كاميليا شحاته و مناهج التعليم في تكساس..هيستيريا جماعية

تضيق الأرض بساكنيها. ولم يعد الآخر المختلف يطاق. موجات كراهية تسونامية تضرب في كل مكان. وكأن الحل في أن يقيم كل أهل مذهب وطائفة على كوكب منفصل، وما يطفو على السطح من رأس جبل الجليد ينذر بما ترسب في القاع.

اضافة اعلان

مصر كلها تقف على رجل واحدة من أجل "كاميليا شحاته"، وسواء أسلمت أم لا فهي ليست السبب في ظهور كل هذا القدر من الكراهية والاستقطاب في الطرفين، فهي "قلوب مليانة" لا مجرد رمانة. ولنا أن نتخيل لو أن الموساد جند معتوها قبطيا أو مسلما، وسيجد الكثير، وفجرا مسجدا أو كنيسة متى ستنطفئ نار الفتنة؟ وكم سيقضي فيها؟ ألم يفجر الموساد كنسا يهودية في مصر من أجل تشجيع الهجرة إلى فلسطين المغتصبة؟ ولماذا لا يفعلها الآن؟ أم أن انحطاطنا سابق على كل المؤامرات؟

ألا يمكن أن ينشغل أهل الدين، أقباطا ومسلمين، في قضايا أكثر أهمية، فأيهما أهم كاميليا أم النساء اللواتي يتعرضن للتحرش في أماكن عامة؟ فقد أظهرت دراسة أجراها المركز المصري لحقوق المرأة في 2008 أن 83 في المائة من النساء المصريات، و 98 في المائة من الأجنبيات تعرضن لتحرشات مختلفة مثل اللمس والكلام أو الملاحقة وغيرها.

ولماذا لم نشهد هذه الحماسة في قضايا مثل حصارغزة الذي أُزهقت بسببه أرواح بريئة من المسلمين والمسيحيين؟ ولماذا لم نشهد غيرة على السودان الذي يوشك على الانفصال. وفي دولة الجنوب التي يشكل اللادينيون أكثرية سكانها سينشط التبشير الاستعماري الذي لا علاقة له بالتدين. ومسلمو الجنوب سيكونون عرضة للتهجير والاضطهاد.

فوق ذلك أيهما أولى للقبط والمسلمين نشر قيم الدين من نزاهة ورحمة وعفة وتسامح في أوساط كل طائفة أم اقتناص أفراد قلائل يعاملون باعتبارهم مرتدين لدى كل طرف.

بعيدا عن دول الانحطاط، أميركا التي قامت على التعدد وحرية الأديان والتنوع، يعلن مجلس مدارس ولاية تكساس الأميركية أنه يعتزم إجراء تصويت اليوم الجمعة (أمس) على مشروع قرار يشجع الناشرين على عدم تضمين الكتب المدرسية أي عبارات مؤيدة للإسلام. ومن بين الشكاوى التي يسوقها مؤيدو مشروع القرار غير الملزم، كتبرير لمثل هذه الخطوة، أن بعض الكتب المدرسية في الولاية تخصص أسطرا للحديث عن الإسلام أكثر مما تخصصه للمسيحية، كما أن تلك الكتب تتضمن رسوما تتماهى مع الثقافة الإسلامية. أما منتقدو المشروع فيعتبرون أنه يعتمد في مضمونه على قراءة خاطئة لكتب مهملة ولم تعد قيد الاستعمال. وكان مجلس التربية في تكساس قد اعتمد في شهر أيار (مايو) الماضي دليلا يحتوي على مبادئ توجيهية يقول منتقدوها إنه جرى تضمين الكتب المدرسية "أفكارا سياسية محافظة".

بدلا من التساوق مع هيستيريا الكراهية أليس في مصلحة أميركا أن يدرس أبناؤها الإسلام ويتعرفوا عليه بدلا من الجهل الذي يورث العداوة. يبدو أن المثل الشعبي "إذا جن ربعك لا ينفعك عقلك" غدا معولما.