازات إداريي الجبيهة لجمهور الوحدات لم تكن مبررة وتدل على افتقاد الخبرة في التعامل مع المنافسات، كما أن إداريي فرق أخرى، لم يتعاملوا مع حالات التوتر بين اللاعبين كما يجب، فأشعلوا فتيل الأزمات بدلا من إخماد نيرانها.