كارثة.. وضربة مؤلمة!

قرار الكويت وقطر بتقليص الجامعات الأردنية المعتمدة لدراسة طلبتهما في الأردن، جاء بمثابة الضربة الموجعة، ليس فقط للمستثمرين في قطاع التعليم، بل أيضا لسمعة التعليم في بلد فاخر على الدوام بنوعية خريجيه!اضافة اعلان
تصريحات وزير التربية والتعليم د. وليد المعاني التي حاول من خلالها التقليل من شأن القرار، وتفسيره بمنحى "توزيع الطلبة على الجامعات الأردنية"، أو "إعادة توطين التعليم"، جاءت كمن يغمض عينيه لكي لا يرى الحقيقة، أو من أجل عدم الاعتراف بالكارثة التي وصل إليها حال التعليم لدينا.
خلال العقود الثلاثة الماضية، مر التعليم لدينا بمتغيرات دراماتيكية، أطاحت به من القمة التي كان يتربع عليها. أولى تلك التغيرات التوسع الحكومي في منح الرخص لإنشاء دور التعليم الخاصة، سواء المدارس أو الجامعات، بينما هناك قناعة لدى كثير من المختصين بأن الحكومة لم تفرض رقابتها الحقيقية ولا سلطتها على تلك الجامعات، فيما القناعة تتوسع لتعتبر أن بعض تلك الجامعات ساهمت في انخفاض مؤشر جودة التعليم الأردني من خلال ضعف مخرجاتها.
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، خضع التعليم في الأردن لمركزية صارمة اقتربت فيه من الانضباط العسكري، ما أسهم في التأسيس لمعايير جودة جعلت من الخريج لدينا واحدا من أفضل الخريجين العرب، فسافر الأردنيون إلى البلدان المجاورة؛ معلمين ومهندسين وأطباء وغير ذلك، وأسهموا في نهضة تلك البلدان، وكانوا في طليعة أقرانهم العرب.
هذا الأمر فتح العيون على نوعية التعليم الأردني، لذلك حرصت بلدان عربية عديدة على أن يوفدوا طلبتهم للدراسة في جامعاتنا، والتي اشتملت وقتها على نخبة من أفضل الأكاديميين العرب.
لكن الوضع تغير كثيرا من تلك الفترة، معايير الجودة التي تعتمدها الجامعات اليوم هي من أجل ذر الرماد في العيون لا غير، إذ لا يتم التثبت من تطبيقها، بينما الكوادر الأكاديمية ليست هي الأفضل، خصوصا بعدما فتحنا الباب واسعا لطلبتنا لنيل الشهادات العليا من جامعات عربية معترف بشهاداتها، وسمحنا لهم أن يكونوا أساتذة مدارس وجامعات!
لكن، الكارثة الكبرى التي حلت بالتعليم الجامعي، هي انسحاب الدولة من هذه العملية، وتخفيضها الدعم للجامعات، وموافقتها على أن تكون الجامعات مثل أي "مول" تجاري بتطبيقها البرنامج الموازي الذي استقطبت الجامعات من خلاله جميع أنواع الطلبة لتحقيق وفر مالي تسد به عجزها.
هذه الأخطاء ندفع ثمنها اليوم، وسوف نحتاج إلى ثورة تعليمية شاملة لكي نستطيع تجاوز آثارها الكارثية.
يدرس في الأردن اليوم زهاء 42 ألف طالب من 105 جنسيات، بحسب الوزير المعاني الذي يأمل في أن يصل العدد إلى 70 ألفا، وهو يجادل بأن "التعليم الأردني بخير". لكن الثابت هو أن التعليم الأردني ليس بخير، ونخشى أن يهبط عدد الطلبة العرب والأجانب في جامعاتنا إلى بضعة آلاف في غضون أعوام قليلة!