كأس العالم للسيدات تمنح الأمل للفتيات السوريات اللاجئات - فيديو

عدد من اللاعبات اللاجئات يمارسن لعبة كرة القدم في مخيم الزعتري - (موقع فيفا)
عدد من اللاعبات اللاجئات يمارسن لعبة كرة القدم في مخيم الزعتري - (موقع فيفا)

عمان - فرّوا من ويلات الحرب المؤلمة ومن بين أزيز النيران، خرجوا وسط الركام، ولجأوا إلى أقرب مكان لبلادهم سورية، فإستقبلتهم الأردن وبدأوا العيش في مخيم أقيم لهم في محافظة المفرق. كانوا يترقبون العودة بسرعة لوطنهم ظنا منهم أن ما يجري هناك سينتهي بوقت قريب، لكن توالت الأيام ثم طالت الأشهر وأصبحت سنوات، لم يستطيعوا العودة حتى الآن وأصبحوا اليوم يحملون صفة لاجئين.
هناك في مخيم الزعتري يعيش عشرات الآلاف من السوريين في بيوت مؤقتة عبارة عن "كرفانات" متلاصقة، صحيح أن الخدمات العامة تم توفيرها وأصبحت الحال أفضل بكثير مما بدأ فيه المخيم قبل سنوات، لكنك أينما شاح ناظرك ترى تلك الوجوه الشاحبة الحزينة على محيّا الصغار قبل الكبار.
عندما تتنقل بين شوارع المخيم ترى تلك الساحات الواسعة التي تحولت لملاعب رياضية، وفي إحداها تمت دعوة 300 فتاة سورية تترواح أعمارهن ما بين 6-14 سنة لأحد أكبر الملاعب المخصصة للعبة كرة القدم، فهناك كانوا على موعد مع حدث فريد لم يعتادوا عليه البتة. توافدن من كل حدب وصوب عبر أروقة المخيم، تجمعوا في صفوف متناسقة وهم يتبادلون أطراف الحديث: ماذا سيحدث هنا اليوم؟
ما هي إلا لحظات حتى بأت تتكشف الأمور، لقد حضرت الجائزة المخصصة للفتيات اللواتي في مثل أعمارهن، وأخيرا ظهرت كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة، ارتسمت علامات الدهشة على الجميع، وعندما تم إخبارهن أن هذا هي الكأس التي سيتنافس عليها أفضل 16 منتخبا للفتيات ما دون 17 سنة بعد أسابيع قليلة في ملاعب الأردن، بدأت علامات السعادة تغيّر ملامح وجوههن. توجهت الأنظار نحو الجائزة الثمينة، وتحققت الأمنيات بمقابلة الكأس وأخذ صور تذكارية معها. ولعيش التجربة كاملة تم توزيع قمصان وكرات وحقائب أرسلها "فيفا" للمخيم حتى تمارس الفتيات لعبة كرة القدم وسط هذه الأجواء الجديدة.
وقالت ممثلة "فيفا" هني ثلجية "حضرنا إلى مخيم الزعتري لإيصال رسالتنا من خلال كرة القدم، ولنؤكد بصوت عال أنها للجميع دون استثناء. نعم كرة القدم لا تستطيع أن تحل النزاعات والحروب، ولكنها قادرة على إعطاء الأمل للاجئين والنازحين من ويلات الحروب، نحن ندرك بأن كل من يخرج من بلده في مثل هذه الظروف يجب أن يملك الحق بعيش آمن وكريم. اليوم الفتيات السوريات يبعثن برسالة للعالم بأنهن يستحققن العيش بكرامة ويمكنهن أن يندمجن مع بقية المجتمعات، صحيح أنهن صغيرات ولكنهن يملكن أحلاماً كبيرة وهذه الرسالة التي نريد إيصالها لهن: تجرأن واحلمن! نشكر كرة القدم ولقب كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة لأنهما رسما الإبتسامة على وجوه الفتيات".
كانت زيارة كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة إحدى الجولات المرتقبة التي ستقوم بها اللجنة المحلية المنظمة لنهائيات الأردن 2016 بالتعاون مع المفوّضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة والإتحاد الأردني لكرة القدم والسلطات الأردنية. وتُعتبر الفتيات والمدربين جزءا من مشروع طويل الأمد وضعه برنامج مشروع التطوير لكرة القدم الآسيوية، في المعسكر مع عدد من الشركاء مثل مؤسسة الإتحاد الأوروبي للأطفال والإتحاد النرويجي لكرة القدم.
المزيد من الأمل
