كأنها أمة افتراضية

فمثلما أن الأمة العربية غير موجودة في الواقع، لأنها غير قائمة في وحدة إقليمية واحدة، ومن ثم فهي أمة افتراضية (Virtual) مقسمة إلى شعوب وأقطار لكل قُطر قراراته الداخلية والإقليمية والدولية التي قد تلتقي أو لا تلتقي مع قرارات جيرانه فيها، فإن الأمة الإسلامية كذلك غير موجودة في الواقع، لأنها غير قائمة في وحدة إقليمية (واحدة) ومن ثم فهي أمة افتراضية (Virtual) مقسمة إلى شعوب وأقطار لا يدري الواحد منها عن الآخر ولا ينسق حتى مع الجار منها. والحقيقة أنه توجد خلافات جوهرية بين شعوب وأقطار "الأمة العربية" ليس بالإمكان تسويتها في المدى المنظور، ومثلها موجود بين شعوب وأقطار الأمة الإسلامية. الفرق أنه لتجاوز غضب الشعب/ القطر العربي الذي نذم سياسته فإننا نلجأ إلى التعميم لننجو "فنسب" الأمة العربية ونحن نقصد ضمناً قطراً عربياً، تجنباً للمساءلة، ولكننا لا نسب الأمة الإسلامية، لأن الإسلاميين والإسلامويين منظمون ويتنطحون لنا، وقد يغتالوننا أو يفجرون فينا. ولما كان الأمر كذلك، فما هي أو أين هي القضية العربية التي يتحدثون عنها وينسبون إلى شعب أو قطر عربي شرف الدفاع عنها؟ هل هي قضية الوحدة؟ لكننا لا نشاهد بالعين، ولا نسمع بالأذن، من يتحدث عنها أو يدعو إليها. هل هي قضية فلسطين؟ لكننا لا نشاهد بالعين ولا نسمع بالأذن قطراً عربياً متبنياً استراتيجياً لها ومعتبراً إسرائيل العدو الحقيقي. ينطبق القول نفسه على الأمة الإسلامية: هل يتحدث شعب/ قطر إسلامي أو يدعو إلى الوحدة الإسلامية، ويطوع سياسته من أجلها؟ ربما يستعيدون هنا مقولة عبد المطلب لأبرهة الحبشي الذي كان ينوي تدمير الكعبة وهي: "للبيت رب يحميه"، ومن ثم فهم تاركون الأقصى للرب يحميه ولإسرائيل تتصرف به كما تشاء. ******* في مساء يوم 19/11/2018 رأيت على شاشة تلفزيون المملكة الصاعد، جملة من العبارات التربوية المتتابعة، تلاها حديث لخبيرة في شؤون التعليم. وقد دهشت من وصف تلك العبارات بمخرجات التعليم المطلوبة في المدرسة لأنها ليست مخرجات وإنما توصيات أو مدخلات. مدخلات التعليم هي المعلم/ة والإدارة التربوية، وقوانين التعليم، والمناهج والكتب المدرسية، والدورات، والندوات والمؤتمرات والمشاغل والبعثات... والمرافق جميعاً والسياسة العامة والدولة والنظام الدولي المضافة إلى الطفل الخام، وهدفها تخريج فتيان وفتيات قادرين على النجاح في التعليم العالي، أو العمل أو في السباحة في بحر العولمة. وتحدد مقدمة المادة الرابعة (الأهداف العامة) في قانون التربية والتعليم المخرجات الأردنية المطلوبة من التعليم العام كما يلي: 1. تكوين المواطن المؤمن بربه، 2.والمنتمي لوطنه وأمته، 3. المتحلي بالفضائل والكمالات الإنسانية، 4. النامي في مختلف جوانب الشخصية الجسمية والعقلية والروحية والوجدانية والاجتماعية". وهي مخرجات جميلة ولكن أقوى الدول في التعليم تعجز عن تحقيقها، مما يستدعي بعض التواضع. "ماذا لو قلنا: وتتمثل بتخريج فتى/فتاة يقرأ ويكتب ويحسب جيداً، ويعبر عن أفكاره بوضوح، منتمٍ لوطنه وأمته وإنسانيته، ومتحلياً بالأخلاق السامية، وقادراً على الالتحاق بالتعليم العالي أو بسوق العمل بنجاح". مثل المدخلات مثل مواد البناء جميعاً بما في ذلك التصميم الهندسي والأعمال التي يقوم بها العمال والمهندس المشرف على العمل. أما مخرجاتها فهي البيوت والعمارات والجسور... يبدو أننا بحاجة ماسة إلى إعادة تعليم كثير من التربويين، وليس بعض المسؤولين الطارئين على التربية والتعليم ليفرقوا بين المدخلات والمخرجات (النتاجات) وإلا فإن أقوالهم وأعمالهم لن تصح، والطامة ستظل ضائعة.اضافة اعلان