كبار السن: إصرار على الصيام رغم المحاذير الطبية والإجازة الشرعية

عدد من كبار السن يصرون على الصيام رغم وجود رخصة للبعض بالإفطار - (mct)
عدد من كبار السن يصرون على الصيام رغم وجود رخصة للبعض بالإفطار - (mct)

منى أبو صبح

عمان- لم تستطع عائلة السبعيني أبو بكر إقناعه بعدم الصوم في الشهر الفضيل، استجابة لنصائح الأطباء وتأكيدهم أن الصوم يؤثر على صحته سلبا، خصوصا مع كثرة الأمراض التي يعانيها منها الضغط والسكري وقصور الكلى وفقدان للوزن.اضافة اعلان
يقول ولده بكر "يتناول والدي العديد من الأدوية طوال اليوم، ولديه إبرة الأنسولين أيضا، وأكد له الطبيب أن الصوم يؤثر سلبا عليه، لكن إجابته لم تتغير ومنذ سنوات وهو يقول: الأعمار بيد الله".
يضيف بكر "حاولت وأشقائي إقناع الوالد أن الإفطار رخصة من الله تعالى، ويمكنه حتى لا يشعر بالتقصير أن يتصدق ويقوم بالعديد من أعمال الخير التي يحتاجها الفقراء والمساكين، فلم يكن منه سوى تأكيد القيام بهذه المهام تقربا لله تعالى إلى جانب الصوم".
والعديد من كبار السن "المرضى" يصومون متمسكين بإحدى فروض الإسلام، رغم الإجازة الشرعية بإفطار المريض، متناسين المضاعفات التي قد تحصل، وإمكانية أن يكونوا معرضين لخطر حدوث مضاعفات مثل نقص سكر الدم.
ونشب خلاف بين الحاجة أم وائل وأبنائها حول الصوم أيضا أثناء رقودها على سرير العلاج في أحد المستشفيات، فقد خالفت تعليمات الأطباء وأصرت على الصوم، مما أخر في علاجها، وزاد من سوء حالتها الصحية.
تقول ابنة أم وائل "انتكست حالة والدتي الصحية العام الماضي بسبب الصوم، ولم تستجب لنصائح الأطباء، وعندما ذهبت للعلاج وبدأت تتعافى، صامت مخفية هذا الأمر عن الجميع، إلا أن إحدى الممرضات أبلغتنا بأنها لا تتناول وجباتها".
وعن رأي المسنين، يقول الحاج أبو مالك (73عاما) "رغم إصابتي بالعديد من الأمراض والحمد لله على كل شيء، إلا أنني لا أستطيع الإفطار، وأختلف مع أبنائي كثيرا بسبب ذلك، لكني عندما أصاب بالدوخة وعدم التوازن أضطر للإفطار".
ويضيف "أحرص على شرب السوائل وتناول الأغذية الصحية وباعتدال".
الطبيب العام د. عبد الوهاب عوض، يبين أن كبار السن الذين يتمتعون بصحة جيدة ولا يعانون من أي حالة صحية خطيرة يمكنهم الصوم، لكن كبار السن المصابين بالسكري والضغط والقلب فعليهم تجنب الصوم، حتى لا يتعرضوا للخطر.
ويوضح الدكتور عوض أن مضاعفات السكري في حالة الصيام للمرضى الذين يتعاطون إبر الأنسولين خطيرة، وهؤلاء (إجباري) عليهم الإفطار، بينما مرضى السكري الذين يتناولون الأدوية (الحبوب) يمكنهم الصوم إن لم يعانوا من أمراض أخرى ينجم عنها أضرار بالغة على صحتهم.
الى ذلك، يستحسن استشارة طبيبهم المختص في استحباب الصوم أو تجنبه.
يقول "ساعات الصيام طويلة، ومع ارتفاع درجات الحرارة قد يتسبب ذلك بإصابة كبير السن المريض بجلطة دماغية، كما أن مرضى القلب قد تنتابهم ذبحة صدرية لا قدر الله".
وينصح الدكتور عوض كبار السن الصائمين بضرورة شرب الماء والسوائل بكثرة، وعلى فترات متقاربة بعد الإفطار، كما يجب أن تكون الوجبات صحية تحتوي على العناصر الغذائية المختلفة، ويفضل أن تكون منخفضة السعرات الحرارية وسهلة الهضم ومنخفضة الدهون.
أستاذ علم الفقة والدراسات الإسلامية منذر زيتون، يبدأ بقوله تعالى "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له"، مبينا أن الذين يصومون بشدة مطلوب منهم أن يفطروا ويفدوا عن كل يوم يفطرونه.
ويضيف أن كبير السن له جانب من المسامحة والتسهيل والفدية من أجل الصيام، فإذا خاف أن يذهب عليه الأجر يمكنه الفدية، وهي زيادة على الأجر كون حالته الصحية والشيخوخة منعته من الصيام.
ويبين زيتون أن كبير السن إذا كان مريضا جدا والصيام قد يؤدي إلى مضرة، فالدين يجيز له الإفطار، فالإنسان مطلوب منه الصيام بدون مشقة تخالف جسده من الراحة، والأصل أن يفطر كبير السن المريض حتى "لا يكون في صيامه معصية" كونه يجهد نفسه.
ويضيف زيتون أن العلماء يؤكدون دائما أن كل حكم شرعي قطعا يؤدي إلى مصلحة، لكن إذا أدى الحكم الشرعي إلى مفسدة فيعد معصية لأنه أدى لخلاف ما قصد.
ويلفت استشاري الاجتماع الأسري مفيد سرحان، إلى أن الإنسان الذي يعتاد على الصوم يصعب عليه عدم الصيام، وفق سرحان، وذلك متمثل في كبار السن الذين يصرون على الصيام بعد تقدم العمر بالرغم من وجود رخصة للبعض بالإفطار وعدم الصيام نظرا لحالته الصحية أو إصابته ببعض الأمراض التي قد يؤثر الصيام سلبا على حالته.
ويقول "هؤلاء الأشخاص ونظرا لاعتيادهم الصيام لسنوات عديدة ربما يرون في الإفطار حتى وإن كان مسببا أمرا غير مقبول، فهم لا يستطيعون أن يتخيلوا أنفسهم في شهر رمضان وهم غير صائمين، وهذا بسبب الثقافة الموروثة والحرص على شهر رمضان المبارك وصيامه".
ويضيف "وربما النظرة الاجتماعية عند البعض بأن الصيام مقدم على كل الاعتبارات الأخرى حتى الطبية منها، وإن كان هذا الأمر عند الأقل تقدما في السن غير موجود بهذه الصورة؛ حيث يأخذون برخصة الإفطار سواء في المرض أو السفر أو في غيرها من الأعذار التي تبيح الإفطار".