"كرة القدم تعطيني الثقة بالنفس، شعرت أنها تتوافق مع أفكاري" تقول الفتاة السورية شيماء الناطور ابنة الـ13 ربيعاً والتي نزحت مع عائلتها من مدينة درعا على الحدود الشمالية، وتضيف "بدأت ركل كرة القدم بسن العاشرة، كنت أمارسها مع الأولاد في الشارع، أعجبتني الفكرة وتنقلت في مراكز اللعب ما بين الوسط والدفاع والهجوم وفي النهاية اخترت حراسة المرمى (تضحك) اخترت هذا المركز لإيماني بأنه يشكل أساس الفريق فهو الذي يدافع عن الشباك ولا يسمح بالخسارة".
تؤكد شيماء "رسالتي للجميع في الخارج، باننا وإن كنّا في مخيم للاجئين لكنا شعب يستحق الحياة، وبالنسبة لي كرة القدم هي جزء مهم من هذه الحياة، ففيها نعبر عن أنفسنا ونطلق العنان لمشاعرنا، وهي التي تنسينا الأحزان والآلام ولو لساعات قليلة كل يوم".
توزّعت الفتيات ليشكلن فرقا من 7 لاعبات وبدأن بخوض المباريات، ورغم أنه لا مجال لمتابعة كل ما يجري، إلا أنه لن يكون صعباً أن تلمح واحدة منهن تقوم بمهارات فردية متميزة وتسدد الكرة بقوة، وتراها تعاتب زميلاتها في حال اهتزت شباك فريقها. سألنها عنا وعرفنا اسمها، هي أنفال الجلم التي تبلغ من العمر 14 سنة، انتظرنا حتى أنهت اللعب وسألناها: ما علاقتك بكرة القدم؟ فقالت "هي أهم شيء الآن، وسط هذا المخيم تمنحني كرة القدم الأمل في الحياة، أمارسها بانتظام لمدة ساعتين كل يوم وما أحلاه من وقت، أجد نفسي مندفعة في الملعب ولا أمِّل من ملاحقة الكرة والتسديد نحو الهدف."
تضيف "ألعب مع فريق المنظمة الفنلندية منذ سنتين وأشارك في كل الأحداث التي تحصل هنا، قبل أسابيع عشت تجربة رائعة باللعب مع النجم الألماني مسعود أوزيل حين زار المخيم، واليوم أنا أرى حلما أكبر بتواجد كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة، بصراحة عندما رأيته اتقدتُ حماساً ولذلك رأيتني أعاتب زميلتي عندما سمحت للهدف أن يدخل مرمانا (تضحك رفقة زميلاتها). عرفت أن مباريات كأس العالم للفتيات ستكون هنا في الأردن، سيكون الأمر رائعا لو تمكنت من حضور بعض المباريات في ملعب مدينة الزرقاء القريبة من المخيم، أتوق إلى ذلك بالفعل. ربما تأتيني الفرصة في المرات القادمة وأكون في الملعب لأتنافس في مثل هذا المحفل الكبير".
إنتهى يوم جميل في ملعب مخيم الزعتري وبدأت الفتيات بتوضيب ما حصلوا عليه من أدوات رياضية، ثم ودّعن الكأس العالمية وقبل وضع الكأس في مكانها المخصص. لمعت عينيّ فتاة وهي تراقب هذه العملية، وسألناها ما الذي يعجبك فيه، لتجيب بسرعة "أحبب شكله وأخذت أفكر للحظات كيف سيكون شعوري لو حصلت عليه وأمسكت به بين يديّ (تبتسم)". هذه الفتاة الصغيرة هي ختام علي وتبلغ من العمر 13 ربيعاً وقد خرجت من منطقة الغوطة الشرقية في دمشق، وتلعب كرة القدم منذ ثلاث سنوات.
إذن ما الذي حفزك على لعب كرة القدم؟ تجيب ختام “بصراحة والدي يعشق كرة القدم كثيرا ولا ينفك يبدل القنوات التلفزيونية لمتابعة أبرز المباريات، ولكن عندما تحين مباراة لفريق الأهلي السعودي حتى يتسمّر دون حراك. كنت أساله ما الذي يشدك في الأهلي، فيجبني إنه ابن بلدنا عمر السومة، (اللاعب السوري المحترف). كلما تحدث أبي عن السومة وتابع المباريات رغبت بركل الكرة، ومنذ ذلك الوقت وأنا العبها مع الفتيات في المخيم وأتابع المباريات مع والدي، أصبحت كرة القدم ركيز مهمة في حياتي اليومية".
عاشت الفتيات تجربة أقرب للخيال، فرؤية جائزة كأس العالم للسيدات تحت 17 سنة أمامهن كانت بمثابة الصدمة الجميلة التي منحت الكثير من الأمل لهن في البحث عن مستقبل أفضل إشراقاً، حيث ستظل كرة القدم المتنفس الحقيقي للاجئات. - (موقع فيفا)

اضافة اعلان

لمشاهدة الفيديو: