كابوس القاعدة على حدود العراق وسورية

مقاتلون من تنظيم القاعدة يلوحون باسلحتهم خلال موكب في بلدة سورية - (رويترز)
مقاتلون من تنظيم القاعدة يلوحون باسلحتهم خلال موكب في بلدة سورية - (رويترز)

تسفي برئيل -هارتس
لم تُنشئ منظمة القاعدة إلى الآن دولة لها، وتتناول التقارير أيضا عن نية المنظمة إنشاء دولة إسلامية على حدود العراق مع سورية، تتناول في الأساس رؤيا أو حلما أكثر مما تتناول قدرة عملية.اضافة اعلان
إن المنطقة الجغرافية التي تتناولها التحذيرات تقع بين مدينة نينوى في شمال غرب العراق وبين محافظة الحسكة في شمال شرق سورية. إن نينوى قريبة جدا من الموصل ومن الإقليم الكردي ذي الحكم الذاتي، ويسكن في محافظة الحسكة السورية أكثر السكان الأكراد السوريين. وقد تسلح الاكراد عن جانبي الحدود بسلاح كثير وذخيرة وهم يحاربون نشطاء القاعدة، في حين يستعين المواطنون في أجزاء من منطقة نينوى العراقية بقوات المقاتلين الاكراد، البشمارغا.
ويستعين نشطاء القاعدة بقوات اسلامية سنية في الجانب العراقي وفي المعركة في سورية، لكنهم يُجرون في نفس الوقت حروبا عنيفة لحركات ومنظمات سنية تعارض نشاط القاعدة. إن إنشاء إمارة اسلامية مستقلة سيجعل المنظمة هدفا مريحا للهجوم عليها من قبل حكومة العراق والقوات الكردية أو هجمات من الجو كما يحدث في اليمن التي لم تنجح فيها القاعدة ايضا برغم كون الحكم فيها أضعف مما هو في العراق، في انشاء إمارة.
يعتمد نشاط القاعدة في كل مكان عملت فيه المنظمة أو تعمل على مساعدة مددية مدنية. هكذا كانت الحال في افغانستان وهي كذلك في اليمن حيث يتزوج نشطاء القاعدة بنساء محليات كي يُقبلوا جزءا من المجتمع. لكن المنظمة تحارب في سورية اربع جبهات وهي: الجيش السوري، وعصابات الثوار المسلحة، ومنظمات اسلامية تعارض ايديولوجية القاعدة وسبل عملها ومواطنون يخشون سيطرة القاعدة على مناطق في بلدهم، ولا سيما أن جزءا كبيرا من محاربي المنظمة ليسوا سوريين بل متطوعين من دول أخرى. وتبتز المنظمة المواطنين المساعدة المددية بالتهديد وبالعنف المخيف كقطع الرؤوس وحرق الكنائس وخطف المواطنين.
الوضع في العراق مختلف. كانت القاعدة في ذروة شعبيتها في السنوات 2005 – 2007 حينما نجحت في أن تُجند لدعمها أجزاء من السكان السنيين ولا سيما في مدينة الفلوجة وفي محافظة الأنبار السنية، عاونوا المنظمة لضرب النظام الشيعي لا لبواعث دينية أو عقائدية. لكن حينما دخلت العراق مرحلة المصالحة الوطنية وبدأت اجراءات رسمية لتثبيت النظام بوسائل ديمقراطية جندت القبائل السنية نفسها ولا سيما في محافظة الأنبار وانشأت عصابات مسلحة (الصحوات) لمدافعة القاعدة وقتالها، اشتغلت ايضا بجمع معلومات استخبارية ساعدت الجيش الاميركي في أن يحارب قواعد القاعدة.
اكتسح نشاط هذه العصابات المسلحة نجاحات كثيرة ضاءلت كثيرا عمليات الارهاب في العراق. وتعمل الآن ايضا منظمات مسلحة سنية على القاعدة لكن عدد مقاتليها قلّ كثيرا (نحو من 40 ألف مقاتل قياسا بـ 100 ألف قبل ست سنوات). والمشكلة هي أن مكانتها بين السكان السنيين تعاني ضعفا شديدا لأنهم يُرون مقاتلين مع حكومة العراق الشيعية التي يصارعها السنيون صراعا سياسيا عنيفا قويا منذ نحو من سنة.
يزعم السنيون أن حكومة نوري المالكي دفعتهم الى الهامش، ولم يتم الوفاء بالالتزامات التي أُعطيت لهم في الماضي، والنفقات التي تُحول الى محافظاتهم ضئيلة ولم يحظوا بانجاز حقيقي منذ سقوط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ويقوم أعيان القبائل السنية في السنة الاخيرة في محافظة الأنبار باحتجاج على الحكومة أساسه اغلاق شوارع رئيسة بين العراق والاردن وسورية واضرابات جلوس وعصيان مدني يتدهور احيانا ليصبح صدامات مسلحة.
يتوقع بعد اربعة أشهر أن تُجرى انتخابات البرلمان العراقي وهي الاولى منذ غادرت القوات الاميركية الدولة، وتختلف الآراء بين السنيين هل يشاركون فيها أم يقاطعونها ويرفضون شرعيتها بذلك. ويعتقد جزء من القيادة السنية أنه تجب المشاركة في الانتخابات وانشاء حلف قوي مع جزء من الحركات الشيعية وأن يُضمن بذلك انجازات سياسية وميزانية. ويُقدر جزء آخر أن السنّيين لن يستطيعوا مواجهة حلف شيعي كردي ولهذا يُفضل الامتناع من المشاركة في الانتخابات. لكن توجد قلة سنية تؤيد عصيانا عنيفا للنظام وهذا هو الجزء الذي يعاون الآن نشطاء القاعدة في العراق لكن هذا دعم محدود الضمان. فاذا نجح نوري المالكي في مُصالحة القيادة السنية فقد يجد فيها شريكا فاعلا على القاعدة.
إن الغضب السني وادارة المالكي المختلة للسياسة الداخلية يعملان في مصلحة القاعدة التي ما زالت تنفذ عمليات في أنحاء العراق بل نجحت في السيطرة على مركز مدينة الفلوجة. وتُعد حكومة العراق الآن هجوما مضادا كبيرا على مدينة الفلوجة التي كانت في الماضي رمز مقاومة القوات الاميركية. لكن إبعاد القاعدة عن الفلوجة ايضا لا يضمن الهدوء في العراق ما لم تستجب الحكومة لمطالب السكان السنيين. وفي سورية في المقابل نجح مقاتلو القاعدة في الاستيلاء على معابر حدودية والسيطرة على أحياء متفرقة في عدد من المدن وعلى جزء من المناطق القروية في ظواهر المدن الكبرى. لكن ليس للقاعدة بخلاف ما يوجد في العراق شريك بين أكثر السكان. وهكذا سيكون من الصعب جدا إنشاء دولة القاعدة.